بدون أن تقصد، صارت يسرا أحد أهم رموز مصر والوطن العربى، لا أتحدث هنا عن الإنجاز الفنى، كُثر لهنّ رصيد متقارب، إلا أن المكانة الشخصية التى حظيت بها يسرا لا تستطيع أن توجزها وتحيلها فقط إلى أفلام ومسلسلات ومسرحيات وأغنيات، هى قبل كل ذلك مجموعة من المواقف وضعتها فى صدارة المشهد، لتصبح هى العنوان، أرادت أو لم ترد، سعت إليه أو تحقق لها دون أن تقصد. الناس تتابعها فى كل المواقف، ولهذا كانوا حريصين على النفاذ إلى مشاعرها وهى أمام الجامع مرتدية الفستان الأسود، تبكى صادقةً سمير غانم، ثم شاهدوها ليلًا بالفستان الأحمر ترقص وتغنى أمام عمرو دياب، بنفس درجة الصدق، وعلى الفور جاء السؤال، مَن نصدق: دموع العين، أم رقصات الجسد؟!. (السوشيال ميديا) قررت توجيه عقاب قاسٍ جدًا إلى يسرا، وذلك عندما حاكموا مشاعرها، لا أحد من الممكن أن يشكك فى حزن إنسان شاهدنا جميعًا دموعه فى الصباح، وكان السؤال: كيف إذن إذا كان حزن يسرا صادقًا فى الصباح، أن تذهب ليلًا إلى فرح أحد رجال الأعمال؟. الكل يعلم أن حفل الزفاف معدٌّ له سلفًا، ويسرا مثل غيرها، قبل ربما عدة أسابيع، أكدت حضورها، هل كانت هناك محاولة باءت بالفشل لإرجاء موعد الحفل، ربما، ولكن ليس لدى يقين. قررت يسرا وعدد آخر من النجمات الذهاب لمجاملة رجل الأعمال، هل معنى ذلك أنهن مزقن صفحة الأحزان؟. الفنان، خاصة الممثل، تعوّد طوال رحلته على الانتقال فى لحظات بين الأحاسيس المتباينة، هم لديهم قدرة استثنائية على الثبات الانفعالى، الممثل المحترف يستطيع ضبط الجرعة، ليس معنى ذلك أن الممثل يمثل 24 ساعة يوميًا، فقط لديه قدرة على الانتقال من حالة إلى أخرى، محتفظًا بانفعاله، وهذا هو ما يحدد الفارق بين ممثل وآخر. عدد كبير من الفنانين تلقوا أخبار رحيل أقرب وأعز الناس إليهم، ورغم ذلك أكملوا التصوير أمام الكاميرا، وواصلوا الوقوف على خشبة المسرح، وبعد نهاية العرض يستبدّ بهم الحزن، تلك قدرة استثنائية، لا يتمتع بها البشر جميعًا، فهل الفنان الذى رحل والده ثم أكمل على خشبة المسرح دوره، إنسان بلا مشاعر. أحيانًا نحكم على البشر من خلال منطقنا ومحدداتنا، وهى ليست بالضرورة قواعد مطلقة، لو أنك فى طريقك إلى حفل وعلمت أن إنسانًا عزيزًا عليك أصيب بمكروه، فسوف تغيّر على الفور وجهتك، تذكر فقط أن هذا السلوك مرتبط بك أنت، وليس ملزمًا لأحد غيرك. لم تتعمد يسرا، مراعاةً للمشاعر، أن ينقل أحد طقوس الفرح، المحمول اقتنص اللحظة فصارت (تريند). اختارت يسرا أن تمارس حياتها كإنسان حُر متمتعًا بأهليته، موقنة أنه حقها الطبيعى، وليس من صلاحيات أحد أن يرصد تحركاتها أو يتدخل فى تحليل أو التشكيك فى مشاعرها، الحزن والفرح فى القلب، بينما لدينا قطاع من البشر متفرغ لرصد الدموع والضحكات والفساتين، والبعض قد يفعل مثل يسرا وأكثر، ولكنهم فقط سوف يُخفضون الصوت ويمنعون التصوير حتى لا يسمعهم أو يراهم الجيران. [email protected] المقال: نقلاً عن (المصري اليوم).
مشاركة :