ألمانيا والمجر يعودان بالذاكرة الى 'معجزة بيرن'

  • 6/23/2021
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

ميونخ (ألمانيا) - يعود الألمان والمجريون الأربعاء في الذاكرة إلى "معجزة بيرن" حين يتواجهون للمرة الأولى في نهائيات بطولة منذ مونديال 1954، وذلك في الجولة الثالثة الأخيرة من منافسات المجموعة السادسة لكأس أوروبا على ملعب "أليانز أرينا" في ميونيخ. من المؤكد أن المجر الحالية لا تقارن على الإطلاق بتلك الحقبة من الزمن، لكن في حال حققت الإنجاز بإسقاط "مانشافت" ستثأر بأفضل طريقة لما حصل في نهائي المونديال الشهير ضد ألمانيا الغربية عام 1954 وستبلغ ثمن النهائي. صحيح أن المنتخبين تواجها في 14 مناسبة بعد ذلك النهائي، إلا أن جميعها كانت ودية من دون حسابات مباريات المجر مع ألمانيا الشرقية. وعندما يتحدث الألمان عن ألقابهم العالمية الأربعة، تبقى ذكرى التتويج الأول عام 1954 الأكثر "نوستالجية" ليس لأنه اللقب الأول وحسب بل لأنه جاء خلافاً للتوقعات ضد منتخب مجري يضم في صفوفه الأسطورة فيرينتس بوشكاش لم يذق طعم الهزيمة لأربعة أعوام، وفاز عليهم بنتيجة كاسحة 8-3 في الدور الأول من النهائيات ذاتها. عندما وطأت اقدام القائد فريتس فالتر وهيلموت ران وماكس مورلوك وباقي أفراد المنتخب الألماني أرض ملعب وانكدورف في بيرن في تمام الساعة 16:45 من 4 يوليو/تموز 1954، لم يكونوا يعلمون بأنهم بصدد دخول تاريخ كرة القدم. "داس فوندر فون بيرن"- ستظل هذه العبارة الشهيرة مرادفة للكرة الألمانية. فلم تتكرر مباراة جمعت العديد من الأساطير والقصص كما فعلت المباراة النهائية لكأس العالم 1954 بين ألمانيا الغربية والمجر في العاصمة السويسرية. وإذا حاولت أن تسأل أحد أنصار الكرة الألمانية عن الهدف الحاسم الذي سجله هيلموت ران في نهائي عام 1954، فسترى بأن عينيه توهجتا بالحماس قبل أن يقوم بتكرار ما قاله معلق تلك المباراة الشهيرة بقوله "يتعين على ران أن يسدد من بعيد، ران يسدد...هدف! هدف! هدف! ألمانيا بطلة العالم!" هذه بالطبع العبارات الشهيرة التي أطلقها معلق الإذاعة هربرت تسيمرمان، وحتى الان لا تزال كلماته تشعر كل شخص يتكلم الألمانية بقشعريرة. اللقب كان في جعبة المجر... على الورق! كان المنتخب الذي أشرف عليه سيب هربيرغر يشارك في أول بطولة كبرى له بعد الحرب العالمية الثانية، وكان يخوض ثالث مشاركة له في كأس عالم. وحقق المنتخب الألماني أربعة انتصارات ضد تركيا (4-1 و7-2) ويوغوسلافيا (2-صفر) والنمسا (6-1) مقابل هزيمة نكراء أمام المجر 3-8. وكان الأمر مختلفا تماما بالنسبة للمنتخب المجري الذي لم يخسر أي مباراة منذ 14 أيار/مايو 1950. وشهد طريق المنتخب المجري العملاق إلى المباراة النهائية تخطيه تركيا (7-صفر)، وألمانيا بالطبع، بالإضافة إلى انتصارين على البرازيل (4-2) وعلى أوروغواي (4-2 بعد التمديد) في ربع ونصف النهائي على التوالي. وكان إحراز "المنتخب الذهبي" لباكورة القابه في كأس العالم تحصيل حاصل. والواقع بأن الوفد المجري في سويسرا كان قد أعد حفل استقبال للاعبين والمسؤولين الكبار والصحافيين في اليوم التالي للمباراة النهائية. أما في المجر، فقد تم اصدار طوابع بريدية، في حين بدأ المسؤولون المجريون يعدون العدة لإقامة تمثال ضخم للاعبين. لم يكن أحد يشك في قدرة المجريين على إحراز لقبهم الاول في كأس العالم، لكن كم كانوا مخطئين... نستطيع أن نقلب الأمور في مصلحتنا عزّزت الأمطار التي هطلت قبيل انطلاق المباراة من تفاؤل المجريين، في حين كان المنتخب الألماني يستعد لتلقي خسارة جديدة أمام المنتخب الذي اعتبر الأفضل في العالم في ذلك الوقت. بعد مرور ست دقائق، نجح بوشكاش في افتتاح التسجيل بلاده من تسديدة بعيدة المدى، قبل أن يستغل تزولتان تشيبور خطأ بين حارس مرمى ألمانيا توني توريك ومدافعه فيرنر كوهلماير ليضيف الهدف الثاني بعد دقيقتين. بيد أن روح أفراد المنتخب الألماني لم تتأثر كما لخص الأمر فالتر في سيرته الذاتية بعد سنوات عدة بقوله: "نظرنا إلى بعضنا البعض بذهول... نجح ماكس مورلوك في تحفيز اللاعبين ما أن وضعنا الكرة لتحريك الضربة من جديد وقال وهو يجهش بالبكاء +لا يهم+. في المقابل همس أوتمار (فالتر) الذي لم يفقد الأمل أيضاً في أذني: +فريتس، استمر في العطاء، نستطيع أن نقلب الأمور في مصلحتنا+". ولم يمر وقت طويل قبل أن يرد المنتخب الألماني حيث سار ران بالكرة على الجهة اليسرى، وانحرفت تسديدته إثر ارتطامها بساق بوتشيك، لتتهيأ أمام ماكس مورلوك الذي غمزها في الشباك بعد 10 دقائق فقط على البداية. كانت ثقة الألمان بأنفسهم قوية وبات الأمر واضحا من خلال كرة نفذها القائد فالتر من ركلة ركنية مرت من فوق خط دفاع المنتخب المجري بأكمله ليتابعها ران المتربص على القائم البعيد في الدقيقة 18. هدف! هدف! هدف! وأصبحت المباراة سجالا بين الفريقين، وأدت الأمطار الغزيرة التي هطلت في جعل الملعب رطبا وثقيلا ما منح المنتخب الالماني الأكثر حيوية أفضلية. وما زالت عبارة "طقس فريتس فالتر" تستعمل حتى أيامنا هذه في كل مرة تحول فيها الأمطار الغزيرة أرض الملعب إلى مستنقع. توجه هيربرغر إلى لاعبيه بين الشوطين قائلا "أيها الشباب، لقد قمتم بعمل رائع حتى الان. لا تعطوا الفريق المنافس المجال في الشوط الثاني". واستهل المنتخب المجري الشوط الثاني بقوة وقدم عرضا كرويا رائعا لكن لاعبي "مانشافت" كانوا يرتمون للتصدي لكل كرة باتجاه مرماهم. وفي الدقيقة 84، حدث ما لا يصدق. كان المعلق الألماني تسيمرمان يتابع سرد أحداث المباراة وقال "الكرة مع ألمانيا على الجهة اليسرى. الدفاع المجري يقطع كرة تشايفر باتجاه مورلوك-بوتشيك، لا تزال الكرة بحوزة بوتشيك الجناح الأيمن المجري. لقد خسر الكرة لمصلحة شايفر- شايفر يمرر الكرة الى منتصف الملعب-مقطوعة- يتعين على ران أن يسدد من بعيد- ران يسدد! هدف! هدف! هدف! 3-2 لمصلحة ألمانيا!. وبعد ثوان كانت الكرة قد استقرت في الشباك الألمانية، لكن الحكم الإنكليزي ويليام لينغ لم يحتسب الهدف الذي سجله بوشكاش بداعي التسلل. وتسمّر ملايين الألمان بالقرب من جهاز الراديو يتابعون بشغف كل كلمة يتفوه بها تسيمرمان. وكانت بضع دقائق متبقية إلى ان نطق المعلق بالكلمات التي كانوا ينتظرونها: "انتهت! انتهت! انتهت! انتهت المباراة! ألمانيا بطلة للعالم، بفوزها على المجر 3-2 في النهائي في بيرن". لقد تمت المعجزة.

مشاركة :