وضع م. خالد بن عبدالعزيز الفالح وزير الصحة خارطة طريق للتوجه لما اسماه "التميز المستدام" في وزارة الصحة والجهات التي تأمل الوصول إلى الجودة من خلال ورقة عمل قدمها في المؤتمر الوطني الخامس للجودة، الذي تنظمه الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة بعنوان "الجودة: خيارٌ استراتيجي لتحقيقِ الاستدامةِ وتحسينِ التنافسية" وذلك بقاعة الملك فيصل للمؤتمرات في فندق الرياض إنتركونتننتال أمس، وجاءت خارطة طريق مكونة من خمسة عناصر أساسية متكاملة تحدد ملامح منظومة "التميُّز المستدام،" وهي تطبيق معايير الجودة النوعية، بناء القدرات المؤسسية، إذكاء روح الطموح، الالتزام الصارم بالقيم وأخلاقياتُ العمل، تطبيق نظام الحوكمة. واستهل حديثه بالاتفاق مع ما يوحي به شعار "الجودة خيارا استراتيجيا"، إلا أنه لا يعتبر الجودة خيارًا استراتيجيًا فحسب، بل هي "ضرورة وطنية ملحة"، وقال إنَّ عالم القرن ال21 هو أشبه ما يكون بحلبة سباق كبرى، عالم يتسم بالضغوط الكبيرة، وبالفرص المبتكرة، وبسرعة الإيقاع والتعقيد؛ ونطمح أنا وزملائي لتقدّم وزارة الصحة أجود الخدمات ولتكون رائدةً بين الوزارات في المملكة. ولفت إلى أن المملكة بحاجة لرفع وتيرة التنمية للانتقال من مرحلة اقتصاد يعتمد على وفرة الثروات الطبيعية إلى مرحلة اقتصاد يعتمد على الكفاءة في الإنتاج والخدمات، من منظور التنافسية العالمية ليصل إلى مرحلة الاقتصاد المتنوّع والمنافس عالميًّا والقائم على الابتكار والإبداع، ولتحقيق ذلك فنحن بحاجة إلى تحسينِ الكفاءة والقدرة التنافسيةِ لمؤسساتِنا في القطاعين العام والخاص، عملًا بالرؤية الملكية السامية لمشروع الاستراتيجية الوطنية للجودة في أن تكون المملكة بمنتجاتها وخدماتها معيارًا عالميًّا للجودة والاتقان في عام 2020. وأستدرك بالقول إنه وبحكم عضويته في مجلس الوزراء، وفي مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، الذي يعتبر الأول من نوعه في تاريخ المملكة، أن حكومة المملكة بإلهامٍ من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-، تعمل ليلًا ونهارًا كي تتحقق التحولات التنموية المنشودة، وتكون بلادنا الأفضل في كل شيء، ونموذجًا من نماذج الريادة في القرن ال21. ويرى الفالح بضرورة تغيير النظر للجودة على أنها نظام قائم بذاته وينبغي النظر للجودة على أنها عنصرٌ واحدٌ ضمن عدة عناصر مؤثَّرة أخرى في عمليةٍ متكاملة لتحقيق منظومة "التميُّزِ المستدام" و"التميُّز" مفهوم أشمل من "الجودة". وأوضح الوزير أن منظومة "التميُّز المستدام" وهو بناء القدرات المؤسسية ويقصد بها مثلث الموارد البشرية، والتطوير التقني، والابتكار، وبشكل عام، تحتاج المؤسسات الحكومية والخاصة على حد سواء إلى مضاعفة الاستثمار في هذا المثلث، فالمملكة حسب تقرير التنافسية العالمي تحتل المرتبة 60 من بين 144 دولة من حيث تدريب الموظفين، والمرتبة 38 من حيث توفر آخر المستجدات التقنية، والمرتبة 44 من حيث براءات الاختراع بينما ما زال التعليم دون الطموح. واستشهد الفالح بقصة نجاح رحلة التحول الاستراتيجي التي بدأتها أرامكو السعودية في العام 2011م، حيث قال كنت قد تسلّمت قيادة الشركة وهي في القمة، تحتل المرتبة الأولى على مدى عشرين سنة كشركة بترول حسب التصنيفات التي تصدرها جهات عالمية متخصصة، كان التحدي الذي طوّرناه مع الزملاء في فريق القيادة بالشركة هو كيف نتفوّق على أنفسنا كشركة عملاقة ناجحة لنتجاوز سقف التوقعات آنذاك، بما يخدم استدامة الشركة على المدى البعيد واستدامة دورها في التنمية الوطنية، وبحمد الله تمكن فريق العمل في أرامكو السعودية من تجاوز سقف التوقعات الحالية، والانتقال من قمة رفيعة إلى قمم أعلى وآفاق أرحب، حيث نما حجم الشركة بدخول مجالات عمل نوعية وعملاقة، وتضاعفت قدراتها وتنوعت مصادر دخلها وإسهاماتها في التنمية الوطنية، كما ازداد عمقها النوعي من حيث التطوير التقني، والابتكار، والموارد البشرية، وخاصة إسهامات جيل الشباب، وقد بدأت أرامكو السعودية تتحول بشكل ديناميكي من أكبر شركة للبترول إلى الشركة العالمية الأولى في مجال الطاقة والكيميائيات الأشمل والأوسع، وداعم أكبر من ذي قبل في التنمية الوطنية، والابتكار، وتوليد الوظائف وتنويع مصادر الدخل. وعرج على عنصر الالتزام الصارم بالقيم وأخلاقياتِ العمل، وعلى رأسها النزاهة، فعند الحديث عن القيم، فإننّا نتعدى النزاهة إلى "الاحترام" إذا انعدم الاحترام انعدمت الثقة، وإذا انعدمت الثقة انعدم التعاون والتكامل الذي يعدُّ ضروريًّا لتحقيقِ "الجودة" و"التميُّز"، مؤكدا أنه لا يمكن تحقيق "الجودةِ" و"التميُّزِ" في غياب نظامٍ حوكمة سليمٍ، يتضمن ضوابطَ وتوازناتٍ، وتفويض بالصلاحيات، وإجراء التدقيق والتحقق من الأداء. وراهن الفالح على طموح الفريق الصحي بالوزارة حيث أوضح أن القطاع الصحي بالمملكة يواجه تحدياتٍ كبيرة، ولكنه يمتلك في الوقت نفسه العديد من المزايا التي تكفل له النجاح والريادة العالمية، فالقطاع الصحي السعودي منظومة كبيرة بها عدة مدن طبية، ومئات المستشفيات ومراكز الرعاية الأولية في مختلف المدن والقرى لملايين المستفيدين سنويًا، ونعمل الآن على تعزيز منظومة الجودة للخدمات الصحية داخل الوزارة وفي جميع القطاعات الصحية الأخرى فلدينا المركز السعودي لاعتماد المنشآت الصحية الذي يهدف لرفع مستوى جودة الخدمات الصحية، كما أن لدينا نماذج للجودة بمستوى عالمي نفتخر بها مثل مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض الذي أصبح حاضنًا لكثير من المنجزات الرائعة. ونعمل في الوزارة الآن على تطوير استراتيجية بعيدة المدى سيكون التميُّزُ ركيزتها، والمؤشرات واعدةٌ جدًا إذا نظرنا إلى سوق الخدمات الصحية واتجاهات العرض والطلب من منظور وطني شامل، ونأمل أن يلمسَ المواطنون خلال السنوات القادمة قفزةً نوعيةً واضحةً في هذا القطاع الحيوي، مبنيَّةً على قدرات وطنية تبعث على الفخر. وأختم وزير الصحة بقوله "إن بناء منظومة التميز المستدام من أجل الفوز بالتنافسية لمؤسساتنا وقطاعات الدولة المختلفة، وبناء مستقبل مشرق للوطن، يتوافق مع التعاليم الراسخة لديننا الحنيف، كما يجبُ علينا أن نحافظَ على إذكاء الطموحِ، ونزيدَ من الرغبة لتحقيقِ الإنجازات والنجاحات التي ترضي الله وتنفع الناس، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون".
مشاركة :