من شح الوقود والسيولة إلى الفوط الصحية.. الأزمة الخانقة تدفع اللبنانيات إلى استعمال القماش والحفاظات

  • 7/1/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

جراء الإنهيار الاقتصادي المتسارع منذ صيف العام 2019، بات 55 بالمئة من اللبنانيين يعيشون تحت خط الفقر، وفق الأمم المتحدة. ومع خسارة الليرة أكثر من 90 بالمئة من قيمتها أمام الدولار، ارتفعت أسعار السلع على أنواعها بشكل هائل، وانقطعت أخرى من الأسواق، بينها أدوية مزمنة وحليب الأطفال. كغيرها من السلع، ارتفعت أسعار الفوط الصحية تدريجاً بحوالي 500 في المئة في الفترة الأخيرة. ويراوح سعر بعض أنواعها اليوم بين 13 و34 ألفاً، مقارنة مع ثلاثة آلاف في السابق. "المصروف أو الفوط؟" لم تكن الفوط الصحية يوماً بين السلع المدعومة من قبل السلطات التي بدأت قبل فترة وبشكل تدريجي رفع الدعم عن سلع عدة، آخرها المحروقات وحتى السكر والبن واللحوم. في محل "ثياب العيد" في بيروت، المخصّص أساساً لتوزيع ثياب مستعملة مجاناً على العائلات المحتاجة، حضرت قبل أيام سيدة تشكو لازدهار، الموظفة في المحل، معاناتها المتجددة في توفير الفوط الصحية لبناتها الثلاث. تروي ازدهار كيف أنصتت بتمعّن وتأثر لما قالته السيدة، إذ أن كلامها ينطبق تماماً على واقع تعيشه بنفسها مع بناتها الثلاث (12 و13 و14 عاماً). وتقول "لم أعد قادرة على شراء الفوط الصحية، أحياناً أخذ لهنّ حفاضات حديثي الولادة من المحل". بوريل: أزمة لبنان سببها "صراع على توزيع السلطة" بين الأفرقاء السياسيين شاهد: طوابير طويلة أمام محطات الوقود ترسم وجهاً آخر لأزمة لبنان الاقتصادية كيف تبدو الحياة في لبنان وسط الأزمة الاقتصادية الخانقة وسياسة التقنين؟ وتضيف "ابنتي الصغيرة بدأت الدورة الشهرية معها حديثاً، تقول لي باستمرار، لا أعرف كيف أستعملها (قطع القماش والحفاضات)، أرتبك جداً"، موضحة "بات الأمر يؤثر عليها نفسياً حتى أنها لم تعد تخرج من المنزل خلال فترة الدورة الشهرية". لا تعلم إزدهار، التي تتحدث عن طلب متزايد من نساء يسألن عن الفوط الصحية والقماش، ما سيكون الوضع عليه في الفترة المقبلة مع الانهيار المتمادي. تشعر أنها مكبلة اليدين، وتسأل بحرقة "هل أعطيهنّ مصروفاً... أم أشتري لهنّ الفوط الصحية؟". "المسلسل ذاته" اعتادت مبادرة "دورتي" لمحاربة "فقر الدورة الشهرية"، وفق ما تشرح لين تابت مصري، توزيع سلال نسائية تضم فوطاً صحية على النساء الأكثر حاجة لكن مؤخراً " باتت نساء من الطبقة الوسطى بحاجة إليها أيضاً، على غرار موظفة في مصرف لم يعد راتبها بالليرة يكفيها". وتقول تابت "نعجز عن تلبية كل الطلبات على الفوط الصحية، رغم ازديادها، لتراجع التبرعات بشكل كبير"، موضحة "في السابق، اعتادت عائلات وطلاب على التبرّع لنا بفوط صحية ولو بكميات صغيرة، لكن كثراً الآن باتوا عاجزين حتى عن التبرع". في مخيم شاتيلا في بيروت، تدرّب منظمة "أيام من أجل البنات" الدولية (دايز فو غيرلز) لاجئات فلسطينيات نزحن من سوريا خلال سنوات الحرب الأولى على خياطة فوط صحية مصنوعة من قطع قماش ملونة يفصل بينها النايلون منعاً لحصول تسربات. فور الانتهاء من التدريب، ستعد اللاجئات تلك الفوط لتوزع لاحقاً في المناطق الأكثر فقراً كعكار شمالاً ومخيمات النازحين السوريين. وعلى وقع الأزمة الاقتصادية، التي لم تتوقعها في بلد لجأت إليه بحثاً عن الأمان، فضّلت ريما علي (45 عاماً) استخدام فوط القماش، التي تتدرب على خياطتها، بعدما عانت الأمرين مع المناشف القديمة لعدم تمكنها من شراء الفوط الصحية. وتقول الوالدة لثلاثة صبيان وثلاث بنات عمر أصغرهن 12 عاماً، "قبل الغلاء، كنا نستهلك ستّ علب على الأقل، لكن حين ارتفع سعر الصرف، بات الأمر يُشكل عبئاً علي". وأعادت الأزمة إلى ذهن ريما ذكريات حرب فرّت منها قبل نحو تسع سنوات. وتقول "مرّت علينا ظروف صعبة في سوريا، وأيام لم نستطع فيها شراء الخبز، كنا نقطع الثياب القديمة ونستخدمها" بدل الفوط الصحية. وتضيف "لم أتوقع أن يعاد المسلسل ذاته اليوم".

مشاركة :