عندما نتحدث عن 14 مليون دولار سيتم من خلالها دعم عشرات من المشاريع العربية وليست فقط السعودية، عن طريق مهرجان (البحر الأحمر)، فهذا يعنى انتعاشة قادمة فى صناعة الأفلام العربية، ومن المؤكد أن أكثر دولة ستستفيد من هذا الخبر هى أفلامنا، كما أن السينمائى المصرى سوف يجد أمامه العديد من الفرص للعمل فى الإنتاج المشترك. على الجانب الآخر سيشكل هذا حافزا إيجابيا يدفعنا للدعوة بأن تسارع الدولة بعودة الدعم للسينما المصرية، مقداره لم يكن يتجاوز مليون دولار، لدينا أمل لمضاعفة الرقم ليتوافق مع حجم الطموح، ومن حق الدولة أن تضع الضوابط سواء فى طريقة استرداد قيمة الدعم، أو فى تقديمه كمنحة لا ترد، الذى يفرض تحديد ذلك هو طبيعة العمل الفنى، مع الأسف على مدى تجاوز الخمس سنوات توقفت الدولة عن البت فى هذا الملف، ولم يستطع أحد من رؤساء المركز القومى للسينما برغم تتابعهم، حل هذا اللغز، تردد أن عددا من الأفلام التى حصلت على الدعم لم يتم تصويرها أو استكمالها، ووجدت الأجهزة الرقابية، أن تلك الأخطاء تضع البعض تحت قيد المساءلة فتوقف المشروع. المملكة العربية السعودية تمارس حالة من النهضة الفنية وخاصة فى مجال السينما، هناك توجه للإنتاج المشترك مع العديد من الدول العربية، وللسينما المصرية، قطعا النصيب الأكبر، والأمر ليس له علاقة كما تهامس البعض، بأن البوصلة تنتقل من (القاهرة) إلى (جدة)، فلا يمكن أن يتصور أحد ذلك، أو حتى يسعى إليه كخطة مستقبلية، ستظل مصر قادرة على أن تمنح السينما العربية القسط الأكبر من الأفلام، والفنان العربى الذى يأتى للقاهرة، سواء نطق فى أعماله باللهجة المصرية، أو احتفظ بلهجته، هو الدليل العملى على ذلك، العديد من الدراسات الاقتصادية التى أجريت مؤخرا، تؤكد أن السوق الخليجية بوجه عام والسعودية تحديدا ستنعش السينما المصرية، عدد من المشروعات بالفعل بدأ التخطيط لها، ويجب أن نضع فى المعادلة أن القوة الشرائية وزيادة عدد دور العرض فى السعودية ستستفيد منها قطعا السينما المصرية، كما أن الرقابة هناك باتت لديها رحابة فى تقبل العديد من الأفكار التى كانت تعد من الممنوعات، فلا أظن أن الخوف الذى سيطر على البعض له ظلال من الحقيقة، فقط علينا أن نعيد التوازن للصناعة السينمائية المصرية، التى كانت وستظل الأكبر عربياً. على الدولة التدخل مجددا، لا أقول فقط لعودة الدعم ولكن لمضاعفته، جاء الإعلان عن الدعم الذى تقدمه منصة البحر الأحمر برقم 14 مليون دولار فى مهرجان (كان)، وهمٌّ يحرك بداخلى الرغبة فى صحوة لنا لتوازى الرغبة لديهم فى دعم أكثر من 100 مشروع، سعودى وعربى. الدورة هذا العام أخبارها العربية قليلة والمصرية نادرة، والدائرة التى تعودنا رؤيتها فى كواليس المهرجان باتت محدودة للغاية، الاحتراز غيّر كل شىء، حتى ملامح الشوارع المؤدية لقصر المهرجان، أكاد لا أتعرف عليها، تبدو لى وكأنها ليست تلك التى أعرفها، الناس والزحام، مهما كانت مشاكل التكدس، هم الذين يصنعون فى نهاية الأمر الحالة التى نعيشها. لا أرتاح أبدا لملامح المهرجان الافتراضى، فهى تخاصم مذاق الحياة، مع اعترافى قطعا، أن (الضرورات تبيح المحظورات)، كما أن هناك من الزملاء من يستطيع التعامل ببساطة مع العالم الافتراضى، ويمنحه نفس القدر من المعايشة، ولكن بالنسبة لى أراه فاقدا لنبض الحياة. الشوارع كما عرفتها ليست كما هى، اللهاث الذى يعلن عن نفسه دائما، الجمهور من مختلف الأعمار الذى كان يقف على أبواب القاعات رافعين يافطة تسألك عن دعوة أو تذكرة زائدة عن حاجتك، كل هؤلاء فى ظل الحجز المسبق (أون لاين) لم يعد لهم أى وجود، فلا توجد أساسا تذاكر فى يد أى منا، ولكن فقط المحمول والتذكرة ديجيتال تحمل اسمك المطابق للكارنيه. لو ألقيت نظرة على سوق المهرجان، التى تمنحه حضورا وألقا ووهجا، سترى الغياب التام، وكأنه فاقد التنفس، أغلب الأجنحة التى تمثل شركات السينما العالمية أو بلادها اختفت، بينما مصر، ومنذ ثلاث سنوات، ليس لها جناح فى السوق الأهم عالميا، والحكاية لا يمكن أن يتحملها مهرجان (القاهرة) بمفرده، لأن الكاتب والمنتج محمد حفظى، رئيس المهرجان، طوال السنوات الماضية وجد أن العائد من تحمل نفقات الجناح لا يتوازى مع النفقات المادية، ومن الممكن تعويض الغياب بالاتصال الشخصى. المفروض أن غرفة صناعة السينما والعديد من شركات الإنتاج تشارك فى تحمل التكلفة، وكنت حاضرا منذ مطلع التسعينيات، كانت أكثر من جهة تساهم ماديا. إقامة جناح هذا العام، فى ظل تناقص أعداد الضيوف وشركات الإنتاج العالمية، لا تستحق المجازفة، ولكن مبدأ عودة الجناح والعلم المصرى الذى كان يرفرف سنويا على شاطئ (الريفيرا) تستحق أن نفكر فيها من الآن حتى مايو 2022، موعد إقامة مهرجان (كان) فى اليوبيل (الماسى) 75 عاما، أظنها جديرة بالتأمل. [email protected] المقال: نقلاً عن (المصري اليوم).
مشاركة :