تحية لكل كاتب حقيقي

  • 10/11/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

شغف الحرف يتملك الكاتب ويعيش فيه، يكون هو المحرك وهو النبض والحياة. كيف تتراقص الحروف في مخيلته وتتعانق مع روحه وتشعره بالحياة، كل تلك الكلمات التي باتت وعاشت معه أعواماً منذ الحياة التي قرر فيها أن يعتنق الكلمة ويعتزل الكثير من أمور الحياة والخلق، هو النبض الذي لا يتوقف كلما أردت أن تزداد منه وكلما بت تداعبك الأحاسيس وتحتاج منك أن تخرجها. ليس في حياة الكاتب أغلى من نعمة الحرف التي يستطيع منها أن ينطلق لعوالم كثيرة ومشاعر عديدة لا تنفذ بسهولة، فالأديب حالة من الوعي في وقت اللا وعي حين ينعزل بعقله عن الكل ويسطر الكلمات ويخاطبها بعيداً عن باقي أمور الحياة، والكاتب هو ذلك الشخص الذي حين تراه، تجده صامتاً متناغماً مع الحياة التي يتأملها ويتأمل الذين حوله ويتحدث مع من يتكلمون، أحياناً قد يعتقد البعض أن به مساً من جنون، لكنه جنون الحياة الأخرى التي يخلقها لنفسه ويتقمَّص أدوارها. من هو الكاتب وكيف تكون كاتبا؟ كثيرون يكتبون اليوم ويقولون بل يدعون علم الكتابة، لا يمكن أن أتصور بعضاً من مقالات فيها المدح وفقط المدح تحول أحدهم إلى كاتب، أو مجموعة من سطور وخواطر تجعلك تحترف وتعيش عباءة الكاتب، هناك طقوس وهناك رحلة لا تنتهي، فذلك الذي علم نفسه وقرأ أعواماً ومارس مع القلم كل الطقوس وجرب معها كل الحالات، وسكن إليها وسكنت إليه حتى أصبحوا لا يتفارقون، لا يقارن بمن لا يعي لليوم لماذا يكتب. قال أحدهم إن أحسست أنك حين تبادر بالكتابة لا تسترسل معك الكلمات فلا تكتب، إن كتبت وأحسست أن الفكرة تخنقك لا تكتب، إن كتبت لأنك مجبر لا تكتب وإن أحسست بالهم كلما أمسكت بقلمك أو جهازك حتى تختار فكرة أو تكتشف أن ما لديك خاوٍ فلا تدعي أنك كاتب. يحزننا الكم الهائل اليوم من الكتاب الذين يمكن وصفهم من وجهة نظر شخصية بأصحاب التكرارات والعشوائية، روايات كثيرة لا هدف فيها ولا ارتباطات، كتب كثيرة تعيش في البهرجة الشكلية ولا مضمون لها، نحتاج للكثير من الكتّاب ويحتاج كل منا قبل أن يطلق على نفسه لقب كاتب أن يسمع من الآخرين، لأنهم من يقرر نضوج الحرف لديه، لا نقول هنا لا تكتب، بل إني أجد الكثيرين حين تحدثهم لديهم من الزخم اللغوي ما لا أملكه شخصياً وكل ما يحتاجونه هو حالة من الترويض والتدريب والتمرس، فيكونون بخبراتهم وتجاربهم يهدونك جميل الكلم، فلهم نقول: لا تتركوا الساحة لغيركم فهم قد حولوا الفكر لمنحنى لا يروق للكاتب الحقيقي، جرب فلن تخسر فالحرف صامت ينتظرك ويتغزل بك حتى تنصاع له وحين تنصاع فأنت في الغرام الحقيقي تكون. تحية لكل كاتب حقيقي. mar_alblooshi@hotmail.com

مشاركة :