مسرحية انتخابية إيرانية.. ومقاطعة شعبية واسعة

  • 6/18/2021
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

ناشد الرئيس الإيراني حسن روحاني الناخبين تنحية شكاواهم جانبا والمشاركة في الانتخابات الرئاسية اليوم التي يقاطعها عدد قياسي من المواطنين بسبب الصعوبات الاقتصادية والإحباط. والمرشحان الرئيسان هما رئيس السلطة القضائية المحافظ إبراهيم رئيسي ومحافظ البنك المركزي السابق المعتدل عبدالناصر همتي، بعدما منع مجلس صيانة الدستور عدة مرشحين بارزين من خوض الانتخابات بينما انسحب آخرون. ومع انتهاء الحملات الانتخابية حث الرئيس روحاني، المعتدل نسبيا، الإيرانيين الخميس على عدم السماح "لأوجه القصور لدى أي مؤسسة أو جماعة" بأن تبعدهم عن التصويت، في إشارة على ما يبدو إلى مجلس صيانة الدستور. وتشير استطلاعات الرأي الرسمية إلى أن نسبة المشاركة قد لا تتجاوز 41 % وهي نسبة تقل كثيرا عن الانتخابات السابقة. وفضلا عن الغضب بسبب حرمان مرشحين معتدلين بارزين من خوض الانتخابات، تشمل شكاوى المواطنين الصعوبات الاقتصادية بسبب العقوبات الأميركية وكذلك الفساد الرسمي وسوء الإدارة والحملة على الاحتجاجات التي اندلعت بسبب رفع أسعار الوقود في 2019. كما تراجعت ثقة الشعب في المؤسسة الحاكمة بعد إسقاط طائرة أوكرانية عن طريق الخطأ في إيران كانون الثاني من العام الماضي مما أدى لمصرع 176 شخصا. وتتصاعد أصوات الذعر من المقاطعة على مستوى البلاد من جميع مفاصل النظام؛ من الإذاعة والتلفزيون إلى وسائل الإعلام الأخرى التي تديرها الدولة، ومن منابر الجمعة للخطباء المتاجرين بالدين وإلى مرشحي السيرك الانتخابي؛ ومن قادة النظام وإلى السلطات الحكومية. الكل منزعج من المقاطعة الوطنية لمهزلة الانتخابات الفاضحة وتداعياتها، ويلتمسون ويدعون للمشاركة فيها بلغات مختلفة. قبل كل شيء، لجأ الولي الفقيه مرتين إلى سلاح الفتاوى المتصدئ، حيث وصف ذات مرة عدم التصويت بأنه إثم كبير ومرة أخرى قال إن التصويت واجب عيني، وبما أنه لا أحد يكترث بفتاوى هذا المرجع المصنّع بين عشية وضحاها، التمس من بعض مراجع الدين الحكومي. حيث أصدر مكارم شيرازي فتوى مفادها أن "حضور الانتخابات واجب إلهي"، وأصدر نوري همداني فتوى: "الانتخاب حضوري وواجب ديني وفكري". وفي نفس الوقت بالطبع صمت مراجع آخرين له معنى ومغزى. وبما أن تأثير هذه الفتاوى فقط على القوات الخاصة التابعة للنظام، فمن الممكن فهم مدى المقاطعة ومدى انهيار قوات النظام. جبهتا المقاطعة ومناهضة المقاطعة، مظهر من مظاهر جبهتي الشعب والمناهضة للشعب إن معنى المقاطعة الشاملة للانتخابات على مستوى الدولة، والتي اضطر النظام نفسه هذه المرة إلى الاعتراف بها، واضح تمامًا لجميع عناصر النظام وهي "بداية تدمير النظام" والانتفاضة وخروج الجماهير الساخطة إلى الشوارع! وهنا تصطف كل زمر وفصائل النظام، حتى الزمرة المحذوفة المهزومة وعناصر من يسمون بالإصلاحيين، في جبهة واحدة وتتخذ موقفًا ضد جبهة الشعب الموحدة، وجبهة المقاطعة، محذرة من العواقب الكارثية للمقاطعة على النظام ككل. وبهذه الطريقة ظهرت جبهتا الشعب والمعادي للشعب حول مهزلة الانتخابات الفاضحة للنظام والمقاطعة أو المشاركة فيها أمام أعين أبناء الشعب الإيراني. هذا هو الانقسام الحقيقي للمجتمع الإيراني. ثنائية القطب التي يجب على العدو أن يعترف به أيضًا. منذ ذلك الحين، كانت الحدود المرسومة التي لا يمكن تجاوزها بين الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية ومعاقل الانتفاضة الداعية للحرية وبين نظام الملالي الشرير مع جميع زمره وفصائله، عنيفة ودموية تمامًا، ولم تستطع المظاهر الانتخابية الفاضحة للنظام في حجبها، بل بدأ كل واحد يبرز ويظهر هذا الاختلاف الجوهري والأساسي المتعارض العميق بين الشعب والنظام أكثر فأكثر. ويتمتع الرئيس في إيران بصلاحيات تنفيذية ويتولى تشكيل الحكومة، لكن الكلمة الفصل في السياسات العامة للبلاد تعود للمرشد الأعلى. وكرر خامنئي في الآونة الأخيرة دعوة مواطنيه إلى الاقتراع بكثافة، وتجاهل دعوات الامتناع على مواقع التواصل. وتأتي الانتخابات بينما تخوض إيران وأطراف الاتفاق، بمشاركة غير مباشرة من واشنطن، مباحثات في فيينا لإحيائه. وأكد المرشحون، ومنهم رئيسي المحسوب على المحافظين المتشددين الذين يبدون موقفا متحفظا حيال الغرب وسبق لهم انتقاد حكومة روحاني على خلفية تعويلها المفرط على الاتفاق، التزامهم بالاتفاق وأولوية رفع العقوبات.

مشاركة :