يتعلق السؤال الأول الذي سيطرح بنسبة المشاركة التي ستتكشف تدريجياً. ففي الدورة الأولى، امتنع اثنان من كل ثلاثة ناخبين (66,72 بالمئة) عن التصويت في نسبة قياسية منذ بداية الجمهورية الخامسة في 1958. وأسباب هذا الامتناع عديدة من ملل من السياسة إلى عطلة نهاية أسبوع صيفية بينما ترفع فرنسا إجراءات الحجر الصحي وغيرها. ورأت جيسيكا سينتي المحاضرة في العلوم السياسية في جامعة أفينيون (جنوب) أن الأمر "مزيج من كل هذه الأسباب مجتمعة". وأضافت "نشهد اكتمال الانفصال بين الناخبين والطبقة السياسية، وفي الأوضاع الصحية الراهنة كان هناك القليل من النشاطات في الخارج، ما أدى إلى تعقيد التواصل مع جزء من الجمهور". طوال الأسبوع، بدا التأثر واضحاً على معظم الأحزاب السياسية بسبب هذه الأرقام القياسية وفكرت ببعض التغييرات. وقال عدد من كوادر الغالبية بمن فيهم المتحدث باسم الحكومة غابريال أتال إنهم يؤيدون التصويت الإلكتروني في المستقبل، بينما يعول آخرون على المدى القصير، على حملة "خاطفة" على شبكات التواصل الاجتماعي لتشجيع الناخبين على التحرك الأحد. وستكون المهمة شاقة. فقد أشار استطلاع للرأي نُشر الخميس إلى أن 36 بالمئة فقط من الفرنسيين يعتزمون التوجه إلى مراكز الاقتراع في الدورة الثانية. نقاط غموض كثيرة بمعزل عن مسألة المشاركة في التصويت، يتسم اقتراع الأحد بنقاط غموض عديدة في مناطق عدة. فاليمين المتطرف المتمثل بالتجمع الوطني لم يصل إلى المرتبة الأولى سوى في منطقة واحدة هي بروفانس-ألب كوت دازور (جنوب شرق) في نتيجة مخيبة للآمال مقارنة باستطلاعات الرأي التي سبقت الاقتراع في مناطق عدة. وفي المنطقة نفسها، سيتواجه مرشح اليمين القومي تييري مارياني مع منافسه اليميني رونو موزولييه الذي يفترض أن يستفيد من انسحاب لائحة اليسار. وهي المنطقة الوحيدة التي يبدو فيها حزب الجبهة الوطنية في وضع يسمح له بالفوز الذي سيكون إذا تحقق مع ذلك، تاريخيا لأن اليمين المتطرف لم يحكم المنطقة يوما. وقال جيروم سانت ماري إن "فرضية فوز لمارياني وإن كان غير مرجح، ستدل على أن الجبهة الوطنية قادرة على الانتصار بمفردها على تحالف كل الآخرين ويمكنها الوصول إلى سلطة تنفيذية نافذة لمنطقة حديثة مفتوحة على العالم". وبالنسبة للغالبية الرئاسية، تبدو النتيجة أقل إشراقاً. فعلى الرغم من مشاركة عدد من الوزراء في الحملة الانتخابية، لم تحقق قوائم عديدة نسبة العشرة بالمئة اللازمة لخوض الدورة الثانية. والأسوأ من ذلك هو أن حزب الجمهورية إلى الأمام ليس في وضع يمكنه من الفوز في أي من المناطق ال13 في فرنسا القارية، ويمثل على المستوى الوطني القوة الانتخابية الخامسة في البلاد. وقالت جيسيكا سينتي إن "حزب الجمهورية إلى الأمام يعاني من ضعف وجوده المحلي لكن ذلك لم يمنعه من الفوز في 2017 في الانتخابات الرئاسية والتشريعية". هل يمكن أن يعاد انتخاب ماكرون وما معنى أداء حزبه الضعيف في الانتخابات الإقليمية لفرنسا؟ .هل تمثل "حملة ريفيرا" مفتاح الأمل لحزب التجمع اليميني المتطرف في فرنسا؟ من سيخرج فائزاً في هذه الانتخابات؟ الأحزاب "التقليدية" على الأرجح، التي ضعف وجودها في المشهد الإعلامي في السنوات الأخيرة وهزها الانتخاب المفاجئ للوسطي إيمانويل ماكرون الذي انتزع ناخبي اليمين واليسار على حد سواء في الاقتراع الرئاسي في 2017. ويبدو اليمين في وضع جيد للاحتفاظ بالمناطق الست التي يحكمها حاليا وإن كان يرجح أن تكون المنافسة حادة في إيل-دو-فرانس (منطقة باريس) أو بروفانس-ألب كوت دازور. في المقابل، يفترض أن تسمح تحالفات بين دعاة حماية البيئة والاشتراكيين وحزب فرنسا المتمردة (أقصى اليسار) لليسار بالفوز في عدد من المناطق. لكن هذه العودة للانقسام بين اليسار واليمين يجب تحليلها بحذر ولا شيء يوحي بأن المنافسة التي تتوقعها كل معاهد استطلاعات الرأي، بين ماكرون وزعيمة حزب الجبهة الوطنية مارين لوبن في الانتخابات الرئاسية لعام 2022 أصبحت موضع شك. وقال جيروم سانت ماري إن "الأحزاب التقليدية تستفيد من الشبكة الكبيرة التي حافظت عليها في المناطق"، موضحاً أن "الانقسام بين اليسار واليمين ما زال قائما على مستوى المؤسسات المحلية لكن لم يترجم حاليا على المستوى الوطني".
مشاركة :