التخطيط الاستراتيجي التسويقي ودوره في تطوير مـؤسـســات التعليم العالي

  • 6/26/2021
  • 01:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

بمراجعة‭ ‬أعداد‭ ‬خريجي‭ ‬مؤسسات‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬يمكن‭ ‬ملاحظة‭ ‬أن‭ ‬أعداد‭ ‬الخريجين‭ ‬قد‭ ‬بدأت‭ ‬بأعداد‭ ‬صغيرة،‭ ‬ثم‭ ‬أخذت‭ ‬في‭ ‬الزيادة‭ ‬تدريجيا،‭ ‬مقارنة‭ ‬بالأعوام‭ ‬السابقة؛‭ ‬مما‭ ‬يفسر‭ ‬مدى‭ ‬حاجة‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬إلى‭ ‬تلك‭ ‬المؤسسات،‭ ‬مع‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬أن‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين‭ ‬فرض‭ -‬بما‭ ‬يحمله‭ ‬من‭ ‬تطور‭ ‬تكنولوجي‭ ‬هائل‭ ‬خاصة‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الرقمية‭- ‬على‭ ‬المؤسسات‭ ‬التي‭ ‬تريد‭ ‬البقاء‭ ‬والمنافسة‭ ‬أن‭ ‬تخطط‭ ‬لتسويق‭ ‬مخرجاتها‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬وجود‭ ‬سوق‭ ‬عمل‭ ‬سريع‭ ‬التغيير،‭ ‬وأصبح‭ ‬التخطيط‭ ‬للتسويق‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬أهمية‭ ‬عن‭ ‬التخطيط‭ ‬لإدارة‭ ‬المؤسسات‭.‬ ويتجه‭ ‬الاهتمام‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬إلى‭ ‬التعليم‭ ‬الجامعي‭ ‬ومخرجاته‭ ‬ومدى‭ ‬وملاءمتها‭ ‬لمتطلبات‭ ‬سوق‭ ‬العمل؛‭ ‬حيث‭ ‬تعد‭ ‬تلبية‭ ‬تلك‭ ‬المتطلبات‭ ‬والاحتياجات‭ ‬من‭ ‬الخريجين‭ ‬المُعِدّينَ‭ ‬إعدادا‭ ‬جيدا‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬يجابهها‭ ‬التعليم‭ ‬الجامعي،‭ ‬وعلى‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬دول‭ ‬العالم‭.‬ ويعني‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬مؤسسات‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬متابعة‭ ‬خريجيها،‭ ‬وإلى‭ ‬جمع‭ ‬البيانات‭ ‬عن‭ ‬أدائهم‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬التي‭ ‬يعملون‭ ‬لديها؛‭ ‬بهدف‭ ‬تأهيل‭ ‬الخريجين‭ ‬ورفع‭ ‬كفاءتهم؛‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬حل‭ ‬المشكلات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬العصرية‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬كافة‭ ‬مؤسسات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التطبيق‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬التسويقي،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يجد‭ ‬الخريج‭ ‬نفسه‭ ‬بعد‭ ‬التخرج‭ ‬غير‭ ‬مطلوب‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل؛‭ ‬لأن‭ ‬تغيرات‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬التعليمي‭ ‬من‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬عمليات‭ ‬وخدمات‭ ‬جديدة‭ ‬تستلزم‭ ‬معارف‭ ‬ومهارات‭ ‬متخصصة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬غير‭ ‬متاحة‭ ‬بعد‭ ‬في‭ ‬مؤسسات‭ ‬التعليم‭ ‬العالي،‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬يتطلب‭ ‬تحولا‭ ‬في‭ ‬دور‭ ‬تلك‭ ‬المؤسسات‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬الخريجين،‭ ‬وهذا‭ ‬يستلزم‭ ‬العمل‭ ‬بالتخطيط‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬بالدور‭ ‬المساعد‭ ‬في‭ ‬إحداث‭ ‬تحول‭ ‬نظام‭ ‬الأهداف‭ ‬بمؤسسات‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬البحرينية،‭ ‬وأن‭ ‬تأثير‭ ‬هذا‭ ‬التخطيط‭ ‬يحدده‭ ‬مستوى‭ ‬البداية‭ ‬لقدرة‭ ‬المؤسسة‭ ‬والقيادة‭ ‬التي‭ ‬تقف‭ ‬وراء‭ ‬الخطة‭.‬ والجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أن‭ ‬التخطيط‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬التسويقي‭ ‬يعرف‭ ‬بأنه‭: ‬عملية‭ ‬إدارية‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬تحليل‭ ‬بيئة‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬لتقييم‭ ‬الفرص‭ ‬وتَعَرُّفِ‭ ‬التهديدات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عمليات‭ ‬منظمة‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬المستقبل،‭ ‬ووضع‭ ‬الأهداف‭ ‬التسويقية‭ ‬للمؤسسة،‭ ‬واختيار‭ ‬استراتيجية‭ ‬التسويق‭ ‬وتنفيذها‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬الاستغلال‭ ‬الأمثل‭ ‬للموارد‭ ‬المتاحة‭ ‬للمؤسسة؛‭ ‬وذلك‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬ميزة‭ ‬تنافسية‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭.‬ ويعد‭ ‬التخطيط‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬التسويقي‭ ‬ضرورة‭ ‬حتمية‭ ‬وليس‭ ‬خيارا،‭ ‬وذلك‭ ‬للنهوض‭ ‬بمستوى‭ ‬الخريج،‭ ‬ولذلك‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬علاقات‭ ‬وطيدة‭ ‬بين‭ ‬مؤسسات‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬والأجهزة‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الحكومية‭ ‬المختلفة‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬بما‭ ‬يسمح‭ ‬بالربط‭ ‬بين‭ ‬عملية‭ ‬التكوين‭ ‬واحتياجات‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬البيئة‭ ‬المحلية،‭ ‬مما‭ ‬سيؤدي‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬عجز‭ ‬أو‭ ‬فائض‭ ‬في‭ ‬تخصصات‭ ‬معينة،‭ ‬ومن‭ ‬الضروري‭ ‬أيضًا‭ ‬إنشاء‭ ‬إدارة‭ ‬للتسويق‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬كلية‭ ‬من‭ ‬كليات‭ ‬مؤسسات‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬البحرينية،‭ ‬وخلق‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬التنسيق‭ ‬بين‭ ‬تلك‭ ‬الإدارات‭ ‬في‭ ‬الكليات‭ ‬المختلفة‭ ‬والجهات‭ ‬الاستشارية‭ ‬خارج‭ ‬مؤسسات‭ ‬التعليم‭ ‬العالي،‭ ‬ومحاولة‭ ‬توقع‭ ‬ما‭ ‬سيكون‭ ‬عليه‭ ‬المستقبل؛‭ ‬ففي‭ ‬مجال‭ ‬التسويق‭ ‬يوجد‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الخطط‭ ‬الواجب‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬من‭ ‬التنبؤ‭ ‬بأنماط‭ ‬المستهلك‭ ‬والنصيب‭ ‬التسويقي‭ ‬والظروف‭ ‬البيئية‭ ‬المحيطة‭ ‬من‭ ‬الأبعاد‭ ‬المهمة‭ ‬لتحقيق‭ ‬جودة‭ ‬الخدمة‭ ‬وقياس‭ ‬مدى‭ ‬تطابق‭ ‬مستوى‭ ‬جودة‭ ‬الخدمات‭ ‬المقترحة‭ ‬مع‭ ‬توقعات‭ ‬المستفيدين‭ ‬للحكم‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬جودة‭ ‬الخدمة‭ ‬المقدمة‭ ‬إليهم‭.‬ ومن‭ ‬هذا‭ ‬المنبر‭ ‬الوطني،‭ ‬الذي‭ ‬يدعم‭ ‬مسيرة‭ ‬البناء‭ ‬والتطوير‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬أود‭ ‬أن‭ ‬أدعو‭ ‬جميع‭ ‬مؤسسات‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تتجه‭ ‬إلى‭ ‬انتهاج‭ ‬التخطيط‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬التسويقي‭ ‬كأحد‭ ‬الأدوات‭ ‬الرئيسية‭ ‬والمهمة،‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تؤهلها‭ ‬لتصبح‭ ‬قطبا‭ ‬اقتصاديا‭ ‬وقاطرة‭ ‬للتنمية‭ ‬المحلية،‭ ‬وقناة‭ ‬فاعلة‭ ‬لتنفيذ‭ ‬رؤى‭ ‬وتطلعات‭ ‬وتوجهات‭ ‬القيادة‭ ‬الحكيمة‭ ‬الرشيدة‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬دومًا‭ ‬إلى‭ ‬وضع‭ ‬المواطن‭ ‬البحريني‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬الخطط‭ ‬التنموية‭ ‬المختلفة‭ ‬بوصفه‭ ‬محور‭ ‬التنمية‭ ‬وصانعها،‭ ‬وتؤمن‭ ‬بأن‭ ‬التعليم‭ ‬هو‭ ‬الأداة‭ ‬المثلى‭ ‬للاستثمار‭ ‬في‭ ‬رأس‭ ‬المال‭ ‬البشري،‭ ‬وأن‭ ‬الطلاب‭ ‬يمثلون‭ ‬المورد‭ ‬الأكثر‭ ‬استدامة‭ ‬لتعزيز‭ ‬قدرات‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬التنافسية‭ ‬وتعزيز‭ ‬مكانتها‭ ‬ضمن‭ ‬مصاف‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭ ‬عالميا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬العهد‭ ‬الزاهر‭ ‬لحضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬المفدى‭ ‬وبمساندة‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬حفظهما‭ ‬الله‭ ‬ورعاهما‭.‬ {‭ ‬كلية‭ ‬الآداب‭ - ‬جامعة‭ ‬البحرين

مشاركة :