تحقيق إخباري : أطفال وقصر سوريون ينبشون النفايات بحثا عن مواد قابلة للتدوير يبيعونها لتجار الخردة

  • 7/13/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

القرعون ، شرق لبنان 12 يوليو 2021 (شينخوا) مع شروق شمس يوليو الحارقة يصطحب الطفل سماح حميدان النازح من سوريا إلى مخيم القرعون في شرق لبنان الغربي 3 من أشقائه في رحلة البحث في حاويات ومكبات النفايات وعلى جانبي الطرق عن المواد البلاستيكية والمعدنية وكل ما يمكن بيعه لتأمين جانب من حاجيات عائلتهم التي تمر في ظروف معيشية صعبة. سماح البالغ 16عاما من العمر ، يرتدي وأخوته ثيابا بالية ومتسخة وقبعات لتقيهم حرارة الشمس ويحمل كل منهم على ظهره كيسا قماشيا لتخزين ما يعثرون عليه من مواد قابلة للتدوير. وأعرب سماح لوكالة أنباء ((شينخوا)) عن سخطه من الأوضاع الأقتصادية الصعبة التي يعيشها وعائلته. وقال في طقس صيفي شديد الحرارة نمضي ساعات طوال في التفتيش عن أي شيء يمكن بيعه من مواد بلاستيكية وعبوات مشروبات غازية ومواد معدنية أخرى للأستفادة من ثمنه في تأمين طعام للعائلة المؤلفة من 11 فردا. أما شقيقه الأصغر حمادي (14عاما ) فقال لـ ((شينخوا)) نستعين بقضيب حديدي أو بعصا خشبية للتفتيش عن أغراض نستفيد منها وسط القمامة بحيث نتمكن من جمع حوالي 4 أكياس يوميا نبيعها لتجار خردة يقصدون مخيمنا مرتين في الأسبوع . ويقصد تجار مستودعات الخردة بشكل دوري مخيمات النازحين السوريين لشراء حصيلة الخردة من الصغار والتي تشكل بعضا مما يصدره التجار الكبار بحرا لإعادة التدوير إلى مشترين في مصر وتركيا وبلغاريا. وأوضح حمادي أنه ليس من سعر ثابت لبضاعتنا بحيث نبيع كل كيلوجرام ما بين 7 إلى 9 الآف ليرة لبنانية علما أن ما نجمعه في الكيس الواحد يصل وزنه إلى حوالي 10 كيلوجرامات. وأضاف "نشتري بثمن الخردة الذي لا يتجاوز 6 دولارات أمريكية خبزا وخضار وبطاطا، فيما لايمكننا شراء الدجاج واللحم لأرتفاع أسعارهما بشكل جنوني". من جهتها قالت لـ ((شينخوا)) الفتاة ليلى الصفدي (16عاما ) النازحة من ريف حلب إلى مخيم سحمر في شرق لبنان الغربي بأنها تعمل وشقيقتها الصغرى منذ اكثر من عام في جمع ما تجدانه في محيط الطرقات من بلاستيك وزجاجات فارغة ومواد نحاسية وحديد ويضع موفورو الحظ منهم قفازات. وأضافت "بات وجود هذه المواد قليلا بسبب كثرة الأطفال النازحين الذين يجوبون الطرق والحقول ومكبات النفايات لجمعها". وأشارت إلى أنها كانت تجمع وشقيقتها خلال الأشهر القليلة الماضية حوالي 20 كيلوجراما يوميا إلا أن الحصيلة في الفترة الحالية انخفضت إلى النصف تقريبا. وأعرب الطفل النازح من ريف دمشق إلى بلدة "راشيا الوادي" جمال العزيزي عن حزنه لأحوال النازحين في ظل ندرة المساعدات التي تصلهم وانهيار قيمة الليرة اللبنانية أمام الدولار الأمريكي. وقال العزيزي لـ ((شينخوا)) "ما نجمعه في اليوم لا يكاد يسد رمق العيش، ولولا حاجتنا الماسة لتأمين لقمة العيش لما كنا نمضي الساعات الطوال تحت أشعة شمس حارقة نستنشق خلالها الروائح الكريهة في مكبات النفايات التي يمكن أن تتسبب لنا بأمراض يصعب علاجها". ويعمل الأطفال والقصر في لبنان في الزراعة وفي مهن حرفية تقليدية صغيرة على رغم أن ذلك يعتبر مخالفا للقانون ، بحسب الإخصائية الاجتماعية سلوى كنعان. وأوضحت كنعان لـ ((شينخوا)) أن الأزمات الاقتصادية والمعيشية التي يشهدها النازحون السوريون أدت إلى زيادة مطردة في استخدام الأطفال والقصر في أشكال عدة من العمل القسري الذي ينطوي على مستوى خطير من انتهاك حقوق الطفل بشكل مباشر. وأشارت وفق معطيات إحصائية الى أن أعلى نسبة لعمل الأطفال هي بين الأطفال والقصر الذين تتراوح أعمارهم بيم 14 و17 عاما ومعظمهم من الذكور ، محذرة من تواجد هؤلاء أحيانا في بيئة غير آمنة يتعرضون خلالها للاستغلال ولشتى أنواع المخاطر . وفي تجمع بلدة "عزة" للنازحين السوريين بشرق لبنان وبمحاذاة خيمته المصنوعة من أغطية قماشية ، يعمل النازح الخمسيني جلال عودي على فرز ما جمعه أطفاله الثلاثة خلال عملهم المضني طوال النهار. ويضع عودي المواد البلاستيكية في ناحية والمعدنية في ناحية أخرى فلكل من هذه المواد سعره كما قال لـ ((شينخوا))، مشيرا إلى أن المعادن أغلى سعرا من البلاستيك. بدورها قالت الأم لأربعة أطفال النازحة جميلة حاطومي "اخجل من نفسي عندما أرى أطفالي ذاهبين إلى الحقول وجوانب الطرقات ومكبات النفايات". وأضافت لـ ((شينخوا)) "لكن مع الفقر الذي لا يرحم ليس من وسيلة لتأمين لقمة العيش فالغلاء في لبنان ضرب اللبنانيين وطال بقساوته النازحين". من جهته أشار النازح الستيني عبد الحميد العيسى ، وهو رب عائلة مؤلفة من 9 أشخاص ، بان نحو 80 في المئة من النازحين قد خسروا أعمالهم منذ بدء الأزمة الاقتصادية في لبنان وتردي الأوضاع المالية فيه. وأضاف لـ ((شينخوا)) "الوضع المعيشي الخانق دفع العائلات النازحة إلى التفتيش عن أي وسيلة لتأمين لقمة العيش". وأفضت أزمات البلاد إلى ارتفاع معدل الفقر إلى أكثر من 50 في المائة وتفاقم البطالة والتضخم وتآكل المداخيل والمدخرات مع وقف المصارف لسحوبات الودائع بالدولار الأمريكي وتقييدها بالعملة المحلية وسط ارتفاع غير مسبوق في الأسعار مع شح في الوقود وفقدان الأدوية وحليب الأطفال.

مشاركة :