يكافح مزارعو البن في أميركا اللاتينية لإنقاذ محاصيلهم بعد سنة سجلت خلالها مستويات استثنائية من الجفاف، ما يجعلهم يدركون أن التغير المناخي بات واقعاً لا مفر منه. ومن هؤلاء المزارعين ادريان هرنانديز من كوستاريكا، الذي يشرف على مزرعة تمتد على خمسة هكتارات في بارفا دي ايريديا، على بعد 15 كيلومتراً شمال العاصمة سان خوسيه. وإن كان الجفاف هذا العام جنبه الآثار الضارة لنوع من الفطريات ينمو في موسم المطر الحار، وبات اكثر انتشاراً في السنوات الماضية مع ظهور اثار الإحترار المناخي، الا انه تسبب بكارثة اخرى وهي نقص المياه. ويقول ادريان هرنانديز: "من الصعب جداً ان نواصل عملنا هكذا... وفي حال لم تمطر، سنكون مضطرين لدفع نفقات باهظة للري الاصطناعي، وهو ما يحيل تجارتنا الى خسارة". وتتأثر منطقة أميركا الوسطى في شكل كبير بالتغيرات المناخية، فهي واقعة على مضيق بين المحيط الاطلسي والمحيط الهادئ، الأمر الذي يجعلها عرضة لظواهر مناخية قاسية، منها الأعاصير والأمطار الغزيرة جداً والجفاف، وهي تلقي بأثر كبير جداً على الزراعة، بحسب ما تشرح عالمة الأحياء والمسؤولة في الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة روسيو كوردوبا. وتقول كوردوبا: "نلاحظ وجود مؤشرات على ان المناخ آخذ بالتغير، في ما مضى كان المزارعون يعتمدون على توالي الفصول والاشهر، لكن هذا الامر لم يعد يصح اليوم، فأمطار أيار (مايو) تتأخر، ومدد موجات الحر باتت اطول من ما اعتدنا عليه". وتشدد الباحثة على ضرورة البدء بالتكيف مع هذه الظروف، وترى ان ذلك يبدأ بحسن ادارة الموارد المائية. ويعاني آلاف المزارعين في اميركا الوسطى من الفطريات التي ظهرت في العام 2012، وصارت تغزو المزروعات على نطاق واسع، وقد اصيبت 60 في المئة من المساحات المزروعة بها، ولاسيما على السواحل المطلة على المحيط الهادئ. ويقول فرانسيسكو ايالا الذي يزرع البن في جبال شرق السلفادور: "ازاء قوة تفشي الفطريات، والجفاف الذي يضرب المنطقة حالياً، قرر كثير من المزارعين التخلي عن مهنتهم". ومع انخفاض اسعار البيع الى 1.21 دولار للرطل الواحد من البن في شهر آب (أغسطس) بحسب "المنظمة الدولية للبن"، اصبح المزارعون المحليون الذين ينتجون 9 في المئة من البن في العالم، يواجهون صعوبات كبيرة للحصول على الاستثمارات اللازمة للتكيف مع الظروف المناخية الجديدة. وتسعى الحكومات الى تقديم يد العون مالياً وتقنياً، في محاولة لدعم قطاع يشغل مليوني شخص في اميركا الوسطى. ويقول ريكاردو رودريغز من معهد البن في كوستاريكا، ان دعم الحكومات مهم "لكن ينبغي تعلم كيفية مواجهة التغير المناخي، واعتماد وسائل جديدة لزراعة البن تختلف عما كان سائداً". ويضيف: "علينا ان نتحكم بالزراعة وأن نجدد المزروعات لنحصل على نبتات في اعلى مستويات الأنتاج، ولم نلتفت الى هذا الامر في الشكل الكافي بعد". ويقول ادريان هرنانديز انه فهم هذا الامر، وهو ما جعله قادراً أكثر على تخطي الصعوبات. فهو لم يعد يلتزم مثلاً بالأوقات المحددة لرش مبيدات الفطريات، بل يفعل ذلك بوتيرة مختلفة ويختبر أنواع مختلفة من المواد المستخدمة تجعل من المزروعات اشد مقاومة للفطريات. إلا أن تجديد نبات البن مسار بطيء ومكلف، ومعظم المزارعين لا يتمكنون من احتماله، بحسب رودريغيز الذي يدعو الحكومات والمنظمات الدولية الى التدخل في هذا الاطار.
مشاركة :