إبراهيم الملا (الشارقة) ضمن العروض المبرمجة لشهر أكتوبر الجاري في سينما (سراب) بمنطقة الشارقة القديمة، خصصت مؤسسة الشارقة للفنون لجمهورها النوعي، عرضين يستعيدان المغامرة الفنية والبصرية للتجارب المبكرة في السينما العالمية والعربية، الفيلم الأول حمل عنوان «المتاهة الإلكترونية تي إتش إكس 1138» للمخرج جورج لوكاس نفذه في العام 1967 أثناء دراسته الجامعية، أما الفيلم الثاني بعنوان «خطيئة ملاك» فيعد من الأفلام العربية القديمة والنادرة التي تناولت الخيال الثيولوجي بجرأة شديدة وهو من إخراج يحيى العلمي وتم إنتاجه في العام 1979. يأخذنا فيلم جورج لوكاس صاحب السلسلة الشهيرة من أفلام حرب النجوم وثلاثية إنديانا جونز إلى سراديب بصرية أشبه بمتاهات وأحلام مقلقة لشخص يبدو مطاردا وسط غابة إلكترونية يتم التحكم بمساراتها من قبل علماء يديرون شبكة معقدة من التجارب على البشر، ويفصح الفيلم ضمن اللعبة الذهنية والتنبؤية للمخرج عن عبودية الحداثة وطرق التحكم بذوق ومزاج وعقلية الجمهور، من قبل أشخاص يراقبون المشهد من بعيد ويغلقون ويفتحون منافذها حسب أهوائهم ومصالحهم، والغالب عليها هنا الطمع والجشع والأنانية القصوى. تدور أحداث هذا الفيلم الروائي القصير 15 دقيقة في مدينة تحت الأرض بحيث تبدو كل الأشياء افتراضية ومحايدة، ولكن الحركة القلقة والمشوشة للكاميرا تلعب دورا عاطفيا في التعاطي مع المشاهد من وجهة نظر الضحية، وهو هنا شخص يحمل اسم: تي إتش إكس 1138 إمعانا من المتحكمين باللعبة في تشييء الإنسان وتحويله إلى مجرد رقم إحصائي منزوع من آدميته وحريته، ويترجم الفيلم في مجمله الحماس القوي لدى جورج لوكاس في التعاطي مع مواضيع الخيال العلمي منذ مراهقته. في الفيلم الثاني الذي قدمته مؤسسة الشارقة للفنون لجمهورها، ومن خلال نفس استعادي يميط اللثام عن أفلام مجهولة ومغيبة عن المتابع العربي بسبب طبيعة هذه النوعية من الأفلام المركبة في مستوياتها السردية والأدائية، يقودنا المخرج يحيى العلمي إلى مناخات أسطورية وميثولوجية حول الجنة والملائكة من وجهة نظر خاصة تقحمنا في ضبابية الهلاوس والشطحات ذات المغزى المتناثر في فضاء الحكاية وخيوطها النفسية المتشابكة، الفيلم من بطولة حسين فهمي ونيللي وعادل أدهم، وتبدو التقاطعات البصرية واضحة ما بين فيلم يحيى العلمي والجزء الأول من سلسلة حرب النجوم لجورج لوكاس، مع إضفاء نكهة عربية ومصرية على طبيعة الشخوص ومدارات الحبكة القائمة أساسا على الصراع بين الواقع والمثال، وبين اليوتوبيا والشر المحض، وبين ثلاثية الإنسان والملاك والشيطان عموما، ويبلغ هذا الصراع ذروته عندما يصطدم الملاك حسين فهمي بكمية الفوضى والفساد في عالم البشر والتي يتورط بها شخصيا، ويحاول في نهاية مغامرته المنهكة، البحث عن خلاص مشترك للجميع ولكن من دون جدوى.
مشاركة :