الأسلوب الفكاهي الساخر في رواية "فيلا الأستاذ ظريف" لليافعين

  • 6/28/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تلامس رواية “فيلا الأستاذ ظريف” للأديبة اللبنانية الدكتورة إيمان بقاعي أحد الهموم الاجتماعية المعيشية التي ترتبط بالمسكن اللائق، طلبا للأمان والسكينة، بكل ما يتعلق بذلك من موقع ومساحة وشروط ملائمة أخرى، وبكل ما يحيط به من بيئة وجيرة .. لعله من غير المطروق أن يتمحور موضوع رواية لليافعين حول المسكن باعتباره ليس من أولويات شواغلهم، ولكننا عندما ندرك تأثير المسكن وما يحيط به على حياتهم وتنشئتهم ومستقبلهم وأحلامهم المستقبلية فإن الرواية لن تكون غريبة عن اهتماماتهم وستلامسها بصورة أو بأخرى. وأتذكر في هذا المقام (قصة قصيدتي البدوي علي بن الجهم الأولى والثانية والخليفة المتوكل، ومطلع الثانية كما هو معروف ” عيون المها بين الرصافة والجسر..) نجحت الكاتبة في مستهل قصتها بشدّ القراء إلى أحداث الرواية عبر الرحلة التي يصحب فيها ظريف أمه بسيارته القديمة المتهالكة “دلال” في طريق جبلية متصاعدة ضيقة حتى قمة جبل عال، ثم هبوطا لواد سحيق، وصولا لبيت صغير بجانب بيت مهجور ليفاجئها بقوله: ” هذا بيتنا الجديد!” . لكن أغلب القصة تسير بعد ذلك بوتيرة غير متسارعة عبر لغة سردية وسجال حواري ترتفع وتيرته حينا وتهدأ أحايين أخرى بين ” أم ظريف” من جهة وبين ابنها ظريف وأبوه من جهة أخرى لإقناعها بالبيت الجديد بدلا من البيت الضيق الذي كانوا يسكنونه في حارة شعبية مكتظة بالسكان في إحدى ضواحي بيروت، وللتخلص من الضجيج المحيط به (تحديدا إقناع أم ظريف بالبيت الجديد النائي بدون الجارات اللواتي اعتادت على “ثرثرة النفش” معهن). ولعل الأسلوب الساخر الذي غلب على لغة السرد والحوار باقتدار أحد أهم نقاط قوة الرواية في جذب اليافعين ـ وحتى الكبار ـ وجعلهم يتابعون خيط أحداثها حتى النهاية دون ملل، بحكم أن روح الفكاهة هي الأقرب إلى قلوبهم.اتضحت إحدى نهايات الرواية بقبول أم ظريف بالبيت الجديد، ولكن نهاية أخرى لها ظلت مفتوحة وهي المتعلقة بجار البيت الجديد “أبو بارودة” “خريج السجون” الذي يعمد عادة لقتل الكلاب والقطط، رغم ما بدا بين الجانبين من شد وجذب، والجمع بين هاتين النهايتين قد يكون قد أرضى القراء حينا وجعلهم متلهفين ومتطلعين لمعرفة النهاية الأخرى حينا آخر . لغة الرواية متينة وسلسلة في نفس الوقت، استخدمت أحيانا مصطلحات وتراكيب من اللهجة الدارجة اللبنانية مثل “أم نفشة” وطريق ” الزحليطة” و”هلكتينا” ..كما تضمنت بعض التراكيب الفصيحة التي تثري ثقافة اليافعين ـ وهي قليلة ـ وقد تستفز فيهم روح البحث للتعرف عليها وعلى مدلولاتها بدقة مثل ” زرقاء اليمامة ” و “قبائل الهون” وغيرها، كما جعلتنا أكثر التصاقا بالشخصيات عبر أسلوب سرد متمرس ولغة حوار متقنة سبرت أغوارها بعمق واقتدار. تجربة جديرة بالاطلاع وعمل يستحق القراءة، وقد أُنجِزت في عام 2015 وخصصت للمرحلة العمرية ( 12ـ 15 عاما).

مشاركة :