كثيراً منّا لا يعرف قيمة النعمة حتى يفقدها فيعود إلى رشده باحثاً عنها دون جدوى لأن النعم إن زالت لا تعود وخصوصاً تلك التي خصنا بها الله ولم يكن لنا في خلقها حولاً ولا قوة. في اثناء استعراضي وجولتي (الإنترنتية) في الشبكة العنكبوتية لفت نظري (الله يقويه) خبراً غريباً عن امرأة مختلة تدعى (جويل شوبمن) ، تلك المجنونة هي سيدة من كارولاينا الشمالية ، وفي الواقع لا أدري ما نوع الجنون الذي مس عقلها لأنها قد قامت بإعماء نفسها بنفسها عن طريق سكب منظف كيميائي في عينيها ! والأدهى من ذلك أنها كانت تحاول أن تفقد نفسها تلك النعمة العظيمة منذ صغرها ، إلى جانب أنها قد كانت تحب السير ليلاً في الظلام بعد منتصف الليل منذ أن كانت في الرابعة من عمرها في سبيل الوصول لتحقيق أمنيتها بالعمى ، وفي السادسة من عمرها كانت تنظر للشمس لفترات طويلة في محاولات منها لإفقاد عينيها النور ! لم ينته الخبر إلى هنا ، بل واصلت (جويل المُختلة) السعي للخلاص من النور فتعلمت كيفية المشي (بالعصا) للتنقل بأريحية منذ أن كانت في عز شبابها وتعلمت “لغة برايل” وهي لمن لا يعرفها نظام كتابة ليلية أبجدي يساعد المكفوفين على القراءة عن طريق حاسة اللمس وقد نجحت بإتقانها تماماً في عامها العشرين ، وحينما قامت بسكب المنظف في عينيها لتحقق حلمها تمكن الأطباء من إسعافها ومعالجتها مما أغضبها بشدة ولكنها فقدت بصرها تماماً مع الوقت. وغباء هذه (الجويل) جعلني أبحث اكثر عن المسببات التي قد تدفع أي إنسان سوي أو “شبه مجنون” إلى إيذاء نفسه بنفسه بهذه الطريقة الغريبة والقاسية فوجدت أن هناك مرضا نفسيا يسبب اضطرابا في الهوية ويشعر المريض أن واحداً من أطراف الجسم وحواسه لا تنتمي إلى الذات ولا لها أي لزوم ويمكن الاستغناء عنها ، وقد (شخصت) الحالة بمعرفتي وخبرتي الطويلة في التعاطي والتعامل مع (المرضى النفسيّين) وهي مُصابة به بدون أي شك. لأن الإنسان قد يؤذي نفسه بطرق عديدة لكن أن يحاول ايذاء ذاته بمثل ما فعلت تلك السيدة هذا ما يدعو للدهشة فعلاً ! ولأن العلم نور الحمد لله دراستي وحصولي على (الدكتوراه) في الطب النفسي لم تذهب سُداً فقد وجدت تشخيصا للحالة وإجابة على سؤالي ودهشتي من تصرفها وشرحته لكم بشكلٍ علمي ، وربما لو كانت جويل (من ربعنا) لساعدناها وبحثنا لها عن شيخ ليُرقيها ويخرج منها ذاك (الشيطان الرجيم) الذي وسوس لها بالعبث في أعز ما تملك (يا كافي). اللهم احفظ لي سمعي وبصري ومن يهتم لأمري. @rzamka Rehamzamkah@yahoo.com
مشاركة :