مقالة : مسن فلسطيني يحافظ على صنع خبز "الطابون" وعلى التراث والهوية

  • 7/16/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

سلفيت 15 يوليو 2021 (شينخو) اعتاد المسن الفلسطيني يوسف شاهين من مدينة "سلفيت" شمال الضفة الغربية صباح كل يوم، التوجه إلى مكان عمله في مخبز صغير لصنع خبز "الطابون" الفلسطيني التقليدي يدويا لزبائنه. وبدأ شاهين (84 عاما) رحلته مع صناعة الخبز منذ أن كان في الـ 14 من عمره، عن طريق الصدفة بعد طلبه العمل في أحد المخابز وسط دهشة علت وجوه المتواجدين في ذلك الوقت، لتصبح مهنته مدى الحياة. ويقول الرجل الذي غطى شعره الشيب لوكالة أنباء ((شينخوا)) بينما يشعل نار الفرن، إن مهنة خبز الطابون في الأفران القديمة متوارثة منذ قدم الزمان في الأراضي الفلسطينية. ويضيف شاهين، وهو يحضر رقائق الخبز تحضيرا لإدخالها في الفرن، أن مواصلة عمله في المهنة رغم انتشار عشرات المخابز الحديثة في المدينة من منطلق حمايتها من الاندثار. ويتابع الرجل المسن، وهو أب لثمانية أبناء، "التحقت بالمهنة منذ صغري لاعتقادي أنها تضمن لنا مصدر دخل ثابتا لإعالة الأسرة، لكن وجهة نظري تغيرت، خاصة أننا ما زلنا نعيش تحت سيطرة إسرائيل منذ عام 1948". ويوضح بينما يتحدث مع أحد الزبائن حول طلبه "لسوء الحظ، منذ إعلان دولة إسرائيل، يسعى الإسرائيليون لسرقة تقاليدنا وعاداتنا التاريخية بالإضافة إلى الطعام الفلسطيني التقليدي". ويتكون خبز الطابون من الدقيق بنوعيه الأبيض أو القمح، والقليل من الملح والسكر والماء الدافئ، ثم يقطع إلى كرات دائرية صغيرة، يرش فوقها قليل من الدقيق، منعا لالتصاقها وتسهيلاً لرقها. وخبز الطابون يعد من التراث الفلسطيني وجزءا من الهوية التي يحاول الفلسطينيون في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة الحفاظ عليها بطرق شتى في محاولة لمنعها من الاندثار ومواجهة الرواية الإسرائيلية بأن الأصل يعود لهم. ولهذا يرى الرجل المسن أنه قادر على مواجهة الإجراءات الإسرائيلية التي تهدف إلى "دفن العادات والتقاليد الفلسطينية وخلق جيل جديد لا يعرف تاريخهم". وفي محاولة لنشر خبرته في صنع الخبز الفلسطيني التقليدي، انتقل الرجل المسن للعمل في عدة مخابز، لتعليم الشباب كيفية إنتاج الخبز على الطريقة الفلسطينية القديمة. وقال شاهين، "لقد نجحت في تخريج العديد من الشبان الذين حافظوا على صناعتنا التقليدية في صنع خبز الطابون في مدن الضفة الغربية، خاصة تلك التي تشهد مواجهات مع الجنود والمستوطنين الإسرائيليين". وأضاف، أنه "عندما يجد الإسرائيليون أماكن قديمة تراثية (مثل المخابز القديمة) والتي قد تكون أقدم من قيام دولتهم (إسرائيل) سيكونون على يقين من أننا المالك الوحيد لهذه الأرض وتاريخها". والمخبز اليدوي القديم الذي يعمل داخله شاهين لا يصنع خبز الطابون فقط للزبائن، بل يحضر أيضا أنواعا مختلفة من المعجنات باستخدام الأجبان والزعتر الفلسطيني واللحم المفروم. ويقول "أقوم بتحضير خبز الطابون والمعجنات التي تشحن أجسادنا بالطاقة خاصة التي نأكلها عادة في الصباح وفق طرق صحية"، مشيرا إلى استخدامه زيت الزيتون الطبيعي في جميع منتجاته. ويوضح شاهين، أن الطعام غير الصحي يساهم في انتشار أمراض في المجتمع الفلسطيني، لافتا إلى أنه يحاول تعليم الناس كيف يمكنهم الاستمتاع بطعامهم وحماية أنفسهم من أي مرض. من جهته أعرب عبد المنعم المصري صاحب المخبز عن سعادته لوجود المسن شاهين يعمل لديه كونه "أيقونة" للمخابز في الضفة الغربية. ويقول المصري لـ ((شينخوا))، إن شاهين يتميز بأداء عمله في صنع خبز الطابون بسرعة وحرفية عالية، كما يعمل على نشر أفكاره بين الأجيال الجديدة حفاظا على التراث. وبالتعاون مع أربعة مخابز أخرى، ينتج شاهين المئات من خبز الطابون لمدينة سلفيت ومناطق مجاورة، بينما يكسب شاهين وزملاؤه حوالي 15 دولارا أمريكيا في اليوم الواحد. ويقول الرجل المسن، "يشعر بعض الناس عندما يسمعون هذا المبلغ من المال أنه قليل، لكني أخبرهم أنه ساعدني في تعليم أبنائي وبناتي والعيش مع زوجتي". وأشاد محمود الصباح أحد الزبائن الذين يترددون على المخبز، بخبز الطابون الذي يصنعه شاهين، قائلا لـ ((شينخوا)): "ألذ خبز على الإطلاق (..) يذكرني بأمي قبل أن تغادر الحياة". واعتاد الصباح، وهو الثلاثين من العمر، القدوم للمخبز يوميا لشراء الخبز والاستماع لقصص شاهين القديمة وكيفية "الاحتفاظ بتاريخنا من خلال حماية عاداتنا وتقاليدنا من الاندثار وتشجيع أولادنا على التمسك بها".

مشاركة :