قبل خمس سنوات، رُميت كرة تدريب منتخب إنجلترا لكرة القدم في حضن غاريث ساوثغيت، إثر نهاية محبطة لمشوار قصير مع سام ألاردايس. يقف المدرب الأنيق على بُعد مباراة واحدة يوم الأحد، ضد إيطاليا في نهائي كأس أوروبا، لقيادة بلاده إلى أول لقب كبير منذ مونديال 1966. في البداية، عُين ساوثغيت موقتاً، على أنه نموذج يحتذى به بالنسبة لاتحاد اللعبة، بعد سقوط ألاردايس في فخ صحيفة كشفت أنه قدم نصائح حول «الالتفاف» على القواعد الخاصة بانتقالات اللاعبين. انتهى مشوار دام ثلاث سنوات لساوثغيت مع ميدلزبره بالهبوط إلى المستوى الثاني، فيما كانت رحلته متذبذبة مع منتخب ما دون 21 سنة، ليصل مع «الأسود الثلاثة» بسيرة ذاتية متواضعة. برغم ذلك، قاد إنجلترا لأول نصف نهائي للمونديال في 28 سنة، وذلك في أولى بطولاته الكبرى قبل ثلاث سنوات في روسيا. والآن قطع أبعد شوط لمدرب إنجليزي في البطولة القارية، عندما يستضيف إيطاليا في النهائي غداً (الأحد)، على ملعب ويمبلي الشهير. لعقود، رضخ مدربو منتخب إنجلترا لرغبات وسائل الإعلام والجماهير، للدفع باللاعبين الموهوبين في التشكيلة الأساسية، حتى لو كان ذلك على حساب الهيكلية العامة للفريق. اعتزل بول سكولز اللعب الدولي بعد سنوات من إزاحته إلى الجناح الأيسر، خارج مركزه الأصلي، لإفساح المجال لفرانك لامبارد وستيفن جيرارد، ضمن «جيل ذهبي» فشل في تخطي ربع نهائي البطولات الكبرى تحت إشراف المدرب السويدي سفن غوران إريكسون في 2002 و2004 و2006. على النقيض من ذلك، ارتضى ساوثغيت بترك مهاجميه الموهوبين على مقاعد البدلاء. بقي وفياً لهاري كين ورحيم سترلينغ، ما يعني بقاء موقع وحيد لكل من بوكايو ساكا، وجاك غريليش، وفيل فودن، وجادون سانشو وماركوس راشفورد. ويعول لاعب كريستال بالاس وأستون فيلا وميدلزبره السابق على خط دفاعي صلب اهتزت شباكه مرة يتيمة في ست مباريات، وذلك من ضربة حرة ضد الدنمارك في نصف النهائي، بالإضافة إلى لاعبي الارتكاز ديكلان رايس (وستهام) وكالفين فيليبس (ليدز يونايتد). يحظى ساوثغيت (50 عاماً) بتقدير كبير من نظرائه، وتبين ذلك في المؤتمر الصحافي لمدرب الدنمارك كاسبر هيولماند. قال هيولماند: «تابعت استراتيجية الاتحاد الإنجليزي خصوصاً كيف قاد غاريث المنتخب في السنوات الأخيرة. طريقته في تمثيل بلاده وتواصله رائعة. تهانينا غاريث، أعتقد أنك تقوم بعمل رائع في زمن صعب». يشرح ساوثغيت: «أحب أن يتكلم اللاعبون أثناء الاجتماعات، أحب أن يكون لديهم رأي في المباراة، لأنه في الدقيقة 85، عندما يكون لديهم قرار لاتخاذه لحسم الفوز من عدمه، لن نكون قادرين على اتخاذ هذا القرار من مقاعد البدلاء». كان ساوثغيت القائد المثالي لفريق يتمتع بوعي اجتماعي، ولم يوصل الرسائل فقط من خلال كرة القدم. في ولايته، اضطر لاعبو إنجلترا للتعامل مع إساءات عنصرية في مونتينيغرو وبلغاريا. كما استهلوا البطولة الحالية تحت صيحات استهجان بعض جماهيرهم، بسبب ركوعهم احتجاجاً على الظلم العنصري. قال ساوثغيت آنذاك: «الأهم بالنسبة للاعبينا أن يدركوا أننا متحدون تماماً بشأن ذلك، نحن ملتزمون تماماً بدعم بعضنا». لطالما تم التشكيك بحنكة ساوثغيت التكتيكية، بيد أنه أظهر رغبة للتكيف مع متطلبات الفوز. قبل ثلاث سنوات في روسيا، كانت العودة إلى دفاع من خمسة بمثابة الحماية لحارس ودفاع يفتقد الخبرة. هذه المرة لجأ إلى خطة 4 - 3 - 3 للحصول على لاعب هجومي إضافي، باستثناء دور الستة عشر ضد ألمانيا عندما عدل خطته لإحباط تحركات يوزوا كيميش وروبن غوزنس على الجناحين. يوضح أن فريقه لا يمكن أن يظهر بشكل جيد في البطولة القارية إذا لم يتقن أنماط لعب عدة. برر ساكا الزج به ضد الدنمارك أساسياً، من خلال صناعة الهدف الذي سجله سايمون كاير عن طريق الخطأ. لكن بعد الدفع بغريليش، تحول سترلينغ من الجهة اليسرى إلى اليمنى، حيث حصل على ركلة الجزاء الحاسمة والجدلية التي مهدت طريق إنجلترا إلى النهائي المنتظر. ووسط ذروة الاحتفالات، عاد ساوثغيت لتركيزه مرة أخرى. وقال: «يجب الفوز بالمباريات النهائية. سنستعيد تركيزنا ونستعد بالشكل المناسب. علينا التعافي فقد تطلب الأمر الكثير من المجهود البدني والذهني. إيطاليا تعرضت لذلك لكنها امتلكت يوماً إضافياً للتعافي. إيطاليا فريق قوي للغاية. فكرت في ذلك في آخر عامين. إنها تقدم أداء مذهلا وتملك مقاتلين في الدفاع مروا بكل شيء». وأضاف مدرب إنجلترا: «خضنا ثلاث مباريات للذكرى. نريد كتابة ذكريات لبلادنا». ولن يتم تحديد الذكرى الدائمة لهذه البطولة لإنجلترا بالفوز على ألمانيا أو تسجيل أربعة أهداف في أوكرانيا أو الفوز على الدنمارك، لكن من خلال نتيجة المباراة النهائية غداً.
مشاركة :