عزز تقرير حديث صادر عن وكالة فيتش للتصنيف الائتماني ثقة المسؤولين السعوديين في تعافي الاقتصاد بعد أن منحته نظرة مستقبلية متفائلة مدفوعا بقوة المركز المالي للبلد الخليجي، رغم أن الاستمرار في الاعتماد الكبير على إيرادات النفط لا يزال يمثل تحديا رئيسيا على الصعيد الائتماني. الرياض - غلبت التقديرات الإيجابية على تقرير وكالة فيتش للتصنيف الائتماني بشأن الاقتصاد السعودي، الصادر الخميس، حيث أشار إلى متانة المركز المالي للبلد الخليجي رغم استمرار الرياض في الاعتماد بشكل كبير على صادرات الطاقة لرفد خزينة الدولة. وعدلت فيتش الخميس النظرة المستقبلية للسعودية إلى مستقرة من سلبية، إذ أبقت على التصنيف السيادي للبلد عند مستوى أي، مشيرة إلى ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية واستمرار التزام الحكومة بضبط أوضاع المالية العامة. وأكد وزير المالية محمد الجدعان أن تعديل وكالة فيتش للنظرة المستقبلية لتصنيف السعودية الائتماني إلى مستقرة يؤكد إيجابية الإصلاحات الهيكلية التي اتخذتها الحكومة خلال السنوات الخمس الماضية وفق مستهدفات “رؤية 2030”. ونسبت وكالة الأنباء السعودية الرسمية إلى الجدعان قوله إن كل ما تم القيام به “انعكس بشكل إيجابي على فعالية السياسة المالية ورفع كفاءة العمل الحكومي، التي جاءت خلال تنفيذ الحكومة للإصلاحات الهيكلية والمالية منذ 2017 ودفع أجندتها الشاملة للتنويع الاقتصادي”. محمد الجدعان: تصنيف فيتش يؤكد إيجابية الإصلاحات الهيكلية المتبعة محمد الجدعان: تصنيف فيتش يؤكد إيجابية الإصلاحات الهيكلية المتبعة وتضرر أكبر مُصدّر للنفط في العالم العام الماضي من صدمتي جائحة كوفيد – 19 وانخفاض أسعار النفط إلى مستوى غير مسبوق، لكن انتعاشا للطلب على الخام وتخفيف قيود مكافحة فايروس كورونا دعما الاقتصاد في الأشهر القليلة الماضية. وقال خبراء الوكالة إن “تعديل النظرة المستقبلية يعكس احتمالات لتدهور أقل في المقاييس الرئيسية بالموازنة العامة عن وقت المراجعة السابقة بسبب الارتفاع الكبير في أسعار النفط واستمرار التزام الحكومة بضبط الأوضاع المالية”. وقفز عجز الموازنة السعودية إلى 11.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي من 4.5 في المئة في 2019، لكن فيتش قالت إن “الزيادة كانت أقل وضوحا مقارنة بما أعقب صدمة أسعار النفط في 2014 – 2015 بسبب الإصلاحات”. وفرضت الحكومة العام الماضي إجراءات تقشف مثل زيادة ضريبة القيمة المضافة إلى ثلاثة أمثالها وإلغاء بدل غلاء المعيشة. كما حولت حوالي 40 مليار دولار من البنك المركزي إلى صندوق الاستثمارات العامة (صندوق الثروة السيادي) الذي يقع في مركز خطط التحول الاقتصادي التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتحفيز الاستثمارات. وتحسنت أسعار النفط مصدر الدخل الرئيسي للسعودية من متوسط 60 دولارا قبل نحو ثلاثة أشهر إلى 74 دولارا في الوقت الحالي بالنسبة إلى برميل برنت، وسط توقعات باستمرار تحسن الطلب على الخام عالميا. أرقام عن الاقتصاد 470 مليار دولار احتياطات النقد الأجنبي المتوقعة في 2022 31.1 في المئة نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي 4.3 في المئة نسبة نمو الاقتصاد السعودي بنهاية العام 2021 وبافتراض أن يبلغ متوسط أسعار برنت هذا العام 63 دولارا للبرميل تتوقع فيتش تقلص عجز الموازنة السعودية إلى 3.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي مع نهاية العام، وهي نسبة أفضل من عجز 4.9 في المئة توقعته الحكومة. وتملك السعودية أكبر الاحتياطات المؤكدة من النفط في العالم، والتي تصل إلى نحو 261.1 مليار برميل، كما تشير إلى ذلك بيانات شركة أرامكو السعودية، أكبر منتج للنفط في العالم. ويقول خبراء فيتش إن احتياطات النقد الأجنبي لدى أكبر اقتصادات المنطقة العربية لا تزال كافية في الوقت الذي يمكن أن يؤدي فيه ارتفاع أسعار النفط إلى ضخ المزيد من الأموال الأجنبية إلى السعودية خلال الأشهر المقبلة. وتتوقع فيتش زيادة الاحتياطات لدى مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) إلى نحو 470 مليار دولار في 2022 و2023 مع تحول ميزان المعاملات الجارية إلى تسجيل فائض وزيادة الصندوق السيادي للاستثمارات المحلية. وتراجع صافي الأصول الأجنبية لدى المركزي السعودي في مايو الماضي بواقع 8 في المئة عن الشهر السابق إلى 433 مليار دولار، وهي الأدنى في أكثر من عشر سنوات. وما يدعم متانة المركز المالي للسعودية هو تخفيض فيتش تقديراتها لحجم الدين العام كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي لهذا العام إلى 31.1 في المئة مقارنة مع 39.4 في المئة في تقديرات سابقة، على أن يبلغ 33.1 في المئة بنهاية العام المقبل. وذكرت الوكالة أن السعودية تتمتع بأكثر من 20 شهرا من المدفوعات الخارجية الحالية، حيث تعدّ واحدة من أعلى نسب التغطية بين الدول السيادية المصنفة من قبل الوكالة. لكن المفاجأة تمثلت في أن الوكالة أشارت إلى عدم الوضوح عندما يتعلق الأمر بخطط الاستثمار من جانب الصندوق السيادي أو شركة النفط العملاقة أرامكو. وقالت في تقريرها إن تحولا في الإنفاق العام خارج الموازنة وزيادة محتملة في ديون الكيانات المملوكة للدولة والمرتبطة بالحكومة يمثلان “خطرا كبيرا على نقاط قوة الميزانية العامة للدولة”. وكان صندوق النقد الدولي قد أكد في تقرير مشاورات المادة الرابعة لعام 2021 استمرار تعافي الاقتصاد السعودي. وتوقع أن يبلغ نمو إجمالي الناتج المحلي غير النفطي 4.3 في المئة خلال العام الجاري و3.6 في المئة خلال العام المقبل. وتشير توقعات الصندوق إلى قيادة القطاع الخاص للنمو في العام الجاري ليبلغ 5.8 في المئة ويستمر على المدى المتوسط والطويل بمتوسط نمو نسبته 4.8 في المئة.
مشاركة :