بعد تصريحه المثير للجدل بشأن “التقاعد المبكر” يواجه مساعد محافظ المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية للشؤون التأمينية نادر الوهيبي حالة من السخط والجدل في تنظيره المؤسف والغير محسوب بحق أجيال أفنوا أعمارهم في خدمة الوطن . تلك التصريحات أثارت حفيظة المجتمع السعودي حيث ذكر الوهيبي “إن المتقاعدين مبكرًا يستنزفون أموال الصندوق مبينًا أن أعدادهم ارتفعت بشكل كبير، ويعيشون فترة أطول” !! أليس من حق هذا الموظف أن يخلد للراحة ،بعد تأمين مستقبله و أسرته ،ويحظى بالتكريم لِما قدمه من بذل وعطاء تجاه وطنه. فالمتقاعد مواطن، قضى زهره شبابه في خدمة الوطن، ومازال ينتظر زيادة في معاشه التقاعدي؛ هل من الوفاء أن يقابل إحسان هؤلاء و إسهاماتهم الكبرى في نهضة المجتمع بهذا الجحود والنكران ؟!! وكأنهم أصبحوا عالة على المجتمع لافائدة من وجودهم. مرحلة “التقاعد” تعتبر من أخطر المراحل التي يمر بها الشخص، وخصوصاً أنها تأتي بعد رحلة كفاح طويلة من العطاء . الجميع لاينكر حقيقة الحاله النفسية التي يمر بها هؤلاء المتقاعدين، وإحساسهم بالعزلة الاجتماعية والشعور بالإحباط والكآبة بعد سنوات من التفاني في العمل والتضحيات. يبدو للوهلة الأولى من تلك التصريحات مدى هشاشتها وعدم منطقيتها، كونها تفتقر لِخطط مدروسة تُزيل الضبابية حول مصير هذه الفئة . لعل الوهيبي خانه التفكير قبل التعبير بالحديث عن التقاعد المبكر والقلق من تزايد الطلب عليه مما يسبب صعوبة في صرف معاشاتهم!! فأطلق العنان لكلماته المجحفة بحق تلك الشريحة العريضة من المجتمع، ولم يدر في خلده النسبة المقلقة والتضخم السنوي لإعداد الخريجين المتزايد. صفوف طويلة من العاطلين مازالوا ينتظرون على أرصفه البطالة يكتنف أحلامهم الغموض والخيبة،أنهكهم الأنتظار في سبيل تحقيق حياة كريمة قبل انقضاء العمر . كان يجدر بمن أثار تلك التصريحات أن يضع بحسبانه تزايد البطالة وتأثيرها السلبي على المجتمع وتهميش العاطلين !! أولئك الذين تحمل عقولهم أفكار التجديد، وتجري في عروقهم الحماس والشغف والإبداع . الأحرى بتلك المؤسسات التقاعديه أن تعيد التفكير في تُمدد خدمة المتقاعدين بسبب الخوف من إزدياد أعدادهم وصرف معاشاتهم ،ثم خلق برامج تؤاهلهم إلى سوق العمل وتدعمهم بشكل أفضل، و توفر آلية باستقطاب الكفاءات والاستفادة منها في توظيف خبراتها الطويلة، والمبادرة لإشراكهم في التنمية الاجتماعية والاقتصادية. لمسة وفاء من المجتمع لهذه الفئة سوف تنعكس بالإيجاب على الفرد وإنتاجيته في تحسين أوضاعهم والاستفادة من تجاربهم، وتأمين مستقبلهم، والنظر بإيجابية لسن التقاعد وضخ دماء شبابية في سوق العمل، وتحفيز هؤلاء المحاربين القدامى على تسليم الراية لأولئك الشباب القابعين خلف أسوار البطالة والانخراط في خدمة الوطن واستكمال مسيرة البناء والتجديد .
مشاركة :