بيروت - يتقلب لبنان منذ انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس/اب 2020 بين احتجاج وآخر فمن أن تهدأ مظاهرة حتى تخرج أخرى تنديدا بتدهور الوضع المعيشي، إلا أن احتجاجات أهالي ضحايا انفجار المرفأ توقظ في كل مرة المخاوف من ضياع الحقيقة بعد مرور 11 شهرا على أسوأ كارثة هزت البلاد العالقة في أزمة متعددة الرؤوس: سياسية واقتصادية واجتماعية. وتجمّع قبالة المرفأ الذي لايزال جزء كبير منه مدمر، العشرات من أقرباء ضحايا انفجار الرابع من أغسطس/اب، مبدين استياءهم إزاء تحقيق في القضية لا يزال يراوح مكانه. وفي ظل استشراء الفساد وتورط مسؤولين كبار في الانفجار سواء بالإهمال أو التقصير، تتنامى المخاوف من أن يطوى الملف دون محاسبة المتسببين في تلك الكارثة، بينما تبقى مسؤولية حزب الله في الانفجار محل تكهنات وتأويلات دون أن توجه للجماعة الشيعية التي يقال إنها تسيطر على جزء كبير من إدارة الميناء من خلال أذرعها، اتهامات مباشرة وهي التي نفت أي صلة لها بشحنات الضخمة لنيترات الأمونيوم التي ظلت مخزنة لسنوات دون إجراءات حماية رغم علم جهات عليا في الدولة بوجودها ومخاطرها. وتسبّب الانفجار المروّع والذي عزته السلطات إلى تخزين كميات هائلة من نيترات الأمونيوم بلا إجراءات وقاية، بسقوط أكثر من مئتي قتيل وإصابة أكثر من 6500 عدا عن تدمير أحياء عدة. والأحد، تجمّع عند أحد مداخل مرفأ العاصمة عشرات الأشخاص بينهم زوجات وذوو وأطفال الضحايا، على غرار ما يفعلونه شهريا منذ نحو عام. ورفعت بعض النسوة صور أقرباء قضوا في الانفجار. وعلّقت صور للضحايا على أعمدة على طول الرصيف. ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها "دماء شهداء المرفأ توحّدنا"، و"أين أصبحت نتائج التحقيقات"، وأيضا "لا للتسييس لا للتضييع". وقالت رغدة الزين (47 عاما) وهي أم لثلاثة أولاد قضى زوجها علي في الانفجار "شعوري لا يوصف"، مشددة على أنها فقدت ركيزة المنزل و"كل شيء"، متهمة المسؤولين بأنهم "بلا ضمير". وبعد نحو عام على بدء التحقيقات، لم يتم الإعلان عن أي نتائج. ويوم الجمعة الماضي أعلن المحقق العدلي في القضية القاضي طارق بيطار أنه يعتزم استجواب رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، تزامنا مع إطلاقه مسار الادعاء على عدد من الوزراء السابقين ومسؤولين أمنيين وعسكريين، بعد إنهائه مرحلة الاستماع إلى الشهود. وكُتب على إحدى اللافتات "حصانة الوزراء ليست لإخفاء الجرائم. لا تمنعوا المحقق العدلي من ملاحقتهم". وشدد المتحدث باسم 'أهالي شهداء انفجار مرفأ بيروت' إبراهيم حطيط الذي خسر في الكارثة شقيقه ثروت، على ضرورة التوصّل إلى كشف "حقيقة" ما جرى. وقال "نعيش في بلد فيه عصابات ونحارب على كل الجبهات". وبيّنت وثائق رسمية أن مسؤولين كثرا كانوا على علم بمخاطر تخزين مادة الأمونيوم في مرفأ بيروت، بدءا برئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة حسان دياب ووزراء وصولا إلى مسؤولين أمنيين. وقال العسكري المتقاعد الياس طانيوس معلوف الذي خسر في الانفجار ابنه جورج "هذه سلطة فاسدة ومجرمة"، لكنه أعرب عن أمله في أن يتمكن القضاء من إحقاق العدالة.
مشاركة :