بمراجعة أعداد خريجي مؤسسات التعليم العالي في مملكة البحرين يمكن ملاحظة أن أعداد الخريجين قد بدأت بأعداد صغيرة، ثم أخذت في الزيادة تدريجيا، مقارنة بالأعوام السابقة؛ مما يفسر مدى حاجة المجتمع البحريني إلى تلك المؤسسات، مع الوضع في الاعتبار أن القرن الحادي والعشرين فرض -بما يحمله من تطور تكنولوجي هائل خاصة التكنولوجيا الرقمية- على المؤسسات التي تريد البقاء والمنافسة أن تخطط لتسويق مخرجاتها في ظل وجود سوق عمل سريع التغيير، وأصبح التخطيط للتسويق لا يقل أهمية عن التخطيط لإدارة المؤسسات. ويتجه الاهتمام في هذا المجال إلى التعليم الجامعي ومخرجاته ومدى وملاءمتها لمتطلبات سوق العمل؛ حيث تعد تلبية تلك المتطلبات والاحتياجات من الخريجين المُعِدّينَ إعدادا جيدا من أهم التحديات التي يجابهها التعليم الجامعي، وعلى نطاق واسع في مختلف دول العالم. ويعني ذلك أن مؤسسات التعليم العالي تحتاج إلى متابعة خريجيها، وإلى جمع البيانات عن أدائهم من المؤسسات التي يعملون لديها؛ بهدف تأهيل الخريجين ورفع كفاءتهم؛ للمشاركة في حل المشكلات الاجتماعية العصرية التي تواجه كافة مؤسسات المجتمع المدني، من خلال التطبيق الاستراتيجي التسويقي، حتى لا يجد الخريج نفسه بعد التخرج غير مطلوب في سوق العمل؛ لأن تغيرات فرص العمل التعليمي من المحتمل أن تركز على عمليات وخدمات جديدة تستلزم معارف ومهارات متخصصة يمكن أن تكون غير متاحة بعد في مؤسسات التعليم العالي، كل ذلك يتطلب تحولا في دور تلك المؤسسات في إعداد الخريجين، وهذا يستلزم العمل بالتخطيط الاستراتيجي الذي يقوم بالدور المساعد في إحداث تحول نظام الأهداف بمؤسسات التعليم العالي البحرينية، وأن تأثير هذا التخطيط يحدده مستوى البداية لقدرة المؤسسة والقيادة التي تقف وراء الخطة. والجدير بالذكر أن التخطيط الاستراتيجي التسويقي يعرف بأنه: عملية إدارية تركز على تحليل بيئة سوق العمل لتقييم الفرص وتَعَرُّفِ التهديدات من خلال عمليات منظمة تركز على المستقبل، ووضع الأهداف التسويقية للمؤسسة، واختيار استراتيجية التسويق وتنفيذها في ضوء الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة للمؤسسة؛ وذلك للحصول على ميزة تنافسية في سوق العمل. ويعد التخطيط الاستراتيجي التسويقي ضرورة حتمية وليس خيارا، وذلك للنهوض بمستوى الخريج، ولذلك من الضروري أن تكون هناك علاقات وطيدة بين مؤسسات التعليم العالي والأجهزة والمؤسسات الحكومية المختلفة في مملكة البحرين، بما يسمح بالربط بين عملية التكوين واحتياجات سوق العمل في البيئة المحلية، مما سيؤدي إلى عدم وجود عجز أو فائض في تخصصات معينة، ومن الضروري أيضًا إنشاء إدارة للتسويق في كل كلية من كليات مؤسسات التعليم العالي البحرينية، وخلق نوع من التنسيق بين تلك الإدارات في الكليات المختلفة والجهات الاستشارية خارج مؤسسات التعليم العالي، ومحاولة توقع ما سيكون عليه المستقبل؛ ففي مجال التسويق يوجد الكثير من الخطط الواجب أن تقوم على أساس من التنبؤ بأنماط المستهلك والنصيب التسويقي والظروف البيئية المحيطة من الأبعاد المهمة لتحقيق جودة الخدمة وقياس مدى تطابق مستوى جودة الخدمات المقترحة مع توقعات المستفيدين للحكم على مدى جودة الخدمة المقدمة إليهم. ومن هذا المنبر الوطني، الذي يدعم مسيرة البناء والتطوير في مملكة البحرين، أود أن أدعو جميع مؤسسات التعليم العالي إلى أن تتجه إلى انتهاج التخطيط الاستراتيجي التسويقي كأحد الأدوات الرئيسية والمهمة، التي من شأنها أن تؤهلها لتصبح قطبا اقتصاديا وقاطرة للتنمية المحلية، وقناة فاعلة لتنفيذ رؤى وتطلعات وتوجهات القيادة الحكيمة الرشيدة التي تسعى دومًا إلى وضع المواطن البحريني في قلب الخطط التنموية المختلفة بوصفه محور التنمية وصانعها، وتؤمن بأن التعليم هو الأداة المثلى للاستثمار في رأس المال البشري، وأن الطلاب يمثلون المورد الأكثر استدامة لتعزيز قدرات مملكة البحرين التنافسية وتعزيز مكانتها ضمن مصاف الدول المتقدمة عالميا في ظل العهد الزاهر لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى وبمساندة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظهما الله ورعاهما. { كلية الآداب - جامعة البحرين
مشاركة :