«المعيلة».. رواية نسوية لليافعين

  • 8/10/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

إذا كان من الجائز الحديث عن أدب نسوي لليافعين فإن رواية المعيلة واحدة من علامات هذا الأدب، صدرت النسخة العربية من الرواية عن دار كلمات وهي من تأليف الكندية ديبورا أليس وترجمة جنى الحسن، والمعيلة هي سلسلة من الحكايات تقتفي مسار سيدات من أفغانستان تحت حكم طالبان، صدرت هذه السلسلة حتى الآن بخمس وعشرين لغة، وتعمل حالياً أنجلينا جولي على إنتاجها للسينما لتعرض في العام المقبل كفيلم كرتون. بطلة الرواية هي بارفانا، طفلة في الحادية عشرة من العمر، على أعتاب أنوثتها، كان يجب أن تتطلع، كأي فتاة، إلى بلوغها والتمتع بالتغيرات الحتمية في الصوت والشكل والحركة. لكنها بدلاً من ذلك، ومع تقييد حركة النساء حتى الشلل، ومع سجن الأب، العائل الوحيد، تقرر أسرتها المكونة من مجموعة من النساء وطفل رضيع أن تحولها إلى صبي، بعد أن تعذر عليهم حتى شراء الخبز من السوق من دون ملاحقة من جماعة طالبان. تقترح الأم: إن كنت صبياً فستتمكنين من التحرك بسهولة من وإلى السوق، وتشترين ما نحتاج إليه، ولن يوقفك أحد. تقص الأم شعر ابنتها الطويل وتسميها قاسم، وتنسج لها حكاية في حال سأل الجيران. على الرغم من شعورها بالمهانة في البداية لسهولة تحول شكلها من فتاة إلى صبي، خصوصاً مع تلميحات أختها الكبرى التي نضج جسمها واعتدادها بأنوثتها وجمالها، إلا أن بارفانا تنعم بذاك الهامش من الحرية فور أن تنطلق إلى السوق حاملة حقيبة والدها لتعمل محله في قراءة وكتابة الرسائل للزبائن الأميين. مرتدية ملابس أخيها الذي توفي في عمرها تقريباً قبل سنوات، تكتشف كم أنه من الجميل أن يكون في ملابسها جيوب! تشعر بخفة في رأسها من دون ثقل شعرها وشادورها، تشعر بالشمس تلفح وجهها، ونسمة خفيفة عائمة من الجبال تجعل الهواء عليلاً وناعماً. وعندما تباشر العمل وتشعر بالمال الذي جنته مدسوساً بأمان في جيبها. يغمرها شعور بالاعتداد بالنفس، وتركض طوال طريق العودة إلى المنزل. في البداية كانت مرتعبة كانت شبه متأكدة من أنه في لحظة ما سيشير أحد المارة إليها ويصرخ: فتاة كانت الكلمة لتدوي في السوق مثل لعنة. ذلك قبل أن يتعثر فتى يعمل في بيع الشاي ويقع بالقرب منها لتكتشف أنه أيضاً فتاة أخرى من صفها، متنكرة من أجل لقمة عيش لا يمكنها أن تقضي على الجوع، أوالحاجة لأسر فقدت عوائلها وممتلكاتها في الحروب الطويلة. هذا بالطبع لا يعني أن حياة الذكور رائعة، فما تختبره الفتاتان باعتبارهما صبيان أقسى من أن يحتمله قلب مذكر أو مؤنث، من وحشية طرق كسب العيش المتاحة إلى وحشية مشاهدة العقوبات الجماعية العلنية التي تنفذها طالبان في الاستاد الرياضي. تناضل النساء في الرواية كل واحدة على طريقتها، فالطفلة صديقة البطلة المتنكرة في صورة صبي تقرر الهرب إلى فرنسا مع حلول الربيع. بدأت أكبر، بدأ شكلي يتغير، إن تغير كثيراً فسأضطر إلى أن أعود فتاة وعندها سأعلق هنا وتستلهم بارفانا شجاعة ملالا البطلة القومية لأفغانستان، ليس من أجل القتال كما فعلت ملالا، بل لمجرد الاستمرار في الحياة، تسير بأقدام متورمة حاملة دلاء الماء إلى منزل أسرتها، وتعمل بجد، تنبش القبور، وتزرع الورود. بينما تقرر أختها التي تبدو أضعف منها وأقل حيلة وأقل قدرة على المواجهة أن تقبل الزواج من ابن الجيران القدامى الذي أصبح يسكن في مزار الشريف بعيداً عن سلطة طالبان. الأم وهي بالأصل كاتبة تلتقي بإحدى صديقاتها وتقرران إصدار مجلة توثق وتفضح ما يحدث في البلاد من انتهاكات. كما تنشآن معاً مدرسة سرية لتعليم الفتيات داخل الغرفة الواحدة التي تسكنها الأسرة. في التقديم قبل الرواية تؤكد الكاتبة على دور الغرب، الاتحاد السوفييتي وأمريكا، في إشعال الحرب على أرض أفغانستان ترتكب الحروب من قبل أشخاص أكسل من أن يتقدموا بالعمل الإبداعي والرحمة للخروج بحلول لمشاكلهم لا تنطوي على القتل. لكنها تنشغل بعد هذا التقديم بالمخلوق الذي أنجبته تلك الحروب بعدما غادر السوفييت قرر الأشخاص الذين يطلقون النار عليهم أنهم يريدون أن يستمروا بإطلاق النار على شيء ما، فأطلقوا النار على بعضهم البعض. كما تدخلنا في تفاصيل معاناة فقدان البنية الأساسية. في أفغانستان حيث تناوب الغرباء والأهل على هدم كل شيء. حنان جاد

مشاركة :