التَّدخُّلُ الرُّوسيُّ في سورية وإعراضُ حلفِ شمالِ الأطلسيِّ عن الرَّدِّ

  • 10/9/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يبدو أن الرئيس الروسي قد وقع في الفخ والإستدرج إلى المستنقع السوري ووجد نفسهُ أمام خيارين إمَّا العمل بالإتفاق مع الولايات المتحدة وتحت سقف شروطها أو الإنخراط في صراعٍ مريرٍ يستنزفُ مقدرات بلاده الضعيفة أساساً وقد ينتهي بهزيمة عسكرية ، وجاء التحرك العسكري الروسي رغبةً في كسر توازن القوى في الصراع السوري ولدفع الإدارة الأمريكية إلى الدخول في مساومة شاملة تربط بين الملفات العالقة بين الطرفين من الدرع الصاروخية ، إلى ملفي جورجيا و أوكرانيا إلى وقف عزلها ومحاصرتها واستنزافها هناك ورفع العقوبات التي انعكست سلباًعلى وضعها الاقتصادي . ولننظر في إمكان ردِّ حلف الناتو على التدخل الروسي في سورية بعد أن أعلن حلف شمال الأطلسي على لسان أمينه العام ، أن الحلف مستعد لإرسال قوات للدفاع عن تركيا ضد تهديدات على حدودها الجنوبية، وذلك على خلفية إقدام طائرات روسية على انتهاك المجال الجوي التركي مؤخرا حيثُ أعلن الأمين العالم لحلف شمال الأطلسي( ينس ستولتنبرغ ) أن الحلف مستعد لإرسال قوات إلى تركيا للدفاع عنها ضد تهديدات على حدودها الجنوبية، وذلك بعد انتهاك طائرات روسية للمجال الجوي التركي خلال تنفيذ ضربات جوية في سورية. وصرح ( ستولتنبرغ ) للصحافيين قبل اجتماعٍ لوزراء دفاع حلف شمال الأطلسي في بروكسل هيمنت عليه الأزمة السورية أن حلف شمال الأطلسي مُستعدٌ وقادر على الدفاع عن كل حلفائه بمن فيهم تركيا ضد أية تهديدات وقد رد الحلفُ بالفعل بزيادة قدراته واستعداداته لنشر قوات بما في ذلك إلى الجنوب وبما في ذلك في تركيا لأن الضربات الجوية والصاروخية التي تنفذها روسيا مبعث قلق للحلف . ولو نظرنا في تاريخ التدخلات الروسية لوجدنا أنَّهُ بعد معركة جورجياعام 2008 التي أسفرت عن استقلال مقاطعتي أوسيتيا الجنوية وأبخازيا عن جورجيا، قام الجيش الروسي بإرسال دباباته باتجاه أوسيتيا الجنوبية، وحلقت الطائرات الروسية فوق تبليسي، أمام أنظارالمستشارين العسكريين الأميركيين، فوقف الناتو عاجزاً عن فعل أي شيء، لأن قيادته أدركت أن أي عمل عدواني ضد روسيا سيقابل بهجوم روسي شامل على دول الناتو جميعا من لوكسمبورغ إلى أميركا، واعترفت روسيا باستقلال أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا. واضطرت قيادة الناتو ذاتها إلى تأجيل موضوع انضمام جورجيا إلى الناتو إلى أجل غير مسمى، لن يأتي أبداً! وفي الأزمة الأوكرانية الراهنة، نشرت وكالة الأنباء الأوكرانية "أونيان" تحليلا عسكريا، نقلته القناة التلفزيونية البولونية "TVN24"، يبدو من خلاله الناتو بإمكانياته الكبيرة أشبه بفيل ضخم يشمخ فوق الدب الروسي ولكنه فيل فارغ من الداخل وعاجز. وما قيمة ما بحثه وزراء الدفاع في الدول الأعضاء بحلف "الناتو" خلال اجتماعهم يوم ٢٠١٥/١٠/٨ في بروكسيل من خيارات الرد على العملية الروسية في سورية ومضاعفة عدد قوات الرد السريع للحلف ؟ وما أهميَّة اجتماع وزراء الدفاع بعد مرور يومين على اجتماع عاجل عقده "الناتو" على مستوى المندوبين لبحث حادث اختراق المجال الجوي التركي من قبل مقاتلات روسية تشارك في العملية الجوية التي تنفذها موسكو في سورية ؟ ويبدو أن الاجتماع الجديد للحلف يأتي في سياق الحملة المكثفة التي تشنها واشنطن لكشف الأهداف الحقيقية لسلاح الجو الروسي في سورية، وعلى الرغم من مواصلة الاتصالات مع وزارة الدفاع الروسية حول تجنب وقوع حوادث غير مقصودة بين مقاتلات الطرفين في أجواء سورية ، وفي بداية الإجتماع قال أمين عام الحلف ( ينس ستولتنبرغ ) إن الحلف يدعو روسيا إلى التركيز على مكافحة "داعش"، بدلا من تقديم الدعم للرئيس السوري بشار الأسد في حربه ضد المعارضة والشعب السوري . وأكد (ستولتنبرغ ) أن "الناتو" على اتصال دائم بتركيا من أجل بحث الأوضاع في سورية وتحديد ما إذا كانت أنقرة بحاجة إلى دعم إضافي من جانب الحلف على الرغم من كل ذلك فما زال حلف شمال الأطلسي عاجزٌ عن الرَّدِّ ؟ من جانب آخر، يبحث وزراء الدفاع أيضا الوضع في أوروبا، وبالدرجة الأولى مواصلة تعزيز التواجد العسكري للحلف بالقرب من حدود روسيا وأعلن وزير الدفاع البريطاني ( مايكل فالون ) أن بلاده سترسل قوات تابعة لها إلى دول البلطيق لإحباط استفزازات محتملة من جانب روسيا وستصبح هذه الخطوة جزءاً من استراتيجية الحلف الرامية إلى ضمان الوجود الدائم على الحدود الشرقية للناتو، وللرد على الاستفزازات العدوانية الروسية في المستقبل . ويبدو أنَّ نشر القوات البريطانية في دول البلطيق سيحمل طابعاًطويل المدى وكانت لندن قد أرسلت في وقت سابق أربع مقاتلات من طراز "تايفون" إلى دول البلطيق للمشاركة في عمليات المناوبة في أجواء بحر البلطيق كما سيواصل الناتو تعزيز قدرة قواته على الانتشار السريع في شرق أوروبا و سيقررُ استحداث مركزين جديدين للقيادة والرقابة في هنغاريا وسلوفاكيا، بالإضافة إلى تبني رؤية جديدة لقوات الرد السريع من أجل تقويتها وزيادة قدرتها على العمل السريع. ولكن في النهاية لن برد الحلف على التدخلات الروسية في سورية نظراً لوجود اتفاقٍ سابقٍ بين الطرفين على ذلك بعد تقسيم الأدوار بين الكبار ، و التصريحات الإعلامية للإستهلاك المحلي فقط ولخداعِ الآخرين . عبدالله الهدلق

مشاركة :