تحقيق مها عادل: نيران صديقة برنامج حواري جديد في الشكل والمضمون يبث على قناة سكاي نيوز عربية وينفذ باستوديوهاتها في لندن، وتقوم فكرته على عدم الاستعانة بمذيع يقود الحوار، وإنما يوجد ضيفان دائمان هما الكاتب الصحفي المصري مأمون فندي، والكاتب الصحفي السعودي عبد العزيز الخميسي يحاوران بعضهما بعضاً لتقديم وجهتي نظر مختلفتين، ويشاركهما النقاش ضيوف متخصصون يرجحون وجهة النظر هذه أو تلك في الملفات والقضايا الراهنة.. وفندي والخميسي من الأسماء المعروفة في عالم الصحافة، فالأول هو رئيس معهد الدراسات العالمية بلندن والمشهور بكتاباته لصحف عالمية، مثل نيويورك تايمز ولوس أنجلوس تايمز، والثاني رئيس تحرير جريدة العرب اللندنية. تجربة مختلفة، نرصد كيفية تنفيذها والهدف منها وما حققته مع المعنيين في القناة وعن البرنامج في السطور التالية. عن فكرة البرنامج الجديدة، قال مدير عام سكاي نيوز عربية، نارت بوران: يأتي هذا البرنامج في إطار جهود المؤسسة لمواصلة وتعزيز الابتكار في المحتوى الإعلامي الذي تقدمه للجمهور العربي، ليقدم شكلاً مختلفاً وأسلوباً متطوراً لمفهوم الحوار التلفزيوني الهادف من خلال ضيفي الحلقة الدائمين. كما يفتح البرنامج المجال لكل منهما لاستضافة شخصيات أخرى معهما في كل حلقة لتعزيز وجهة نظرهما، والتعليق على الأحداث وموضوعات النقاش الساخنة التي تعالجها الحلقة الأسبوعية. ويعتبر اسم البرنامج نيران صديقة خير دليل على طبيعته، فهو يكرس ثقافة احترام الاختلاف في الآراء، ووجهات النظر دون مبالغة أو تجريح، والسعي لتقديم تحليل شامل، وربما مقترحات وحلول لبعض الملفات بشكل متوازن ومهني. سألنا مقدمي البرنامج (أو الضيفين الدائمين) عن تجربتهما في تقديم هذا اللون من البرامج الحوارية المختلفة التي لم تألفها الشاشات الإخبارية العربية، فقال الكاتب عبد العزيز الخميسي: في البداية أشير إلى أن نيران صديقة يتسم بإطلالة جديدة من نوعها على المشاهد العربي، فهو تجربة متميزة بالنسبة لي وهي بمثابة نمط جديد من الحوارات المبنية على المعلومات ووجهات النظر التحليلية دون ترهات أو إثارة غير مبررة، والبرنامج يستهدف المشاهد العربي مباشرة بأفكار مثمرة وناضجة. تابع الخميسي: أرى أن هذه التجربة ناجحة بامتياز، لا سيما مع وجود الشفافية والمصداقية في نقل المعلومة، وبالتالي فيها نجاح وإشباع لهدف البرنامج، وخدمة مهمة للمشاهد في ظل الظروف الراهنة التي تعصف بالمنطقة العربية، وما يترتب على منطقة الخليج تحديداً. أما الكاتب الصحفي مأمون فندي فقال: أعتقد أن برنامج نيران صديقة تضمن تجربة فريدة ومثالية تتسم بطروحات غنية ومتنوعة، حيث أضفى الكثير، لا سيما أنه يعتبر إضافة جديدة للقنوات الإعلامية العربية في الشكل والمضمون، من خلال سلسلة الحلقات السابقة التي قدمها البرنامج، إذ كرّس قيم الحوار البناء والرسالة الهادفة للإعلام العربي. كما يحمل نيران صديقة في طياته رؤية تحليلية عميقة ومنهجية، فهو لم ولن يقتصر على تبادل وجهات النظر فقط، بل تعدى الأمر إلى تقديم وتحليل المعلومة ونقلها للمشاهد بأسلوب عصري ومصداقية عالية، ونلمح أن بعض البرامج تلجأ إلى أسلوب تقليدي ومستهلك من خلال إشراك بعض المشاهدين، وتلقي الاتصالات عبر تنسيق داخلي مفبرك، ونحن على الدوام نسعى إلى تحقيق النزاهة في التعامل مع المشاهد الكريم بمنتهى المصداقية. أما فيما يتعلق بمدى نجاح الحلقات فقال فندي: البرنامج يشهد حالة صعود مستمرة، واستطاع أن يخلق قاعدة ملفتة وجذّابة في ذهن المشاهد العربي، عبر طرح قضايا جوهرية تهمه، وكذلك من خلال استقطاب النخب السياسية وصنّاع القرار، ليس فقط عبر تقديم المعلومة ووجهات النظر المختلفة، بل من خلال التحليل العميق وإظهار ما وراء المعلومة وتقديمها للمشاهد بتجرد ودون أجندات مسبقة. وأجاب كل من الإعلاميين على الأسئلة التالية: } لماذا أقدمتما على تجربة تقديم البرنامج من الأساس؟ - عبد العزيز الخميسي: تتسم سكاي نيوز عربية بالحرفية العالية والمشاهدة الكبرى، كما أن التواجد مع الدكتور مأمون فندي يمنحني الراحة على الصعيد الشخصي، إضافة إلى جملة من الأهداف المتجسدة بتمكين المشاهد العربي من قراءة الواقع الراهن بشكل حيادي وصحيح، لا سيما أن الاختلافات في الأفكار كافية لتصحيح مسار المواد المطروحة وصولاً إلى تنقحيها وتقديمها على طبق من ذهب. وكذلك يطرح نيران صديقة أسلوباً مختلفاً، هدفه إثراء فكر المشاهد بما يقدمه من الحقائق والمعلومات الدقيقة، إضافة إلى جملة من التحليلات السياسية السليمة، والبعيدة عن التطرف ودون ابتزازات مدروسة، عوضاً عن تحليل القضايا وطرح الأسئلة وتقديمها للمشاهد بالطريقة الصحيحة. - مأمون فندي: بالنسبة لي فإن هذه التجربة تعتبر رائعة وجديدة لا سيما أنها تجسد اعتقادي الجازم بأن نيران صديقة يختلف جذرياً عن البرامج الحوارية الدارجة في المنطقة، حيث إن معظمها يعتمد على الصراع وافتعال حجج غير منطقية، بينما هو يشغل زاوية جديدة لتلاقي الأفكار بشكل جدي رغم وجهات النظر المختلفة التي يعرضها. وبدلاً من أن يكون وسيلة إشغال للمشاهد، يطرح نيران صديقة أسلوباً مختلفاً هدفه إثراء فكر المشاهد بما يقدمه من الحقائق والمعلومات لتقريب وجهات النظر وليس الآراء. } ما معايير اختيار موضوعات وضيوف البرنامج، وأهم عناصر الجذب الجماهيري التي يتمتع بها البرنامج؟ - عبد العزيز الخميسي: تتقارب وجهة نظري مع الزميل فندي، حيث إننا من هذا المنبر نسعى على الدوام إلى نقل الاحتراف والتميز في كيفية طرح المواضيع المتنوعة والآنية ومن جوانب عدة تمس مختلف شرائح المجتمع، وتهتم بقضاياهم المستقبلية، أما بالنسبة لمسألة ضيوف البرنامج فتتم عملية الاختيار بناء على معايير كثيرة أهمها الإلمام والدراية الشاملة والثرية لكل قضية مطروحة عوضاً عن غنى معرفي واسع بالموضوع، مدار النقاش. كما للبرنامج عناصر جذب عدة تتسم برقي أسلوب الحوار أثناء تقديم الرأي والرأي المضاد له، وصولاً إلى صيغة تفاهم بين المتحاورين بدلاً من جعل الحوار جدلاً عقيماً. - مأمون فندي: نحن نسعى إلى الاحترافية كما أننا نختار ضيوفنا بناء على معايير كثيرة أهمها، الإلمام الكامل بمجريات الأمور وأن يكون متخصصاً في الشأن الذي يتم طرحه، ونحرص قدر الإمكان على استضافة من لديه الفكرة والخبرة الكافية بهدف تعريف الجمهور بالمواضيع المطروحة من الزوايا كافة ووضع النقاط على الحروف. وبالفعل، يتميز نيران صديقه بعدة عناصر جذب أهمها أنه يقدم وجهات النظر لإصلاح الأوضاع العربية وتوجيه المعنيين إلى نقاط الضعف لمعالجتها، وإلى نقاط القوة للاستثمار فيها دون التشبث بالرأي وممارسة ما بات يشبه التخريب السياسي. } ما تقييمكما للأداء الإعلامي الحالي وكفاءة المذيعين بالبرامج الحوارية؟ - عبد العزيز الخميسي: الإعلام العربي جيد في أحيان كثيرة، لكنه يعاني من البعد في التطبيق المهني في أحيان أخرى، وأتمنى أن يطاله التغيير وصولاً إلى تحقيق واقع إعلامي حقيقي مبتكر. وكجمهور عربي نحتاج إلى برامج شيقة تحاكي تلك التي تبثها القنوات العالمية المرموقة، ويقع على المشاهد العربي حجم معين من المسؤولية من خلال التفاعل الحقيقي وإثراء الواقع الإعلامي على الصعد كافة. - مأمون فندي: لا شك أن مسيرة الإعلام العربي الحالي لا زالت بحاجة للارتقاء إلى الواقع الإعلامي العالمي المنشود رغم وجود الكثير من أوجه التشابه، غير أن هناك بعض المحاولات الجادة التي تطل علينا من مدة إلى أخرى من قبل بعض القنوات الملتزمة التي تتمتع بمصداقية عالية عند المشاهدين وتقدم لنا برامج شيقة تحاكي تلك التي تبثها القنوات العالمية المرموقة، وهنا لا بد من التأكيد أن المشاهد العربي هو من يستطيع إنجاح أية تجربة من خلال المتابعة والانتفاع بما تبثه تلك القنوات. } هل الكاتب أو الصحفي المثقف يتمتع بميزة ومقدرة أكبر على تقديم البرامج الحوارية قد لا يتمتع بها المذيع التليفزيوني؟ - عبد العزيز الخميسي: الرؤية المتميزة والقاعدة الواسعة التي يملكها الكاتب أو الصحفي تتمثل بالخبرة الطويلة والثقافة والتحليلات المدروسة التي تجعل منه شخصاً خبيراً ومتميزاً في تقديم الأفكار بشكل متسلسل ومدروس، خلافاً عن مقدم البرامج المذيع، فهو وسيلة المعد لنقل المعلومة باللغة الواضحة، دون مبالغة في الأداء، وبشكل عام الإعلامي أعم وأشمل من مقدم البرامج. - مأمون فندي: طبعاً رسالة الكاتب أو الصحفي هي صوت متميز يملك الطاقة بتعبيره اللغوي الجيد، من خلال الثقافة العامة التي يمتلكها، وتدعمها قوة الشخصية، إضافة إلى سنوات الخبرة الطويلة التي تمكنه من إيصال الرسالة بشكل لائق، وبشكل عام الإعلامي أعم وأشمل من مقدم البرامج، ويمكن أن يكون مذيعاً، لكن المذيع لا يستطيع أن يصبح إعلامياً، إلا إذا امتلك في الأساس مقومات وأدوات الإعلامي. فيما يرى بعضهم أن مقدم البرامج الفضائية ومجري الحوارات، وناقل الأخبار الجوية، أو من كلف بحمل المايكروفون ومواجهة الجمهور برأي أو مداخلة، يستحق أن يطلق عليه مسمى مذيع فقط! تحضيرات وبحث مستمر إنتاج البرنامج والتحضير له يتطلب مراحل تحدث عنها أحد منتجي البرنامج والمشرف على فريق الإعداد بنقاط عدة: * استغرق التحضير للبرنامج حوالي ثلاثة أشهر قبل بث الحلقة الأولى، وقد استدعى العديد من البروفات بالتعاون مع الضيفين الرئيسيين. * فريق الإعداد بالبرنامج في حالة بحث مستمر، ولكن يمكننا القول إن التحضير يحتاج إلى أربعة أيام كل أسبوع، حيث إن الاجتماع التحضيري الأول يعقد يوم الخميس من كل أسبوع، ويتم التعمق بالإعداد يومي الجمعة والسبت ويتم اعتماد محاور الحلقة وضيوفها يوم الأحد، ويعتمد التحضير لكل حلقة على الكثير من العناصر، ويرتبط بشكل أساسي بالموضوع المطروح ومدى انسجامه مع المؤشرات الإخبارية المحيطة في المنطقة والعالم العربي. * يتم استخدام أربع كاميرات أساسية، كاميرتان ثابتتان على الضيفين وهما بمثابة المقدمين الرئيسيين، حيث يحق لهما التدخل في الحوار في أي وقت، ويتطلب استعداداً مباشراً لرصد مشاركتهما، وكاميرا أخرى متنقلة يميناً ويساراً دون أن يلحظ المشاهد ذلك، والأخيرة ثابتة تنقل الكادر كاملاً.
مشاركة :