اختارت الأديبة ميرال الطحاوي مدينة برقة الليبية، التي تعد همزة الوصل بين مدينة السلوم المصرية ومدينة بنغازي الليبية، مسرحاً لأحدث كتبها "بعيدة برقة على المرسال"، الصادر عن دار المحروسة للنشر، لتبرز من خلاله عادات وتقاليد القبائل البدوية، وتراثها الشعبي، خصوصاً أشعارها الشفوية المعروفة باسم "الغناوة". ويسلط الكتاب الضوء على أشعار الحُب في التراث النسائي البدوي، لتُقدم لنا مختارات من أخصب نصوص الحب والفقد والرثاء في الذاكرة النسوية، معتمدة على ذائقتها الأدبية، ونشأتها الريفية، وسط قبيلة تعود أصولها إلى شبه الجزيرة العربية. ويجمع الكتاب بين جَمالِ السرد ودَأب البحث الأكاديمي، ويتتبع الخرائط الثقافية لمولد وتطور الغناوة، أو شِعر الحُب الشفاهي البدوي في مصر وإقليم برقة الليبي، ويُقدم للقارئ صورا شعرية فاتنة لأشكالِ بوح النساء بالمَحَبة، من خلال مجموعة منتقاة من النصوص الشعرية، التي تَعكس هذه المشاعر المحظورة والمسكوت عنها في تاريخ الأدب الشفاهي النسوِي. "يا رب هات النيل على بابي ... ترسي المراكب وينزلوا أحبابي... كان جفوك أصحى تجدي عالولاف بقسوة ردي... نا والعين شفا زايد تلاقيه البايد بالبايد... الدمع ان جا وقته كبيه ألمن العين ادسي فيه... واعر بالعزيز مرضنا نا وياك دوا لبعضنا...". وألقت الكاتبة الضوء على شعر الغناوة فى كتابها السابق "بنت شيخ العربان"، وهو كما ورد في الكتاب، من فنون الشعر الشفاهي البدوي، التي تسمى أحياناً "حجة"، وهي نوع من الأبيات الشعرية المغناة في الأعراس، أثناء الممارسة الاحتفالية المسماة بـ "كف العرب"؛ ذلك الطقس الاحتفالي الذي يواكب حفلات الزواج. وترجع بدايات الاهتمام بتدوينه إلى ما يزيد على مئة عام بواسطة عدد من المستشرقين، ما لفت انتباه باحثين عرب إليه، فوضعوا كتباً تتناوله، كانت ضمن مراجع الطحاوي في كتابها الذي يؤرخ بالأساس للمجتمعات البدوية في مصر، وجذورها في شبه الجزيرة العربية وارتباطاتها الثقافية والاجتماعية بالأمازيغ في أنحاء مختلفة من شمال إفريقيا، وقبائل الشام والعراق وفلسطين والأردن. من أشهر أبيات الغناوة: «انصيمو ثلاث شهور لوكان يا غوالي تقسموا اتركهن وتنال الصبر مالك سبب في دمعهن أنتي سبايبه ياعين غلا عزيز لولاك ما رسم الـعـقل يابـعاد الـدار يـمـسي مـعاي ويـيات عـندكـم الدمع ما يجلي الياس أيزيدكن أرياف وتنعمن» سيرة ذاتية ميرال الطحاوي، روائية وكاتبة مصرية، تعمل أستاذة للأدب العربي بكلية اللغات العالمية والترجمة بجامعة أريزونا الأميركية، ومن أشهر رواياتها "الخِباء" و"الباذنجانة الزرقاء" و"نقرات الظباء" و"بروكلين هايتس" التي فازت بجائزة نجيب محفوظ التي تمنحها الجامعة الأميركية بالقاهرة عام 2011، وكانت ضمن القائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية للعام نفسه.
مشاركة :