لكل جواد كبوة - د. حنان حسن عطاالله

  • 10/8/2015
  • 00:00
  • 24
  • 0
  • 0
news-picture

لكل جواد كبوة مقولة تدل على أنه حتى الجواد رغم قوته قد يسقط وينهزم. وفعلاً شاهدنا بعض الخيول تتعثر وتسقط. وكذلك حال الإنسان. ولكن هناك فرق بين أن تسقط وتقوم مرة أخرى، وبين أن تستمر فى الهاوية. قدرة الوقوف والاستمرار قدرة لا يتحلى بها سوى قلة من الناس فقد لا يكون النجاح حليفنا فى كثير من المرات. قد نمر بمراحل فى حياتنا نفقد فيها كل شيء، وتتبعثر أحلامنا ويضيع منا الأمل والحلم الذي رسمناه لمستقبلنا وتضيع ذواتنا، وذلك سهل أن يحدث لأي شخص، ولكن المرحلة الأصعب أن تقف مرة أخرى على قدميك وأن تلم ما بعثرته الحياة وتبني مستقبلك من جديد بعد أن غيرت الظروف مجراه، وذلك التحدي الصعب الذي لا يستطيع القيام به كثير من الناس. شاهدت الكثيرين هوت بهم الحياة وسقطت بهم ولم يستطيعوا الخروج من ركامها المتحطم فوق رؤوسهم، وشاهدت فئة أخرى مرت بنفس الظروف والعقبات ولكن نفضت عن نفسها غبار وهموم الحياة وبدأت من نقطة الصفر غير مبالية بما حدث لها. بل الأعظم أن هذه الفئة تتسم بسمة أعتبرها وقود النجاح وهي عدم البكاء على الماضي ووضع جراحه تحت المجهر. بل كل ما تذكرته من ذلك الماضي هو الدرس الذي تعلمته منه والأخطاء التي لابد من تفاديها. فئة نادرة لا تريد البكاء على الأطلال ولا النعي على ما راح وضاع من وقت وجهد ومال. للأسف الشديد معظم الناس من الفئة التى تعجز عن الوقوف مرة أخرى. ولعلنا فى ثقافتنا العربية نتبنى اتجاه اللطم والبكاء على الماضي، وعلى مافات والوقوف عنده سنوات وسنوات تضيع من جهدنا ومن حياتنا وتسلبنا نعمة التخطيط للمستقبل وتسلمنا لقمة سهلة للأمراض النفسية وعلى رأسها الاكتئاب بما فيه من شعور بالهزيمة وخفض قيمة الذات. فى ثقافتنا العربية وقوف مرير عند جراح الماضي ونبش قبوره المهجورة والتي مضى عليها وقت طويل ونشبه في ذلك الأسطوانة المشروخة التى تقف عند مقطع واحد وتكرره مراراً وتكراراً ولاتستطيع الانتقال إلى مقطع آخر. تعودنا على ذلك ونربي أطفالنا عليه ونراه حتى في الأغاني والشعر العربي ولعلها جزء من سيكيولوجية الإنسان العربي التي تعوق تقدمنا كمجتمع وتشعرنا بالضعف والعجز. ولعله حان الوقت لنبذ هذه العادة السلوكية لمستقبل أفضل لنا وللأجيال القادمة. * وقفة: تحية لها تلك الإنسانة التي أدركت أن الماضي بجراحه وآلامه ورقة غير رابحة لإبرازها لبوابة الدخول إلى المستقبل. لمراسلة الكاتب: hatallah@alriyadh.net

مشاركة :