*خرج النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة في اليوم السادس والعشرين من ذي القعدة؛ بعد صلاة الظهر إلى ميقات ذي الحُليْفة ، قال أنس بن مالك رضي الله عنه:" صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر بالمدينة أربعاً والعصر بذي الحليفة ركعتين" ويؤخذ من الحديث أن المسافر لا يقصر حتى يُفارق مَحلَّ بلدته، وتكون خلْف ظهْرِه. * ووصل الميقات قبل صلاة العصر، فصلى العصر ركعتين قصرا؛ كما في حديث أنس السابق: "وصلى العصر بذي الحليفة ركعتين" *المبيت بالميقات* وبات تلك الليلة بالميقات، وكان هذا هديه عليه الصلاة والسلام، يبت بذي الحليفة بعد خروجه من المدينة، وقبل دخوله إليها؛ كما روى عبدالله بن عمر قال:"إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج إلى مكة يصلي في مسجد الشجرة، وإذا رجع صلى بذي الحليفة ببطن الوادي وبات حتى يصبح" روه البخاري(١٥٣٣) والمراد بمسجد الشجرة؛ مسجدٌ كان بذي الحليفة في طرف الميقات. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب المَبيتَ بذي الحليفة؛ لأنه وادٍ مُبارك، كما رود من حديث عمر رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بوَادِي العَقِيقِ يقولُ: "أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِن رَبِّي، فَقالَ: صَلِّ في هذا الوَادِي المُبَارَكِ" ووادي العقيق هو الوادي الذي يمرُّ بميقات ذي الحليفة، وورد في حديثٍ:" تخيَّموا بوادي العقيق" ذكره ابن حجر في فتح الباري، وقوله:"تخيَّموا من التَّخْييم، أي الإقامة، ويروى الحديث بلفظ"تختموا بالعقيق" أي اتخذوا خاتما من العقيق. *ولادة زوجة أبي بكر بالميقات* وفي الميقات ولدت أسماء بنت عميس؛ زوجةُ أبي بكر، قالت عائشة رضي الله عنها: "نُفِسَتْ أَسْمَاءُ بنْتُ عُمَيْسٍ بمُحَمَّدِ بنِ أَبِي بَكْرٍ بذي الحليفة، فأمَرَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ، يَأْمُرُهَا أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُهِلَّ". رواه مسلم(١٢٠٩) ومعنى:"نُفِست" ولدت، سُمي بذلك لخروج النَّفْس، وهي المولود. ويؤخذ من الحديث جواز إحرام النفساء، ويستحب لها الاغتسال، وهذا الغسل للنظافة فقط، والحائض كالنفساء؛ يصح إحرامُهما؛ ويؤديان جميع مناسك الحج والعمرة؛ إلا الطواف بالبيت، تنتظران حتى تطهُرا؛ كما في حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الحائضُ والنُّفساءُ تغتسل وتُحرم، وتقضي المناسكَ كلَّها؛ غيرَ ألا تطوفَ بالبيت حتى تطْهُر" رواه أبو الترمذي(٩٤٥) وعن عائشة رضي الله عنها قالت:"حِضْتُ، فأمرني رسول الله صلى الله عليه أن أقضي المناسك كلها إلا الطواف بالبيت" رواه الترمذي(٩٤٥) *وفي ولادة زوجة أبي بكر بالميقات؛ دلالةٌ على وجوب الحج على الفَوْر، فمن كمُلت فيه شروطُ وجوب الحج، وهي التكليف والاستطاعة، وجب عليه الحج فورا؛ أي من عامه ؛ ما لم يمنعه مانع، ولذلك خرجت زوجة أبي بكر وهي على وشك الولادة؛ لأنها وضعت مولودها بالميقات، وهو قريب جِدّا من المدينة؛ على بٌعد عشرين كيلو متر تقريبا. وإلى اللقاء إلى اليوم الثالث من حجة النبي صلى الله عليه وسلم، وما حصل فيها من وقائع واحداث.
مشاركة :