لم يأتِ قرار البحرين بسحب سفيرها في طهران واعتبار القائم بأعمال السفارة الإيرانية بالمنامة شخصاً غير مرغوب فيه لسوء فهم بين الحكومتين، ولكن من يتابع أعمال العنف والإرهاب بالبحرين، ويتأمل كذلك في كمية المتفجرات والقنابل والأسلحة المخبأة تحت الأرض يرى بأن وراءها أيد تريد الشر لهذا الوطن وأبنائه والمنطقة بأسرها. مؤخراً وفي أقل من ثلاثة أشهر يتم الكشف عن مخبأين للمتفجرات (دار دكليب والنويدرات) وهي كميات كافية لطمس هوية البحرين برمتها أو لإغراق الجزيرة بالبحر، لقد جاءت المناشدات الكثيرة للحكومة الإيرانية بإمساك إياديها من التدخل في الشؤون الداخلية للبحرين، ولكن مع الأسف الشديد دون رادع قانون أو أخلاقي أو ديني، فمع أن قصة الربيع العربي بالبحرين قد تم تعريته إلا أن محاولات إيران مستمرة لخلق صراع طائفي - بين السنة والشيعة - بالبحرين لفرض هيمنتها وسيطرتها على المنطقة العربية، لقد استطاعت من إشعال الفتنة في العراق وسوريا ولبنان واليمن ولكنها فشلت منذ أربعة أعوام من إشعالها بالبحرين رغم الخسائر المالية التي تنفقها على تلك الجماعات وأسلحتها ومتفجراتها، وغرورها وغطرستها تدفعها لمواصلة مشروعها التدمير بالمنطقة فهي تحاول جاهدة تخريب النسيج الاجتماعي بالبحرين من خلال دعم الجماعات الإرهابية بالأسلحة والمتفجرات، وتدريب عناصرها على الأعمال الإرهابية، وإيواء الفارين من وجه العدالة في إيران. إيران منذ قيام ثورتها المشبوهة وهي تنتهك كافة الأعراف والقوانين والمواثيق الدولية ومبادئ حسن الجوار، فهي لم تتوقف منذ العملية الانقلابية في فبراير عام 2011م من الدعوة الصريحة لممارسة العنف والإرهاب ومن أعلى المستويات في النظام الإيراني، وهو دعم موجه للجماعات الإرهابية والمتطرفة. لقد جاءت التدخلات الإيرانية بالبحرين منذ أن رفعت شعار (تصدير الثورة) حسب عقيدة ولاية الفقيه، فقد دأبت إيران على محاولة التأثير على الهوية العروبية للشعب البحريني من خلال مجموعات تم تدريبها على محاكات المناسبات الإيرانية، وتصاعدت وتيرة التدخلات الإيرانية من خلال وسائل الإعلام والقنوات الفضائية والمنابر الدينية وإن كانت إيراني في بداية الأمر تنكرها إلا أن الأيام أثبتت تورطها المباشر في هذا الدعم. موقف إيران العدائي من البحرين لم يتوقف يوماً، ولم تكف يوماً عن هذا التدخل، فضلاً عن محاولاتها لقلب نظام الحكم بالقوة في أواخر الثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن الماضي، ولعل الوقوف عند بعض الفواصل التاريخية كفيلة بالكشف عن المخطط الإيراني ليس للبحرين فقط ولكن لدول المنطقة، وما دعمها للجماعات الإرهابية بالبحرين إلا محاولة أخرى لاستنساخ حزب الله الإرهابي في الخليج. مقتطفات أو نبذة من تدخلات إيران في البحرين تذكرنا بتدخلاتها في العراق وسوريا ولبنان واليمن والكويت وهي جميعها دول عربية، فإيران في عام 1975م أصدرت قراراً يقضي بضم البحرين إليها باسم الأقليم الرابع عشر، وفي عام 1979 رفعت شعار تصدير الثورة الإيرانية لاحتلال البحرين، وفي عام 1996م تم الكشف عن تنظيم سري باسم حزب الله البحرين لقلب نظام الحكم وهو حزب تلقى تدريبه في طهران، ثم جاءت التصريحات المتتالية من المشرف العام على مؤسسة كيهان الصحافية ومستشار المرشد الأعلى في إيران (حسين شريعتمداري) للتدخل المستمر في الشؤون الداخلية للبحرين، ثم جاءت تهديدات مساعد وزير الخارجية الإيراني السابق منوشهر محمدي لدول الخليج وبالتحديد البحرين، ورصد أكثر من 15 تصريحاً لوزير الخارجية الإيراني السابق (صالحي) منذ بداية المحاولة الإنقلابية بالبحرين عام 2011م. لم تكتفِ إيران بالتصريحات بل سخرت قرابة الأربعين قناة فضائية للتدخل والتحريض المباشر وأبرزها قناة العالم والمنار وإذاعة النور، وهي قنوات مشهورة في قلب الحقائق وتزوير الوقائع من خلال فبركة الأخبار واستنساخ بعض الفيديوهات والصور من مواقع خارج البحرين. إن ما قامت به البحرين من سحب سفيرها بطهران (الدوسري) واعتبار القائم بأعمال إيران بالمنامة (بابائي) شخص غير مرغوب فيه لم يكن الأول على المستوى الدولي، فقد سبقتها كندا حين قطعت علاقاتها مع إيران وطردت السياسيين الإيرانيين في كندا حسب ما صرح به وزير الشؤون الخارجية الكندي (جون بيرد): إن كندا قامت بحظر ايران واعلانها كدولة ارهابية وحظر سفارتها، وأضاف (بيرد) حسب موقع كريستيان تليغرام: الحكومة الايرانية هي من يشكل التهديد الأخطر على السلام والأمن العالمي في العالم اليوم. إن الإشكالية القائمة بالبحرين ليست داخلية، فقد تم فتح قنوات الحوار أكثر من مرة (حوار التوافق الوطني الأول والثاني والثالث) وتم تدشين النسخة الرابعة من الانتخابات النيابية لمعالجة القضايا والإشكاليات، ولكن كما جاء على لسان أحد المحللين السياسيين: أن المشكلة بالبحرين مع إيران وحدها، ولا يمكن إيقاف العنف والإرهاب إلا إذا أوقفت إيران دعمها للقوى الإرهابية!.
مشاركة :