في الوقت الذي تواصل فيه الحكومة الإسرائيلية سياسة توزيع الأدوار في التعاطي مع القيادة الفلسطينية، فيمتنع رئيس الوزراء، نفتالي بنيت، ووزير خارجيته، يائير لبيد، عن الاتصال بالرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، لكنهما يتيحان لعدد من وزرائهما الاتصال وإدارة حوار حول تحسين العلاقات معه، قررت المعارضة بقيادة رئيس الوزراء السابق، بنيامين نتنياهو، إحراجهما مع جمهور اليمين والمستوطنين وطرح مشروع قانون يقضي بفرض السيادة الإسرائيلية على المستوطنات في الضفة الغربية. وقد كلف نتنياهو رئيس كتلة الائتلاف السابق، النائب ميكي زوهر، بهذه المهمة وسيتم التداول حولها في الجلسة الأخيرة للكنيست في دورتها الصيفية، التي ستنتهي يوم الأربعاء القادم. ومع أن نتنياهو كان قد التزم في إطار اتفاقيات إبراهيم بالامتناع عن ضد أي مقطع من الضفة الغربية وبعدم فرض السيادة على المستوطنات، وعاد وتعهد بذلك أيضا للإدارة الأمريكية الحالية، إلا أنه من موقعه في المعارضة يرى نفسه محررا من القيود ولا يهمه سوى إحراج الحكومة والسعي لإسقاطها. وهو يحاول استغلال الأسبوع المتبقي من دورة الكنيست، قبل خروجها إلى العطلة، لطرح سلسلة قوانين واقتراحات تجعل الائتلاف في حالة طوارئ دائمة. وقد بادرت الأحزاب الدينية اليهودية المعارضة أيضا إلى طرح اقتراحات لإحراج الحكومة أمام جمهور مؤيديها من المستوطنين والمتدينين اليهود، ومنها اقتراح لجدول الأعمال تحت عنوان «حكومة النجاسة» وذلك بسبب قرار وزارة الأديان الاعتراف بوضع حد لاحتكار المتزمتين دينيا في إقرار الحلال والحرام ومنح مؤسسات دينية إصلاحية أيضا صلاحيات إقرار شبيهة. وقررت «القائمة المشتركة» للأحزاب العربية الوطنية أيضا المشاركة في «لعبة الإحراج» للحكومة، لكنها وجهت سهامها إلى منافستها العربية في الكنيست، كتلة الحركة الإسلامية بقيادة النائب منصور عباس الشريكة في الائتلاف. فقد طرحت على جدول الأعمال موضوعا بعنوان «محاولة الحكومة تغيير الوضع القائم في باحات المسجد الأقصى وإتاحة زيارات وصلوات اليهود على أرض الحرم». والغرض من طرح «المشتركة» هو جعل الحركة الإسلامية تصوت ضد الاقتراح أو تمتنع عن التصويت عليه، وذلك التزاما منها بسياسة أحزاب الائتلاف الحكومي، فتظهرها كمن يقف مع المستوطنين ضد الأقصى. وكانت الحكومة الإسرائيلية الجديدة قد انتهجت سياسة «تقاسم الأدوار» في التعامل مع القيادة الفلسطينية، جناح يتعامل معها وجناح يقاطعها. وحسب مصادر سياسية في تل أبيب فإن رئيس الوزراء، بنيت، ورئيس الوزراء البديل ووزير الخارجية، لبيد، يمتنعان عن الحديث مع هذه القيادة، ولكنهما يشجعان ويؤيدان قيام الرئيس يتسحاك هيرتسوغ بمهاتفة الرئيس عباس (مرتين خلال أسبوعين) وكذلك وزير الأمن، بيني غانتس، ووزير الأمن الداخلي، عومر بار ليف. وقد كتب بارليف، أمس الجمعة، في منشور عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إنه أجرى اتصالا هاتفيا، الليلة قبل الماضية، مع الرئيس الفلسطيني، عباس، وقال: «المحادثة الودية التي أجريناها هي الأولى من نوعها بين وزير أمن داخلي إسرائيلي ورئيس السلطة الفلسطينية. وأنا أخرج منها مليئا بالأمل والإيمان بأن الحوار الإيجابي سيؤدي إلى فتح خطوط اتصال بيني وبين نظرائي في السلطة الفلسطينية ولصالح السلام والأمن للشعبين». وعلق خبراء إسرائيليون، على ذلك بالقول إن «حكومة بنيت تريد انفتاح العلاقة مع السلطة الفلسطينية، بخلاف الحكومة الإسرائيلية السابقة التي تزعمها نتنياهو والتي اتسمت فيها الاتصالات مع الجانب الفلسطيني بشبه المقطوعة. لكن بنيت ولبيد يريدانها علاقات خجولة تقتصر على الرئيس، الذي يحظى بمكانة عالية ولكنه لا يتمتع بأي صلاحيات تنفيذية، وعدد من الوزراء الذين يتعاطون قضايا الأمن وقضايا الاقتصاد. بينما وزراء السياسة يبقون بعيدا عن هذه الاتصالات». الجدير بالذكر أن حكومة بنيت كانت قد توجهت إلى الإدارة الأميركية بطلب تأجيل فتح القنصلية في القدس لخدمة الفلسطينيين بضعة أسابيع حتى لا تحرجها أمام المعارضة القوية برئاسة نتنياهو. وأمس الجمعة، كشف مصدر مقرب من بنيت أن فتح القنصلية تأجل إلى ما بعد إقرار الموازنة العامة في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي). فالحكومة تخشى أن يؤثر فتح القنصلية على نواب في الائتلاف، فإذا صوت أي منهم ضد الموازنة فسوف تسقط الحكومة. وأمس هددت وزيرة الداخلية، أييلت شكيد، بأنه «في حال طالبت الإدارة الأميركية إسرائيل بتجميد البناء الاستيطاني فإن الحكومة ستسقط ولا يعود هناك مبرر لوجودها». ولذلك سارع وزير الأمن، غانتس، المسؤول المباشر عن موضوع الاستيطان، إلى القول، خلال لقاء له مع نواب ووزراء حزب ميرتس اليساري، إن وزارته ستحافظ على الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية وتقوي المجالس المحلية القائمة في المستوطنات. وأضاف أنه يرى أهمية في إجراء حوار مفتوح داخل الائتلاف الحكومي، وأن سياسته تقوم على أساس الحفاظ على المجتمع الإسرائيلي ووحدته بجميع أشكاله والأمن الصارم لأمن الدولة إلى جانب تعزيز السلام.
مشاركة :