قتل 95 شخصا على الأقل في انفجارين يشتبه أنه نفذهما انتحاريان أثناء مسيرة لنشطاء موالين للأكراد وعماليين خارج محطة القطارات الرئيسية في أنقرة أمس السبت (10 أكتوبر/ تشرين الأول 2015)، قبل أسابيع من انتخابات برلمانية وذلك في أكثر هجوم من نوعه دموية على الأراضي التركية. وشاهد مراسل لرويترز في الموقع جثثا مغطاة بالأعلام والملصقات بما فيها أعلام حزب الشعوب الديمقراطي المعارض الموالي للأكراد وتناثرت بقع الدماء والأشلاء على الطريق. وألقى الحزب اللوم على الحكومة التي قال إن يديها ملطختان بالدماء. وأظهرت لقطات بثتها شبكة (سي.إن.إن ترك) صفا من الشباب والشابات وهم يرقصون وقد تشابكت أيديهم قبل أن يصابوا بالذعر مع دوي انفجار خلفهم حيث تجمع الناس وهم يحملون ملصقات لحزب الشعوب الديمقراطي واليسار. وقال الرئيس طيب إردوغان "هذا الهجوم في محطة قطارات أنقرة شأنه شأن الهجمات الإرهابية الأخرى يستهدف وحدتنا وتكاتفنا وإخوتنا ومسقبلنا". وكان إردوغان قد توعد بسحق حركة التمرد الكردية منذ انهيار هدنة مع الدولة التركية واستئناف أعمال العنف في يوليو تموز. وقال مكتب رئيس الوزراء إن 95 شخصا قتلوا في الهجوم وأنه ما زال يجري علاج 246 آخرين 48 منهم في العناية المركزة. وذكر شهود أن الانفجارين وقعا بعد العاشرة صباحا بقليل ولم يفصل بيهما إلا ثوان بينما تجمعت حشود تضم نشطاء حزب الشعوب الديمقراطي واليساريين والنقابات العمالية ومنظمات المجتمع المدني الأخرى للمشاركة في مسيرة سلام احتجاجا على الصراع بين قوات الأمن التركية والمقاتلين الأكراد في جنوب شرق البلاد. وقال سردار (37 عاما) الذي كان يعمل في كشك لبيع الصحف بمحطة القطارات "سمعت انفجارا كبيرا في البداية وحاولت أن أحمي نفسي مع تحطم النوافذ. ثم بعدها على الفور وقع الانفجار الثاني... كان هناك صراخ وبكاء وبقيت تحت الصحف لبعض الوقت. شممت رائحة اللحم المحترق". ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم الذي جاء مع اشتداد المخاطر الخارجية لتركيا العضو في حلف شمال الأطلسي مع احتدام المعارك على الجانب الآخر من حدودها مع سوريا وانتهاك طائرات حربية روسية لمجالها الجوي خلال الأسبوع الماضي. وقال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو إن متشددي تنظيم الدولة الإسلامية ومقاتلين أكراد ويساريين من بين المشتبه في تنفيذهم الانفجارين. وقال إنه تبدو مؤشرات قوية على أن الانفجارين نفذهما انتحاريان. وقال زعيم حزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دمرداش للصحفيين "نواجه مذبحة كبيرة للغاية. هجوم وحشي وهمجي". وشبه دمرداش الهجوم بتفجير استهدف مسيرة للحزب بمدينة ديار بكر في جنوب شرق تركيا عشية الانتخابات الأخيرة في يونيو حزيران وتفجير انتحاري ألقي باللوم فيه على تنظيم الدولة الإسلامية في بلدة سروج قرب الحدود السورية في يوليو تموز وأدى إلى مقتل 33 شخصا معظمهم من النشطاء الشباب الموالين للأكراد. وقال دمرداش موجها كلامه للحكومة التركية "أنتم قتلة. أيديكم ملطخة بالدماء. والدماء تتناثر من وجوهكم وأفواهكم إلى أظافركم وكل اجسامكم. أنتم أكبر أنصار الإرهاب." ويقول حزب الشعوب الديمقراطي إن إردوغان يحاول تقويض شعبية الحزب وزيادة المساندة الشعبية لحزبه العدالة والتنمية في انتخابات اول نوفمبر تشرين الثاني من خلال ربطه بحزب العمال الكردستاني والاقتتال الطائفي وهو ما ينفيه الحزب بشدة. وقالت مصادر في مكتب إردوغان إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما تحدث مع الرئيس التركي هاتفيا مساء اليوم السبت لينقل إليه تعازيه ويستنكر الهجوم ويشدد على أن واشنطن ستستمر في الوقوف إلى جانب تركيا في مكافحتها للإرهاب. واتهم داود أوغلو دمرداش الذي اقتنص حزبه التأييد من الناخبين ذوي الميول اليسارية في أغلبهم خارج قاعدة نفوذه الكردية ليدخل البرلمان في يونيو حزيران "بالاستفزاز الصريح". ورأى بعض النشطاء إن للدولة يدا في كل الهجمات الثلاث على المصالح الكردية واتهموا إردوغان وحزب العدالة والتنمية الذي أسسه بمحاولة تأجيج المشاعر القومية وهو اتهام يرفضه زعماء تركيا بشدة. ودعت نقابات العمال التي ساعدت في تنظيم المسيرة التي تعرضت للتفجيرين إلى الإضراب يومين في 12 و13 أكتوبر تشرين الأول لكن مثل هذه الدعوات لم تلق دائما استجابة واسعة فيما مضى. وتركيا العضو في حلف شمال الأطلسي في حالة تأهب قصوى منذ أن بدأت "حربا متزامنة على الإرهاب" في يوليو تموز تضمنت ضربات جوية ضد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا وقواعد حزب العمال الكردستاني في شمال العراق. واعتقلت المئات ممن يشتبه أنهم مقاتلون أكراد ومتشددون إسلاميون على أراضيها. وبعد الهجوم بساعات وكما كان متوقعا على نطاق واسع من قبل قال موقع اخباري الكتروني مقرب من حزب العمال الكردستاني إن الحزب دعا مقاتليه إلى وقف أنشطتهم في تركيا ما لم يتعرضوا لهجوم وذلك بعد ثلاثة أشهر من قرار الحزب إنهاء وقف لإطلاق النار دام عامين. وأثار تجدد الصراع في جنوب شرق تركيا منذ انهيار الهدنة في يوليو تموز بعد عامين من صمودها تساؤلات بشأن إجراء انتخابات حرة ونزيهة في المناطق التي يصيبها العنف لكن الحكومة قالت حتى الآن إن الانتخابات ستجرى كما هو مقرر لها. وقال مكتب داود أوغلو إنه دعا زعماء المعارضة الرئيسية حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية إلى اجتماع يوم الأحد لمناقشة الأحداث. ورفض الزعيم القومي دولت بهجلي الدعوة. وقال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير "هذا الهجوم الإرهابي الوحشي على متظاهرين سلميين هو أيضا هجوم على العملية الديمقراطية في تركيا وأدينه بقوة".
مشاركة :