تحرير سد مأرب نقطة الانطلاق نحو تحرير صنعاء

  • 10/13/2015
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

اعتبر خبراء استراتيجيون ومحللون سياسيون مصريون تحرير سد مأرب من ميليشيات الحوثيين وأنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح، يمثل نقطة انطلاق نحو تحرير كامل اليمن، لأن السد يحمل دلالات استراتيجية وتاريخية، ما يعني أن عمليات تحرير اليمن دخلت مرحلة الحسم، بعد أن أجرت قوات التحالف إعادة تقييم للمعارك التي بدأتها، وحددت 7 مواقع استراتيجية للتحرير بدأت بالسيطرة الفعلية على باب المندب، ومن ثم سد مأرب وتنتهي بتحرير صنعاء. ورأى الخبراء أن السيطرة على مأرب كسرت شوكة الحوثيين، وربما تدفعهم للتراجع عما فرضوه من شروط في سبيل قبول القرار الأممي بحل القضية سياسياً، محذرين من محاولات المراوغة وضرورة تأمين المناطق التي تم تحريرها. عبقرية الإنسان والمكان قال أحمد عبد الخالق الشناوي، الخبير بالأمم المتحدة سابقا، إن سد مأرب بني لحصر المياه التي تهدر في السيول، وزود بأبواب لتسمح بقدر أكبر من التحكم في توجيه المياه، عقب استقرارها في الحوض، وتم انشاؤه من الصخور الجبلية، التي نحتت بدقة، حيث بني بطريقة تزيل عنه خطر الزلازل والسيول العنيفة. وأضاف الشناوي أن السد يعد عنوان الحضارة اليمنية، وعبقرية اليمنيين في مواجهة قسوة الطبيعة، المتمثلة في انعدام مصادر المياه الدائمة، وشح الأمطار الموسمية، والتربة الوعرة والجبال والمرتفعات، والسهول الساحلية، والسيول. وأوضح أن السد قدم نموذجاً للحضارة اليمنية والعربية قبل الإسلام في شبه الجزيرة العربية، وهو معجزة هندسية تدل على عبقرية الإنسان اليمني، مكنته من إدارة موارده من مياه الأمطار، والاحتفاظ بها لاستخدامها وقت الحاجة الشديدة. وذكر أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، رحمه الله، أعاد بناء السد على نفقته الخاصة، وجاءت مبادرته لإدراكه أهمية السد بالنسبة إلى اليمن، الذي يعاني ندرة المياه التي تدخل في نطاق محاور التنمية الاقتصادية والزراعية، فضلا على أهمية السد التاريخية والأثرية. دفعة معنوية وعسكرية وقال اللواء حسام سويلم، المدير السابق لمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية للقوات المسلحة: إن تحرير سد مأرب من قبل قوات التحالف والمقاومة الشعبية في اليمن، من شأنه فتح الطريق إلى صنعاء من الجانب الغربي، ومنح المقاومة الشعبية دفعة معنوية كبرى لاستكمال تحرير اليمن من ميليشيات الحوثيين. وأضاف سويلم أن عملية تحرير سد مأرب لا بد أن يتبعها تمركز لقوات المقاومة خشية معاودة الميليشيات المهزومة مجدداً، على أن تقوم قوات التحالف بضربات جوية مكثفة على معاقل الحوثيين في صنعاء، تمهيدا لاتجاه القوات نحو العاصمة اليمنية التي تقع على مقربة من مدينة مأرب. وأوضح سويلم أن المعارك التي تدور في اليمن من قبل قوات التحالف، والتي تبذل فيها الدماء من قوات المقاومة أو من قوات التحالف العربي، من شأنها تحرير الإرادة العربية من مخططات إيرانية تستهدف تمزيق المنطقة، وفي المقدمة اليمن، الذي يشكل بموقعه الجغرافي محوراً استراتيجياً عربياً، حيث يقع على باب المندب الذي يعد ممراً مائياً عالمياً يتحكم في عمليات النقل والتجارة. رمز تاريخي وقال الدكتور محمد مجاهد الزيات، الخبير الاستراتيجي ومستشار المركز الإقليمي للدراسات السياسية والاستراتيجية: إن سد مأرب رمز لتاريخ اليمن، وتحريره يعني إشارة إلى إمكانية تحرير اليمن، وأن مشاركة دولة الإمارات العربية المتحدة باعتبارها الشريك الأقوى في التحالف العربي في عمليات التحرير لها دلالة تشير إلى أن الإمارات تستكمل ما بدأه الشيخ زايد، طيب الله ثراه، حيث قدم مساعدات من أمواله الخاصة لإعادة بناء السد، فضلاً عن أن تحرير هذا السد يعطي رسالة أخرى بأن قوات التحالف العربي والمقاومة الشعبية حريصتان على تأمين شريان المياه في ظل نقص المياه في اليمن، بالإضافة إلى أنه يعد نقطة انطلاق نحو العاصمة صنعاء. وأضاف أن حرب تحرير اليمن دخلت مراحل الحسم والانتصار المؤكد على ميليشيات الحوثيين، وأنصار علي عبد صالح، وهو ما يؤكد أيضا فشل المشروع الحوثي المدعوم من إيران وتراجعه. ورأى الزيات أن الأيام المقبلة ستشهد عمليات نوعية أخرى تعجل بحسم المعارك وتجبر الطرف الحوثي وعلي عبد الله صالح على قبول عرض الموفد الأممي بشأن التسوية السياسية على الرغم من المراوغة في موافقة الحوثيين. وقال اللواء محمود زاهر، المحلل السياسي والاستراتيجي: إن سيطرة قوات التحالف العربي والمقاومة اليمنية على سد مأرب لها آثار إيجابية معنوية على القوات المقاتلة، لاسيما أن العديد من المناطق المجاورة للسد خاضعة للحوثيين، ما يشكل ورقة ضغط عليهم من أجل الانصياع إلى الشرعية، وهي خطوة في سبيل تحرير صنعاء وكسر شوكة الحوثيين. وشدد زاهر على ضرورة النظر على مسرح العمليات كاملا، والحفاظ على المكتسبات التي حققتها المقاومة وقوات التحالف، حتى يمكن أن يعود اليمن إلى أمته العربية. كما شدد على ضرورة تعزيز المناطق التي حررت بآليات ومدرعات تضمن تأمين، وتثبيت ما تحقق من إنجازات، وتشكل أحزمة أمنية على تلك المناطق، حتى لا تضع هناك فرصة للحوثيين للمناورة، لاسيما أنهم دائما ينقضون عهدهم، مؤكدا أن الانتصار الذي تحقق جاء نتيجة عمليات نوعية متكاملة بين قوات المقاومة وقوات التحالف وبإرادة الشعب اليمني، الذي يرفض الخروج على الشرعية ويرغب في عودة اليمن محرراً من الحوثيين. تحول استراتيجي مهم وقال اللواء طيار أمين راضي، الخبير الاستراتيجي، إن سيطرة قوات المقاومة الشعبية المدعومة من التحالف العربي على سد مأرب الاستراتيجي، بعد سيطرتها على المناطق المحيطة به بعد معركة طويلة بدأت منذ مايو أيار الماضي مع ميليشيات الحوثيين، التي كانت قد سيطرت على السد التاريخي لمنع تقدم قوات المقاومة الشعبية، لم يكن بالأمر العادي، حيث يعد تحولا نوعيا في المعارك التحرير، التي يقودها التحالف العربي، مشيرا إلى أن ميليشيات الحوثيين المدعومة من قبل إيران كانت تدرك أن سقوط سد مأرب يمهد لتحرير محافظة مأرب ويفتح الطريق أمام قوات المقاومة والتحالف نحو تحرير صنعاء، حيث تقع منطقة السد على طريق الإمدادات الرئيسية للحوثيين، ما سيدفعهم للانسحاب من باقي المناطق وفي مقدمتها منطقة الجوف، بحيث يسهل الطريق نحو صنعاء. واعتبر راضي تحرير سد مأرب ضربة قاصمة لميليشيات علي عبد الله صالح والحوثيين، موضحاً أن معركة الوصول إلى صنعاء باتت على الأبواب، وأن تحريرها مسألة وقت، شريطة تكثيف قوات التحالف من ضرباتها الجوية والأرضية، التي تكبد ميليشيات الحوثيين وانقلابيي علي عبدالله صالح خسائر، تسهل لقوات المقاومة إحراز تقدم على الأرض وصولاً إلى صنعاء. استعادة صنعاء وقال الدكتور جمال سلامة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة: إن استعادة المقاومة الشعبية في اليمن والمدعومة من التحالف العربي سد مأرب بعد سيطرة المقاومة على التلال المحيطة به والقريبة منه، بعد سيطرة جماعة الحوثيين على السد منذ أواخر مايو الماضي؛ فتح الطريق أمام المقاومة وقوات التحالف إلى استعادة العاصمة اليمنية صنعاء من أيدي الميليشيات الخارجة عن الشرعية والمدعومة من قبل إيران ذات المطامع الإقليمية ليس في اليمن فقط بل في المنطقة. وأضاف سلامة أن لسد مأرب أهمية استراتيجية واقتصادية لليمن وذات دلالة رمزية للحضارة العربية، حيث يبعد عن العاصمة صنعاء نحو 175 كيلومترا، ونحو 8 كيلومترات عن مدينة مأرب القديمة، مشيرا إلى أن تلك الأهمية وفقا للمعطيات الاستراتيجية سوف تسهل مهمة قوات المقاومة الشعبية وقوات التحالف في تحرير صنعاء. وقال سلامة: إن لسد مأرب أهمية أثرية أيضا حيث يشار إليه باعتباره بناء معماريا وهندسيا يوازي في أهميته معالم أثرية كبرى، كما أن للسد أهمية اقتصادية حيث تعتمد عليه مدينة مأرب في عمليات الري الزراعي، واستخدامات المياه خاصة في المنطقة الشرقية، وذلك لندرة تساقط المياه، حيث يشكل الإنتاج الزراعي للمدينة نحو 736% من إجمالي إنتاج اليمن من المحاصيل الزراعية، وبالميزات الناتجة عن السد احتلت مدينة مأرب المرتبة الثالثة من بين محافظات اليمن في الإنتاج الزراعي. نقلة نوعية وقال الدكتور طارق فهمي، الخبير الاستراتيجي والمحلل السياسي، إن عملية تحرير سد مأرب تأتي في إطار النقلة النوعية، التي تقوم بها قوات التحالف والمقاومة الشعبية بعد إعادة تقييم المعارك خلال المرحلة الماضية، وهي عملية تكتيكية في إطار المواجهة بعد أن تحققت لميليشيات الحوثيين بعض النجاحات المنقوصة، التي لم يكتب لها الاستمرار، بفعل الضربات العسكرية الموجعة التي توجهها قوات التحالف. وأضاف فهمي أن عملية تحرير سد مأرب، أثبتت قدرة التحالف في السيطرة على بؤر استراتيجية، لاسيما أن مأرب تعد نقطة تمركز للعمليات العسكرية، كما أنها تأتي في إطار المواجهة، التي تستهدف إنزال خسائر كبيرة في قوات الحوثيين، وأنصار على عبد الله صالح، محاولة إعادة الانتشار، الذي بدأ في باب المندب، ثم سد مأرب. وأكد فهمي أن تحرير السد أثر على الروح المعنوية لميليشيات الحوثيين، لاسيما بعد أن جمدوا عملية التسوية السياسية، متوقعا أن تشهد الأيام القليلة المقبلة تغيرا في التشدد الحوثي، إثر الضربات الموجعة التي توجهها قوات التحالف، وربما تصل إلى حد التنازل عن الشروط التي وضعتها للدخول في التسوية السياسية. وأضاف فهمي أن ما يميز التحالف العربي أنه يمضي على مسارين: الأول سياسي، وهو ما تجمد نسبيا، والثاني الاستراتيجي وهو ما تحقق من خلال قوات التحالف بانتصارات تلو الأخرى، لافتا إلى أن تحرير صنعاء ربما يأخذ بعض الوقت، غير أن ما حققته قوات التحالف من انتصارات يعد مفتاحا قويا للوصول إلى صنعاء. معركة غير عادية وقال الدكتور عمرو الشوبكي، المحلل السياسي، إن معركة سد مأرب، أكسبت معركة تحرير اليمن أهمية غير عادية، لاسيما أن سد مأرب ذاته يشكل أهمية استراتيجية في حسم المعركة، مشيرا إلى أن المعركة استخدمت فيها مدفعيات صاروخية وطائرات الأباتشي، وتشكل نقطة متطورة في مسار الحرب، ومقدمة شاملة للتحرير، لاسيما أن مدينة مأرب مكتظة بسكان القبائل المقاتلين، الذين يشكلون حصنا مناهضاً لميليشيات الحوثيين، فضلاً على موقع المدينة المنفتح على خطوط الإمدادات والمتاخمة لمدينة صنعاء، التي تبعد ما لا يزيد على 175 كيلومتراً. وأضاف الشوبكي أن التحالف العربي لا يخوض معركة عادية بل هو في تحد كبير منذ أن قرر الدخول إلى اليمن لتصحيح الأوضاع، بعد أن سدت أمامه كافة سبل حل الأزمة سياسيا، وأن هذا التحدي يتمثل في المد الإيراني، الذي يحاول أن يثير الفوضى والقلاقل، ويجد لنفسه موطئ قدم ونفوذا في اليمن يهدد من خلاله الأمن القومي العربي والخليجي كما يهدد الملاحة في البحر الأحمر. وأوضح الشوبكي أن الميليشيات الحوثية تمر بمرحلة من السوء، ما يسهم في رضوخها لتطبيق القرار الأممي، مشدداً على ضرورة توفير ضمانات جادة وحقيقية، ووضع الحوثيين تحت الاختبار حال رضوخها للتسوية. وأشار الشوبكي إلى أن تلك الضمانات أو الاختبارات، لابد أن تمضي متزامنة مع العمليات العسكرية، حتى لا تترك فرصة للحوثيين للمراوغة أو المناورة، موضحا أن رضوخ الحوثيين للتسوية أو هزيمتهم في معركة التحرير عبر العمليات الواسعة، التي تشنها قوات التحالف العربي؛ سينهي النفوذ الإيراني، وسيدفعه نحو الانكماش، معتبراً سيطرة قوات التحالف على سد مأرب تقدما استراتيجيا كبيرا يمهد الطريق إلى العاصمة صنعاء. أهمية استراتيجية وقال حسين عبد الرازق، المحلل السياسي، إن سد مأرب له أهمية استراتيجية واقتصادية وتاريخية، حيث يعد من أشهر الآثار اليمنية والعربية، ومن أعظم الأبنية الهندسية في الجزيرة العربية، وقد شيد إبان حضارة سبأ، التي كانت عاصمتها مدينة مأرب في القرن الثامن قبل الميلاد، وتمت توسعته على مراحل بعد ذلك. وأضاف أن السد كان مطمعا من قبل ميليشيات الحوثيين في صراعهم مع السلطة الشرعية، كونه قريبا من مدينة صنعاء، وأن السيطرة عليه تعطيهم قوة، وقد جاءت معركة تحريره على أيدي المقاومة اليمنية المدعومة بقوات التحالف، التي تقودها دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية لتعطي بريق أمل في إزاحة الميليشيات الحوثية من العاصمة صنعاء. وأضاف أن للسد أهمية بالنسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث أمر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، بإعادة بناء السد على نفقته الخاصة بتكلفة 90 مليون درهم، وتم افتتاحه عام 1986، وتبلغ مساحة حوض السد نحو 30 كيلومترا مربعا، كما تقدر سعته التخزينية بنحو 400 مليون متر مكعب من المياه، ويروى نحو 17 ألف هكتار.

مشاركة :