محمد أبو عرب يضع مهرجان الشارقة للمسرحيات القصيرة، جملة من الأهداف التي يرمي إلى تحقيقها، منذ تأسيسه قبل أربعة أعوام، وينصبّ مجملها في إطار دعم الحراك المسرحي وتحقيق المشروع التنويري الثقافي الذي تقوده الشارقة، على أكثر من صعيد. وعلى الرغم من ذلك، يكشف المهرجان في التعريف بالهدف الأصيل الذي أنشئ من أجله، حيث يعد مختبراً سنوياً لمتدربي الورش والدورات المسرحية التي تنظمها إدارة المسرح بدائرة الثقافة والإعلام في الشارقة بمشاركة مجموعة من المختصين من خارج الدولة وداخلها، وهو فرصتهم لإظهار قدراتهم المبدعة وأسئلتهم وأحلامهم وتطلعاتهم. لذلك لا يمكن النظر إلى المهرجان بوصفه فعالية ثقافية سنوية تنصب جهودها في إطار تحقيق الذائقة الجمالية المسرحية للمعنيين بالشأن الثقافي وتكريم الشخصيات الرائدة التي لها باع طويل في تحمل العمل المسرحي، فالمهرجان خطوة أكبر من ذلك، وأوسع، تتمركز في رؤية استراتيجية تحرص على حياة المسرح وتضخ الدماء الشابة فيه، فلا يمكن الحديث عن التجارب الرائدة في دعم مشاريع مسرح الشباب أو دعم مواهبهم من دون التوقف مطولاً عند هذا المهرجان. ربما يكون ذلك واحداً من أهداف الكثير من المهرجانات المسرحية العربية، إلا أن المتابع يعرف أن ذلك يأتي ضمن الأهداف العامة، ولا يمثل الركيزة الأهم والمنطلق الذي تقوم عليه فكرة المهرجان، فالمسرحيات القصيرة هي نتاج برنامج طويل من الورش والعمل والتعب، أشرف عليه متخصصون من مختلف بلدان العالم العربي، واجتمعت فيه طاقات شابة لافتة، سترسم خريطة الفعل المسرحي العربي المستقبلية. يبدو ذلك مهماً على صعيد تنمية الفعل الثقافي، وتحقيق أهدافه، إذ الكثير من المشاريع الثقافية تقف أمام باب مسدود عندما تدرك أنها ظلت قائمة على تكريس الأسماء الرائدة، ولم تهتم بالأجيال الجديدة، إذ يبدو الفعل الأدبي والفني تراكمياً ورسالة تتناقلها الأجيال أكثر من غيره من الحقول المعرفية والعلمية. من هنا يمكن الحديث عن المهرجان بوصفه علامة فارقة في دعم مستقبل الحراك المسرحي، وترسيخ التجارب الجديدة فيه، فالعائد إلى تاريخ دوراته الثلاث الماضية يجد أنها قدمت للساحة العربية والإماراتية أسماءً مسرحية شابة على صعيد الكتابة، والتمثيل، والإخراج، وغيرها. إلى جانب ذلك حجز المهرجان مكانه العريض بين الكثير من المهرجانات المهمة التي تنظمها الشارقة والتي يمتد تاريخها عشرات السنوات، مثل أيام الشارقة المسرحية، ومهرجان المسرح العربي، وغيرهما من المهرجانات والفعاليات المتعلقة بالفعل المسرحي. يحسب ذلك للمهرجان، وللقائمين عليه، ويؤكد ريادة الفكرة القائمة عليها، خاصة أن تجربته مدروسة وواضحة المعالم على مختلف الصعد، فالتجارب الشابة فاعلة وحية في الورش التي تنظمها الشارقة، وبات الأكاديميون والمتخصصون يجدون في الشارقة وجهتهم الأهم في الحراك المسرحي، والبنية التحتية تتنامى يوماً تلو آخر، بمعاهد، ومسارح، وقاعات، وغيرها. لهذا يمكن للمسرحيين الشباب أن يهنئوا أنفسهم بهذا المنجز اللافت، ويشكروا الشارقة والقائمين على مشروعها الثقافي، وينتظروا المزيد. Abu.arab89@yahoo.com
مشاركة :