ذهبت دراسة د. فتحي إبراهيم إسماعيل مدرس الصحافة بكلية الآداب جامعة بنها إلى أن حوالى 93% من إجمالى عينة الدراسة يروْن أن القيود والقوانين المفروضة على حرية نقل وتدفق المعلومات تؤثر على عملية التوزيع الصحيفة ورواجها. إن التخفيف من القيود المفروضة على حرية نقل وتدفق المعلومات من أهم العوامل التى تساعد على ازدهار وسائل الإعلام وخاصة الصحافة فالقيود المفروضة تحد من حرية نقل المعلومات التى هى العصب الرئيس فى العملية الإعلامية فبدون معلومات متاحة للصحف يمكن نقلها للجمهور تنتهى أهم وظيفة من وظائف الصحافة فالقارئ ينتظر الصحفية لمعرفة كل ما هو جديد من أخبار ومعلومات، فمعركة الصحفى فى حياته المهنية الدفاع عن حرية نقل المعلومات وتداولها وبدونها أصبحت وظيفته بلا فائدة. وكذلك فإن الحد من "الخطوط الحمراء" فى العمل الصحفى يرفع دائمًا من سقف الحرية فى تداول ونقل المعلومات فكلما قلت الخطوط الحمراء فى العمل الصحفى زاد رواج الصحف وبالتالى زادت عملية التوزيع وتلاشت فكرة المضامين المتشابهة فى الصحف، فتظهر الانفرادات الصحفية ويتطور المضمون الصحفى وتزدهر الصحافة الاستقصائية وصحافة البيانات وأيضًا صحافة المواطن. وقد أشارت الدراسة إلى أن 23% من إجمالى عينة الدراسة يرون أن القيود والقوانين المفروضة على حرية تدفق المعلومات تؤدى إلى تشابه المحتوى بالصحف فينصرف القارئ عن قرأتها. إن القيود والقوانين المفروضة على حرية تدفق المعلومات تؤدى إلى الحد من هامش الحرية الذى هو أكسجين الصحافة وبه تحيا وتترعرع صناعة الصحافة أما فرض القوانين التى تحد من حرية تداول المعلومات تؤدى بالفعل إلى تشابه المحتوى بالصحف فينصرف القارئ عن قراءتها، لأن الصحف فى هذه الحالة سوف تصبح محتوى لكل الأخبار والتقارير والبيانات الرسمية الصادرة من الجهات الرسمية، والتى تعتبر الملاذ لكل الصحف حتى يجدوا ما يكتبونه وينشرونه فى صفحات جرائدهم. وذهبت الدراسة إلى أن حوالى 19% من إجمالى عينة الدراسة ترى أن إدارة التحرير من أهم عناصر المسئولة عن تردى وهبوط توزيع الصحف الورقية؛ فالمحتوى التحريرى هو ما يبحث عنه القارئ وإدارة التحرير هى الجهة الوحيدة المنوطة بإنتاج هذا المحتوى، لذلك كلما تراجع مستوى أداء إدارة التحرير تراجعت جودة المضمون، وبالتالى قلت وهبطت توزيع الصحف، ولم تسعَ صناعة الصحافة والإعلام إلى تطوير المحتوى المقدم، مما أفقد الجمهور الرغبة فى استهلاك السلعة البائرة التى تقدمها الصناعة، التى ترتفع كُلفة إنتاجها، وتزداد كُلفة استهلاكها وتوزيعها فى الوقت نفسه. وذكرت الدراسة أن حوالي 15% من إجمالى عينة الدراسة ترى أن من مقترحات ضبط وتقويم الأداء الإدارى للمؤسسات الصحفية وضع سياسات واستراتيجيات إدارية جديدة ومتطورة وواضحة يسهل على العاملين تطبيقها ومحاسبتهم فى ضوئها ووضع معايير عادلة ومعلنة حول اساليب الترقى الوظيفى واختيار القيادات. وبالفعل يفتقد كثيرٌ من المؤسسات الصحفية لوجود معايير عادلة حول أساليب الترقى الوظيفى واختيار القيادات، فكثيرٌ منها يخضع للعلاقات الشخصية كالصحف الخاصة والشللية كالصحف الحزبية ومعايير الولاء وليس الكفاءة فى الصحف القومية، وكثيرٌ من الصحفيين الأكفاء والقيادات الصحفية الممتازة تركت أماكنها بسبب تعنت الإدارة المتمثلة فى القيادات الإدارية التى تتدخل فى الشئون التحريرية للصحف وفى المضمون التحريرى لخدمة مُلاك الصحيفة والتعبير عن توجهاتهم وتدخلهم أيضًا فى تعيين أو عدم تعيين الصحفيين والقيادات الصحفية. وأشارت الدراسة إلى أن 15% من إجمالى عينة الدراسة ترى أن من مقترحات ضبط وتقويم الأداء الصحفى للمؤسسات الصحفية وضع معايير عادلة ومعلنة حول أساليب الترقى الوظيفى واختيار القيادات الصحفية و الحرص المستمر على قياس الأداء الصحفى من خلال ربط النتائج المتحققة باهداف الخطط الموضوعة. إن معظم المؤسسات الصحفية تفتقر للمعايير العادلة حول أساليب الترقى الوظيفى واختيار القيادات لأنها تعتمد فى معظم اختياراتها على المحسوبية فى صعود القيادات والشللية فى أسلوب الترقى فأفرز ذلك وجود كثيرا من القيادات الهشة غير المهنية التى لا تمتلك موهبة الإبداع ولا حنكة القيادة الرشيدة وبالتالى لم تقم تلك القيادات بوضع سياسات واستراتيجيات إدارية جديدة ومتطورة وواضحة يسهل على العاملين تطبيقها ومحاسبتهم فى ضوئها لأن فاقد الشىء لا يعطيه، فأدى ذلك إلى غياب المهنية والاحترافية والمصداقية فتراجعت مهارات الصحفية والتحريرية كالصياغة والكتابة والإخراج الفنى وبالتالى غابت الفكرة المبدعة فضعف المحتوى التحريرى وتراجع فتراجعت معه مؤشرات التوزيع ناهيك عن غياب المادة القوية، ما جعل الجرائد الورقية تتشابه مع بعضها البعض من حيث غياب المهنية والمصداقية، حتى وإن تغيرت تصنيفاتها، بين القومية والحزبية والخاصة. ويرى 9% من إجمالى عينة الدراسة أن من مقترحات النهوض بالجهاز التحريرى للصحف الورقية لزيادة التوزيع العمل على التدريب المستمر لإعضاء الجهاز التحريرى للنهوض بإمكاناتهم المهنية والعمل على إنشاء غرفة Newsroom والتى من شأنها ربط المحتوى التحريرى للصحيفة الورقية والموقع ووسائل التواصل الاجتماعى فتحدث عملية التكامل وبالتالى ترفع من مستوى المضمون التحريرى بالصحف الورقية. ويمثل التدريب المستمر لأعضاء الجهاز التحريرى بالصحف حجز الزاوية فى عملية تطوير المحتوى والنهوض بالتوزيع، لأن عملية التدريب من شأنها رفع المستوى المهنى والتقنى للصحفيين وذلك باكتسابهم خبرات من الممارسين ذوى الخبرات الصحفية الدين يستطيعون نقل تجاربهم للأجيال المختلفة من الصحفيين أو الأكاديميين ممن يمتلكون الاطلاع على التجارب الصحفية الخارجية المتميزة والناجحة ونقلها للصحفيين بالإضافة إلى اكتسابهم القواعد العمل الصحفى من خلال نتائج الدراسات التى توصلوا إليها، ومن أهم العوامل التى أدت إلى تراجع المستوى المهنى للصحفيين غياب التعاون بين الممارسين والأكاديميين. إن إنعدام فرص التدريب فى المؤسسات الصحفية أحدث فجوة بين الممارسين ذوى الخبرات المتراكمة وبين الأجيال الصحفية الشابة وأفقدها الخبرات المهنية اللازمة لتطوير إمكانات وقدرات الصحفيين المهنية والمعرفية والوجدانية. ولعل ذلك هو ما حدا ببعض المؤسسات الصحفية والإعلامية إلى إنشاء وحدات لتطوير المحتوى، دون أن يدرك بعض مَن أُوكلت إليهم هذه المهمة طبيعة تطوير هذا المحتوى، والاتجاهات والمداخل الحديثة فى هذا المضمار. وربما يكمن هذا الغموض فى هذه المهمة النوعية فى تطوير المحتوى الصحفى إلى انعزال الصحفيين المصريين - فى معظمهم- عن التوجهات العالمية فى هذه السبيل من جهة، وعدم مطالعة معظم العاملين فى الصناعة للدراسات التى تُجرى فى هذه السبيل ليس على مستوى العالم فقط، بل فى مصر أيضًا، والتى أُجريت فيها بعض الدراسات أو قُدمت فيها بعض أفكار المشروعات البحثية لتطوير المحتوى. إن التدريب والانفتاح على ثقافات العالم والتجارب الصحفية الناجحة على كل المستويات وليس ما يُقدم فقط باللغة الإنجليزية كما يحدث الآن وإنما كل ما يقدم بمختلف اللغات مثل الفرنسية والألمانية والإيطالية والإسبانية حتى تستطيع الصحف أن تستفيد من كل التيارات والاتجاهات العالمية فى عملية تطوير المحتوى واستحداث فنون صحفية جديدة قادرة على الاستحواذ على القارئ. كما أن إنشاء غرف الأخبار Newsroom والتى من شأنها ربط المحتوى التحريرى للصحيفة الورقية والموقع ووسائل التواصل الاجتماعى فتُحدث عملية التكامل وبالتالى ترفع من مستوى المضمون التحريرى بالصحف الورقية من اهم مقترحات النهوض بالجهاز التحريرى للصحف الورقية وكذلك سرعة التحول إلى فكرة المحرر الشامل والذى يقوم بإنتاج التقرير المكتوب والمصور والمسموع والمرئى والإلكترونى على أساس أن يتم التكامل داخل المؤسسة الصحفية الواحدة بين الصحيفة الورقية والإلكترونية وقناة المؤسسة الصحفية.
مشاركة :