تراجعت أسعار النفط الخام أمس بعد تسجيلها أعلى المستويات من المكاسب منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2018، نتيجة تجدد إصابات كورونا في بعض الدول الآسيوية والأوروبية، ما دعم حالة القلق على استقرار نمو الطلب العالمي على النفط والوقود، كما أسهم ارتفاع سعر الدولار في الضغط مجددا على أسعار الخام وفقا للعلاقة العكسية بينهما. وتراقب السوق الاجتماع الوزاري الجديد لمنظمة أوبك وخارجها - تحالف "أوبك+" - بقيادة السعودية وروسيا في لقاء شهري جديد عبر الإنترنت، لمراجعة بيانات السوق مع احتمال إقرار زيادة جديدة في الإمدادات النفطية بدءا من آب (أغسطس) المقبل. وقال لـ"الاقتصادية"، محللون نفطيون "إن أغلب التكهنات في السوق حاليا هي أن "أوبك+" سيرفع الإمدادات على الأرجح في آب (أغسطس) المقبل بنحو 500 ألف برميل يوميا خلال اجتماعه غدا"، مشيرين إلى أن هذه الزيادة أقل من طموحات السوق، لكنها تعكس حذر المنتجين خاصة بعد انتشار متغير "دلتا" الجديد من وباء كورونا. وأكد سيفين شيميل مدير شركة "في جي آندستري" الألمانية أن السوق تأخذ هدنة قصيرة لالتقاط الأنفاس بعد قفزات متلاحقة في الأسعار دفعت النفط الخام نحو أعلى مستوى منذ 2018، مبينا أن التراجعات تأتي في إطار طبيعي لتصحيح الأسعار خاصة في ضوء ترقب السوق لوضع الوباء مجددا بعد انتشار فيروس "دلتا" المتحور علاوة على بقاء احتمالية التوصل إلى صفقة في المفاوضات النووية مع إيران. وذكر أن بعض التقارير الدولية مثل "ريستاد إنرجي" ترجح أن يقدم المنتجون في "أوبك+" على زيادة متواضعة لا تتجاوز 100 إلى 200 ألف برميل يوميا في آب (أغسطس) تحسبا للوضع الهش في السوق وعودة حالة عدم اليقين المهيمنة على السوق بعد تجدد نسبي في الإصابات الجديدة بالوباء. من جانبه، أوضح روبين نوبل مدير شركة "أوكسيرا" الدولية للاستشارات أن مجموعة "أوبك+" لديها رؤية شاملة لجميع تطورات السوق وهي تفضل متابعة تطورات الطلب واتخاذ القرار المناسب في ضوء هذه التطورات وهو ما يضمن لها مزيدا من المرونة في العمل واستمرار مكاسب الأسعار، مبينا أن المجموعة تراعي ضعف امتثال بعض الدول المنتجة كما تأخذ في الحسبان أيضا نشاط بعض الدول المعفاة من قيود الإنتاج التي قد تضخ زيادات بشكل غير متوقع. وذكر أن مراقبة الوضع الوبائي ستكون المؤثر الأكبر في الأسعار وفي قرارات المنتجين في "أوبك" وخارجها، لافتا إلى بقاء احتمال تعرض أسعار النفط لضربة بسبب الانتكاسات الجديدة في وضع جائحة كورونا في أوروبا وجنوب شرق آسيا وأستراليا. من ناحيته، قال ماركوس كروج كبير محللي شركة "أيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز "إن التفاؤل بتعافي الطلب في فصل الصيف ما زال قويا وهو الأوسع تأثيرا في السوق على الرغم من عودة شبح الإغلاقات مجددا في بعض الدول واحتمال إعادة قيود السفر، ما يؤثر في الطلب على البنزين والديزل ووقود الطائرات". وأشار إلى تقارير دولية تتوقع اتفاق وزراء "أوبك+" غدا على إجراء زيادة في الإنتاج بمقدار 550 ألف برميل يوميا في آب (أغسطس) المقبل، عادا ذلك بالكاد يمثل ربع العجز العالمي الذي تتوقعه "أوبك+" خلال الشهر نفسه، مبينا أن أسواق النفط تحث المنتجين بقوة من أجل ضخ مزيد من الإمدادات لتهدئة وتيرة حمى صعود الأسعار. بدورها، أكدت ويني أكيللو المحللة الأمريكية في شركة "أفريكان إنجنيرينج" الدولية أن السوق تميل إلى توقعات بأن تحافظ "أوبك+" على إمدادات محدودة بما يكفي لدعم المستويات الحالية للأسعار انتظارا لإحكام السيطرة على الإصابات الجديدة بسلالة دلتا المتحورة. ولفتت إلى أن أزمة الوباء المتأرجحة أدت إلى لجوء بعض أكبر مصافي النفط التي تركز على التصدير في آسيا إلى خفض معدلات المعالجة مع عودة متحور الفيروس في التأثير في توقعات تعافي الطلب خاصة في الصين والهند التي كانت في حالة من وفرة الوقود الواسعة. وفيما يخص الأسعار، انخفض النفط للجلسة الثانية أمس بفعل مخاوف حيال تباطؤ نمو الطلب على الوقود مع تسبب تفشي سلاسة دلتا الأشد عدوى من كوفيد - 19 في فرض قيود جديدة على التنقل في أنحاء العالم. وبحسب "رويترز"، تراجعت العقود الآجلة لخام برنت 26 سنتا أو ما يعادل 0.4 في المائة إلى 74.42 دولار للبرميل بحلول الساعة 06:51 بتوقيت جرينتش، بعد أن نزلت 2 في المائة أمس الأول. وانخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 19 سنتا أو ما يعادل 0.3 في المائة إلى 72.72 دولار للبرميل، لتواصل خسارة 1.5 في المائة تكبدتها أمس الأول. ويأتي ارتفاع الحالات المصابة بسلالة دلتا في الوقت الذي من المقرر أن تجتمع فيه منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" وروسيا وحلفاء، المجموعة المعروفة باسم "أوبك+"، لمناقشة تخفيف قيود الإمدادات. وتظهر توقعات "أوبك" للطلب أنه في الربع الأخير من العام سينخفض المعروض العالمي من النفط عن الطلب بواقع 2.2 مليون برميل يوميا، ما يمنح المنتجين بعض المجال للاتفاق على زيادة الإنتاج. ويقول محللون "إن المجموعة سترفع الإمدادات في آب (أغسطس)، إذ تشهد السوق شحا بفعل نمو قوي على طلب الوقود في الولايات المتحدة والصين، أكبر مستهلكين في العالم للخام". وفرضت إسبانيا والبرتغال، الوجهتين المفضلتين لقضاء العطلات الصيفية لدى الأوروبيين، قيودا جديدة على البريطانيين الذين لم يتلقوا اللقاح، بينما يواجه 80 في المائة من الأستراليين قيودا أكثر صرامة بسبب انتشار الفيروس في أنحاء البلاد. من جانب آخر، تراجعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 73.84 دولار للبرميل أمس الأول مقابل 74.19 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس "إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول انخفاض عقب عدة ارتفاعات متتالية، كما أن السلة كسبت نحو دولار واحد مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 72.45 دولار للبرميل".
مشاركة :