أعلن الفلسطينيون اليوم (الخميس) رفضهم اتفاق رئيس الوزراء الإسرائيلي المكلف بنيامين نتنياهو وعضو الكنيست الإسرائيلي من حزب الصهيونية الدينية (هتسيونوت هدتيت) إيتمار بن غفير على تشريع الاستيطان في الضفة الغربية، محذرين من تداعياته على المنطقة. وقال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، في بيان إن الاستيطان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية جميعه "غير شرعي" سواء كان نتنياهو في سدة الحكم أو غيره. واعتبر أبو ردينة أن التفاهمات بين نتنياهو وبن غفير على شرعنة البؤر الاستيطانية وإنشاء طرق التفافية للمستوطنين "تتعارض مع جميع قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي". وأضاف أن هذه التفاهمات تعمق الاستيطان وتؤدي إلى الاستيلاء على المزيد من الأرض الفلسطينية وتضرب أي إمكانية لتحقيق السلام وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على أساس مبدأ حل الدولتين ووفق قرارات الشرعية الدولية. وطالب أبو ردينة المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته ووقف الاستيطان الإسرائيلي، مؤكدا أن الشعب الفلسطيني وقيادتَه متمسكون بالثوابت الوطنية حتى إقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. وأعلن حزب الليكود بزعامة نتنياهو أمس (الأربعاء) إحراز تقدم ملموس في المفاوضات الائتلافية مع حزب الصهيونية الدينية، بحسب ما نشرت الإذاعة العبرية العامة. وقالت الإذاعة إن نتنياهو وبن غفير اتفقا على تنظيم الوضع القانوني لأعمال البناء في المستوطنات في غضون 60 يوما من تشكيل الحكومة الجديدة وإقامة معهد ديني يهودي في مستوطنة "افياتار" شمال الضفة الغربية وتنفيذ طرق التفافية. وأضافت أن الرجلين اتفقا على تغيير "قانون فك الارتباط" حيث يمكن العودة للمستوطنات في شمال الضفة بعد 17 عاما من الانسحاب الإسرائيلي منها كجزء من خطة أقرها رئيس الوزراء الأسبق أرئيل شارون. بدوره، حذر رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، في بيان تلقت وكالة أنباء ((شينخوا)) نسخة منه من أن الأوضاع في الأراضي الفلسطينية ستشهد مزيدا من التعقيدات نتيجة ما أفزرته نتائج الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة. وقال اشتية إن الأوضاع مقبلة على مزيد من "التطرف والاستيطان والانتهاكات" بحق الشعب الفلسطيني، مشيرا إلى أن القيادة الفلسطينية ستتحرك على المستوى السياسي الخارجي لمواجهة ذلك. وأشار اشتية إلى أن الحراك السياسي سيوازيه العمل على تمتين الجبهة الداخلية من خلال العمل على انجاز المصالحة الفلسطينية والتحرك لفرض ضغط على إسرائيل من أجل السماح بعقد الانتخابات في كافة الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس الشرقية وفق الاتفاقيات الموقعة. واحتلت إسرائيل الضفة الغربية في العام 1967 وأقامت عليها المستوطنات، التي تُعتبر مخالفة للقانون الدولي. ويعد ملف الاستيطان أبرز أوجه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وأحد الأسباب الرئيسة لتوقف آخر مفاوضات للسلام بين الجانبين قبل منتصف العام 2014. وبحسب مؤسسات فلسطينية وإسرائيلية فإن 450 ألف مستوطن يقطنون في 132 مستوطنة و147 بؤرة استيطانية عشوائية في الضفة الغربية تهدف إلى إحكام الطوق على التجمعات الفلسطينية والاستيلاء على أكبر مساحة ممكنة من الأراضي. ويطالب الفلسطينيون المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته في تطبيق القرارات الصادرة عن المنظومة الدولية المتعلقة بوقف الاستيطان واعتباره غير شرعي خاصة القرار 2334 الصادر عن مجلس الأمن الدولي في العام 2016. وحذرت وزارة الخارجية الفلسطينية اليوم من تداعيات "كارثية" لاتفاق نتنياهو وبن غفير بشأن تشريع الاستيطان في الضفة الغربية. وقالت الوزارة في بيان إن الاتفاق يعمق الاستيطان ويؤدي لمصادرة المزيد من الأرض الفلسطينية ويشرعن البؤر العشوائية خاصة في شمال الضفة الغربية. واعتبر البيان أن الاتفاق يضرب مرتكزات أية عملية تفاوضية مستقبلية ويستكمل التخريب الإسرائيلي المتعمد لفرصة تحقيق السلام على أساس مبدأ حل الدولتين، ويقوض أية جهود دولية وإقليمية مبذولة لبناء الثقة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. ورأى أن مثل هذا الاتفاق يضفي المزيد من المصداقية على التوجه الفلسطيني لمحكمة العدل الدولية وللجنائية الدولية، معتبرا أنه يختبر مصداقية المواقف الدولية والأمريكية الرافضة للاستيطان والداعية لتطبيق حل الدولتين. وطالبت الخارجية الفلسطينية المجتمع الدولي والإدارة الأمريكية باتخاذ ما يلزم من الضغوط والإجراءات الكفيلة بضمان عدم تنفيذ هذا الاتفاق وبنوده. من جهته، اعتبر المتحدث باسم حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) في قطاع غزة منذر الحايك، أن الاتفاق بين نتنياهو وبن غفير "ينذر بمرحلة جديدة من المواجهة الصعبة مع إسرائيل". ودعا الحايك في بيان الأمم المتحدة ومؤسساتها المختلفة إلى ترجمة قراراتها المتعلقة بالقضية الفلسطينية خاصة وقف الاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية إلى "أفعال وإلا ستكون النتائج وخيمة". كما طالب الحايك إسرائيل بالتخلي عن فكرة الحلول الأمنية التي تثبت فشلها، مشددا على أن الحل الوحيد لتحقيق الأمن والسلام في المنطقة هو الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. وفي السياق، اعتبر عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني وليد العوض أن الاتفاق يكشف حجم "الخطر القادم الذي تحمله حكومة نتنياهو باعتبارها حكومة فاشية برنامجها استمرار القتل والاستيطان وتنفيذ سياسة الضم". وقال العوض في بيان إن الخطر يفرض تحديات كبيرة تتطلب توفير مقومات الصمود للشعب الفلسطيني في مواجهة "العدوان والاستيطان وتعزيز المقاومة الشعبية وتطوير نماذجها وتنفيذ قرارات المجلس المركزي". وطالب العوض القيادة الفلسطينية بعدم الجلوس على مقاعد الانتظار لما تحمله الحكومة الإسرائيلية القادمة بزعامة نتنياهو أو الرهان على أي دور أمريكي يمكن أن "يكبح جماحها كون أن الاتفاق يحمل مؤشرا لما هو قادم". وسبق أن قرر المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية في فبراير الماضي، تعليق الاعتراف بإسرائيل لحين اعترافها بدولة فلسطين على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية ووقف الاستيطان ووقف التنسيق الأمني بأشكاله المختلفة، لكن ذلك لم ينفذ حتى الآن. واعتبرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على لسان الناطق باسمها حازم قاسم، أن الاتفاق "يعكس عمق الفاشية التي ستحكم الحكومة الإسرائيلية المقبلة". وقال قاسم في بيان إن "التوجهات الاستيطانية للحكومة الإسرائيلية المقبلة والأحزاب التي تتكون منها ستزيد من تفجر الأوضاع في كل المنطقة". وأكد قاسم أن الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية "غير شرعي ومخالف لكل القوانين"، مشددا على أن الشعب الفلسطيني سيواصل "نضاله المشروع ولن يوقفه أيا كان شكل الحكومة ومكوناتها". ويطالب الفلسطينيون بتحقيق دولة مستقلة إلى جانب إسرائيل على كامل الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل العام 1967 بما يشمل الضفة الغربية كاملة وقطاع غزة وأن تكون عاصمتها القدس الشرقية.
مشاركة :