بليغ الشعبي امتداد الفصيح - فالح الشراخ

  • 10/11/2015
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

تميز العرب منذ القدم ببلاغة الحديث وحسن المنطق وسلامة مخارج الحروف وقد تنافسوا في اسلوب الخطابة والشعر كون ذلك يعد من مميزاتهم في حديثهم حتى اصبح مجالا للمنافسة حديثا وشعرا، وقد مثل الشعر لديهم ذروة البلاغة في الوصف وصياغة الجملة الشعرية، كما كان لديهم نقد لأي متحدث يلتقي بهم، ومن خلال حديثه يحكمون على مستوى عقليته ومكانته، لذا تقول العرب في المثل: (ليته سكت) كناية على أن الحديث هو معيار الرجل لديهم. وتعتبر قبائل الجزيرة العربية مهد اللغة العربية الفصيحة ومنها انتشرت في سائر الدول المجاورة للجزيرة او في القارات المجاورة ومن حرصهم على أن يكون الحديث على أكمل ما يكون في البلاغة كان الصمت لديهم إذا لم يكن الحديث له قيمة مثل الذهب، إذا كان الكلام من فضة، ومازالت العرب تتوارث هذا الإرث العربي. فالبدو يحكمون على الرجل من منطقة، لذا مازالت الجمل البليغة هي لب الحديث بينهم وعندما يتحدث أحدهم تدرك من كلامه أنه حريص كل الحرص على صياغة جملة بأسلوب مميز سواء في الوصف، أو شرح حالة معينة. ومن هذا المنطلق تكون لدى شاعرهم قوة في الوصف وعمق لجذور الكلمة، واستخدام موفق لعناصر المكان، ومن خلال الممارسة ومعايشة حالة النقد في الحديث يأتي الوصف دقيقا إن لم يكن مشابها للحالة الموصوفة. وقبائل الجزيرة العربية توارثت هذه الصفة في اللغة غير ان تحول اللغة الأم الى لهجات ساهم في دخول بعض المفردات الجديدة وتغير في صياغة الجملة مع الحفاظ على هيكل اللغة الأم. يقول الشاعر عبدالله بن عون في وصف استخدم فيه الوصف الدقيق بمفردات تعتبر من فصيح العامي: عسيب عليه الراعبية تجر الصوت تهزه ليا منه ركد بالتفاتتها ومن منطلق أن الرقيب شديد الملاحظة تأتي العبارات في الحديث العادي أقرب ما تكون للشاعرية فعندما تستمع لحديث عن وصف المطر، أو الربيع، وموارد المياه، يعطيك المتحدث صورة تبهرك بالاستخدام الجيد للمفردة في الوصف، وتقريب الصورة للمتلقي وكأن حادي العيس في عصور العرب القديمة هو حادي اليوم. ومن أمثلة ذلك وصفهم للمطر بشكل دقيق كون ذلك مهما لدى سكان البادية. ومازالت بعض المفردات العربية الأصيلة تستخدم لديهم بينما قل استخدامها لدى سكان المدن لذا يمثل قاموس البادية مصدرا مهما وثريا للمفردة الأصيلة ولو كانت بصيغة شعبية.

مشاركة :