الإرهاب لا يقبل القسمة على اثنين!

  • 10/8/2015
  • 00:00
  • 29
  • 0
  • 0
news-picture

إذا كان الموقف الأميركي الرسمي من الإرهاب في منطقتنا يجعلك حائرًا، فالموقف الألماني يجعل حيرتك أشد! لماذا؟! لأن جون كيري، وزير الخارجية الأميركي، كان قد قال في القاهرة يوم 2 أغسطس (آب) الماضي، وهو اليوم الذي انعقد فيه حوار استراتيجي مصري أميركي بامتداد النهار، إن عنده بصفته وزير خارجية، وعند إدارة بلاده بصفتها إدارة حاكمة، معلومات عن تورط بعض قيادات جماعة الإخوان في أعمال عنف! قالها صراحة هكذا، وكانت مانشيتات في الصحف المصرية، في اليوم التالي، وكان هو قد استدرك ليقول إنهم في الإدارة الأميركية، يتفهمون ذلك، ولكن بالتأكيد، على حد تعبيره، ليس الجميع! وهذه العبارة الأخيرة معناها، أنهم يقرون في الولايات المتحدة، بأن قيادات في الجماعة مارست وتمارس عنفًا، ولكنهم يعتقدون أن إدانة الجماعة كلها، لا بعضها بممارسة العنف، في حاجة إلى دليل آخر! وكما ترى، فإن الكلام فيه من المراوغة والخداع وخلط الأشياء بعضها ببعض، أكثر مما فيه من الأمانة الواجبة مع النفس، ومع الغير! ذلك أننا سوف نصدق الوزير الأميركي بأن الممارسين للعنف في الجماعة الإخوانية، هم بعض قياداتها، وليس كلهم.. سوف نصدق هذا، وسوف نبصم عليه، ثم نسأل: وماذا فعلت الإدارة الأميركية بمثل هذه المعلومات التي تمتلكها عن عنف يمارسه بعض الإخوان؟! لا شيء! ثم نسأل سؤالاً آخر: هل تمتلك الإدارة الأميركية ووزير خارجيتها معلومات عن ممارسة عنف بين قيادات جماعة الإخوان لتضعها في متحف عندها، أم لتتصرف على أساسها؟! وهل مثل هذا التصرف مؤجل إلى أن يمس العنف الإخواني مصالح الأميركان بشكل مباشر؟! الظاهر أنه هكذا بكل أسف.. لكن ما هو أكثر منه أسفًا، أن السفير الألماني في القاهرة، هانس يورغ هابر، قد عقد مؤتمرًا صحافيًا، في مقر السفارة، في نفس يوم نشر تصريحات جون كيري، ليقول إنه لا يفهم ماذا يقصد الوزير الأميركي بكلامه. وقال هانس، مبررًا عدم فهمه إن الإخوان يقفون في منطقة ضبابية، لأنهم يقولون إنهم غير مسؤولين عن أي عمليات إرهابية، ولا بد أن ندقق في الأمر! إن حكاية التدقيق في الأمر هذه، تشبه ما يقال في التراث البيروقراطي المصري، عن إنك إذا أردت أن تميت أي موضوع، فليس عليك إلا أن تحيله إلى لجنة تفحص فيه، وتبحث، وتمحص، وتظل تفعل ذلك في أفق مفتوح بلا أي سقف! تصريحات سيادة السفير الألماني هانس تشبه ذلك التراث جدًا، لأن الأجدى بالنسبة له ولنا، كان أن يطلب من الوزير الأميركي، المعلومات التي يمتلكها عن عنف بعض قيادات الإخوان، لا أن يتظاهر بعدم الفهم، وعندها كان من الوارد، أن يفهم السفير، مقصد الوزير، وألا يضاعف حيرتنا معهما الاثنين! ولأن الحكاية لا بد أن تكتمل، فإن السفير الألماني في موسكو، روديجيروم فيرتش، قد طلب يوم الاثنين الموافق 17 من الشهر نفسه، لقاء مع ميخائيل بوغدانوف، مبعوث الرئيس الروسي بوتين، للشرق الأوسط وأفريقيا، للبحث عن كيفية تشكيل التحالف الدولي والإقليمي، الذي اقترحه ودعا إليه الرئيس بوتين، ضد الإرهاب! وكان أن التقى المبعوث الروسي، والسفير الألماني فعلاً، ولكن بعد أن كان السفيران المصري والأردني هناك، قد التقيا مع المبعوث ذاته، وللغرض نفسه! هنا أيضًا نجد أنفسنا أمام سؤال آخر: إذا كان موقف مصر والأردن، من الإرهاب، واضحًا بما يكفي، فهل يمتد هذا الوضوح الكافي، إلى موقف ألمانيا، خاصة إذا كان سفيرها في القاهرة، لا يزال لا يفهم ماذا يقصد جون كيري، عندما يقول إن عنده معلومات على العنف الإخواني؟! ثم إن سؤالاً رابعًا، أو خامسًا.. أو حتى عاشرًا لا بد أن نطرحه: هل يعرف السفير الألماني، في موسكو، أن روسيا تصنف الإخوان من زمان على أنهم جماعة إرهابية؟! وإذا عرف هو ذلك، وأدرك معناه جيدًا، فكيف يذهب ليبحث في شأن تحالف دولي وإقليمي ضد الإرهاب، وهو لم يفهم بعد مع زميله في القاهرة، أن كل جماعات الإرهاب التي تعربد في المنطقة، إذا كانت فرعًا، فالأصل الذي غذى، ويغذي الفروع كلها هو الإخوان؟! تربط هذه التفاصيل كلها، بعضها ببعض، فتكتشف أن هؤلاء الذين يقولون لنا، خصوصًا على الجانب الأميركي والألماني، ومعهما الإنجليزي، إنهم معنا ضد الإرهاب، ليسوا جادين بما يكفي فيما يقولون، وأن علينا أن نأخذ أمورنا مع الإرهاب بأيدينا.. بأيدينا نحن!

مشاركة :