أكد الفلسطينيون اليوم (السبت) مواصلة المقاومة الشعبية ضد الاستيطان بعد إخلاء إسرائيل بؤرة "أفياتار" الاستيطانية المقامة قرب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية. وبدأ المستوطنون منذ أمس مغادرة النقطة، التي نصبوا فيها خياما وبيوتا متنقلة على قمة جبل (صبيح) في بلدة بيتا جنوب مدينة نابلس قبل قرابة شهرين، ما أدى منذ ذلك الوقت إلى مواجهات مع أهالي البلدة أسفرت عن مقتل أربعة فلسطينيين وإصابة المئات. وتشهد البلدة التي تبلغ مساحتها 22 ألف دونم، ويقطنها قرابة 16 ألف فلسطيني مواجهات يومية تحت ما يسمى بـ"الإرباك الليلي" عبر إشعال الإطارات المطاطية وتسليط أضواء الليزر وغيرها من الأدوات باتجاه البؤرة للضغط على المستوطنين لترك الأراضي والرحيل عنها. وطيلة ساعات نهار أمس الجمعة غادرت سيارات خاصة بالمستوطنين، وهي تحمل الفراش والأمتعة الخاصة بهم، التزاما بالاتفاق المبرم مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة نفتالي بينيت، حسب ما نشرت الإذاعة الإسرائيلية العامة. وقالت الإذاعة إن حوالي 50 من البيوت المتنقلة المقامة في المنطقة ستبقى على أن يتمركز فيها الجيش الإسرائيلي، على أن تقوم وزارة الدفاع لاحقا بالنظر في وضع الأرض "بأسرع ما يمكن". وبحسب الإذاعة، فإنه إذا تبين أنها ليست أملاكا فلسطينية خاصة، واعتبرت أملاك دولة "فسيسمح ببناء مؤسسة دينية ومرافقة أماكن سكنية لها ولعائلات موظفي المدرسة الدينية". واعتبر نائب رئيس بلدية بيتا موسى حمايل، أن "إجلاء المستوطنين من النقطة الاستيطانية بداية النصر الحقيقي لأهالي البلدة"، مؤكدا مواصلة النضال الشعبي حتى "إزالة اخر كرفان موجود في المنطقة". وقال حمايل لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن الفعاليات الشعبية ستتواصل في البلدة بنفس القوة والنهج، ولكن بطرق مختلفة كون الموجود على أرض الجبل الآن هو الجيش الإسرائيلي. وأضاف حمايل أن الوحدات الشبابية الفاعلة على الأرض هي من ستحدد طبيعة الفعاليات عبر إزعاج قوات الجيش بطرق مختلفة وتنظيم تظاهرات سلمية شعبية ليلية. ونجح سكان بلدة بيتا على مدار سنوات في منع مستوطنين من الاستيلاء على جزء من أراضيهم، بعد إزالة الجيش الإسرائيلي على إثر الاحتجاجات الشعبية بؤر استيطانية أقيمت على أراض في البلدة. من جهته، أفاد مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية غسان دغلس، بأن الجهد القانوني بشأن أرض جبل صبيح سيتم العمل به بالتوازي مع النضال الشعبي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي. وقال دغلس ل(شينخوا) إن الملف القانوني لجبل صبيح سيتم رفعه بالتعاون مع أهالي البلدة يوم غد الأحد إلى مركز القدس للقضايا القانونية للترافع أمام المحاكم الإسرائيلية، مشيرا إلى أن البيوت المتنقلة التي وضعها المستوطنون على قمة الجبل ما زالت موجودة رغم رحيلهم. وأوضح أن الجهد السياسي عبر وزارة الخارجية الفلسطينية يتواصل بشكل حثيث من أجل تدويل القضية والعمل على عودة الأرض إلى أصحابها الفلسطينيين الأصليين. ودأب الفلسطينيون منذ سنوات على تنظيم تظاهرات يومية أو أسبوعية في قرى وبلدات الضفة الغربية للتنديد بالتوسع الاستيطاني ومصادرة الأراضي في تلك المناطق. من جهته، أكد نائب رئيس حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) محمود العالول، مواصلة المقاومة الشعبية في بلدة بيتا حتى "تطهير جبل صبيح من قوات الجيش الإسرائيلي ورفضا لمحاولة تحويل البؤرة إلى مدرسة دينية". وقال العالول للصحفيين في رام الله إن "النجاح الذي تحقق في بلدة بيتا بانسحاب المستوطنين من البؤرة الاستيطانية جاء بسبب التضحيات والإصرار على التمسك بالأرض والتشبث بها". وأضاف العالول أن فعاليات المقاومة الشعبية في بلدة بيتا "تميزت بشكل كبير، وكانت على أوسع نطاق بمشاركة كافة أهالي البلدة، وهو ما قاد لتسجيل هذا النجاح". يأتي ذلك فيما يعقد مجلس الأمن الدولي جلسة فصلية مفتوحة حول الحالة في الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية في 28 من يوليو الجاري، بحسب ما أفاد مندوب فلسطين الدائم في الأمم المتحدة السفير رياض منصور. وقال منصور لإذاعة (صوت فلسطين) الرسمية، إن فلسطين ستقدم كلمة تركز فيها على القضايا الرئيسة للشعب الفلسطيني منها القدس والاستيطان، ومواصلة الكفاح في جبل صبيح، وملف وقف إطلاق النار المستدام في غزة وإعادة الاعمار. وذكر أن لجنة فلسطين المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف في الأمم المتحدة، عقدت على مدار اليومين الماضيين مؤتمرها الدولي الثامن حول القدس، بمشاركة مجموعة متحدثين دوليين تطرقوا للجوانب القانونية لوضع المدينة المقدسة، و"جرائم" الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين. ويعد ملف الاستيطان أبرز أوجه الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي وأحد الأسباب الرئيسية لتوقف آخر مفاوضات للسلام بين الجانبين قبل منتصف عام 2014. ويقطن ما يزيد على 600 ألف مستوطن إسرائيلي في الضفة الغربية وشرق القدس.
مشاركة :