الكاظمي يستبق زيارة واشنطن باعتقال منفذي هجوم سوق الوحيلات

  • 7/24/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

بغداد - أعلن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، السبت، عن اعتقال منفذي الهجوم الانتحاري الذي وقع في سوق شعبية بمدينة الصدر الاثنين الماضي وأسفر عن مقتل 30 شخصاً وإصابة أكثر من 60 آخرين بجروح. يأتي هذا الإعلان في خضم استعداد الكاظمي للتوجه إلى واشنطن في زيارة رسمية ستضع نقاطا على حروف ملفات قضايا كثيرة مفتوحة في العراق بدءا من التواجد الأميركي والملف الأمني وصولا إلى الانتخابات مرورا بإيران وميليشياتها وما تمارسه من ضغط على الكاظمي وعلى العملية السياسية برمتها. وغرّد الكاظمي على تويتر قائلا "دموع ولوعة قلوب أهلنا عوائل شهداء مدينة الصدر كانت طريقنا ومنارتنا لتنفيذ عملية اعتقال كلّ الشبكة الإرهابية الجبانة التي خططت ونفّذت الهجوم الغادر على "سوق الوحيلات"، وسيعرضون اليوم أمام القانون وأمام شعبنا، ويكونون عبرة لكل معتد باغ أثيم". جاء ذلك بعد وقت قصير من قول الكاظمي، خلال لقائه عوائل شهداء وجرحى التفجير الإرهابي الذي تبناه تنظيم داعش، إن القوات الأمنية تلاحق الجناة والمتورطين معهم في قضية التفجير الانتحاري  وستقتص منهم. وأضاف أن "الوضع السياسي هو من أنتج هذه الفوضى، ونعمل جاهدين على مواجهة كلّ ما يعيق عمل الدولة والبحث عن الحكم الرشيد، فالفساد والمحسوبية وسوء الإدارة هي من أوصلت البلد إلى ما هو عليه الآن". وإثر هذا الحادث، الذي وقع عشية عيد الأضحى في 19 يوليو الجاري، تسلم الجيش العراقي، السبت، إدارة الملف الأمني بمدينة الصدر شرقي بغداد. رسميا، تمت هزيمة التنظيم في العراق في العام 2017 على أيدي القوات العراقية المدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، لكن تبقى مخاوف عودته حاضرة بحسب مصدر دبلوماسي أميركي، لأن "العديد من الأسباب التي سمحت بصعود التنظيم في العام 2014 لا تزال قائمة"، كما لا يزال التنظيم يحتفظ بخلايا نائمة ويشن هجمات. وأشاد مغردون على مواقع التواصل الاجتماعي بالعملية وسرعة إلقاء القبض على منفذي الهجوم، معربين عن أملهم في أن يتم "الإعلان يعلن عن منفذي حريق مستشفى الحسين في ذي قار وكذلك قتلة المتظاهرين". وقبل أيام قليلة أعلن الكاظمي أيضا عن إلقاء القبض على من قتلوا هشام الهاشمي الخبير في شؤون الأمن والجماعات المسلحة، الذي اغتيل في بغداد قبل نحو عام، وجاء في "اعترافات" بثها التلفزيون العام أن المنفذ الأساسي ضابط في الشرطة. ورغم أن هذه العمليات والقبض على القتلة والإرهابيين والمتهمين بالفساد أمر عادي في دول أخرى، إلا أنها صارت "حدثا" في العراق المثقل بالأزمات السياسية والمنهك بالفساد والانقسامات والإرهاب بجبهتيه، تنظيم الدولة الإسلامية والميليشيات الشيعية.  لذلك، لا يفصل المتابعون بين هذه "الأحداث"، وزيارة الكاظمي إلى واشنطن، كما صارت كل خطوة يقوم بها رئيس الوزراء العراقي توضع في سلة الاستعداد للانتخابات المقررة في 10 أكتوبر. الكاظمي في واشنطن يتوجه رئيس الوزراء العراقي إلى واشنطن الاثنين تحت وطأة ضغوط داخلية ووضع أمني هش، على أمل الحصول على إعلان رسمي لجدول زمني لانسحاب الأميركيين من البلاد، المطلب الأساسي للعراقيين الموالين لإيران، يعطيه دفعا سياسيا قبل ثلاثة أشهر من انتخابات نيابية مبكرة.   ويقول الباحث في مركز ذي سانتشوري فاونديشن للأبحاث سجاد جياد إن عدم التوصل إلى إعلان ملموس لانسحاب كامل قد يؤدي إلى "رفع المجموعات الموالية لإيران مستوى التوتر وتعزيز هجماتها على القوات الأميركية في البلاد". ولم تتوان الفصائل عن تكثيف ضغوطها مؤخرا على الكاظمي الذي ضعف موقفه في مواجهة أزمات تتزايد تعقيدا في البلاد على المستوى المعيشي والاقتصادي على وجه الخصوص، لا سيما أزمة الكهرباء التي يعتمد العراق على إيران للتزود بما يكفيه منها، خصوصا في فصل الصيف الحار.  ومنذ الزيارة الأخيرة للكاظمي إلى واشنطن في أغسطس 2020، حصلت تطورات على رأسها تواصل الهجمات التي تتهم بها فصائل موالية لإيران، على المصالح الأميركية في البلاد، وليس بالصواريخ فحسب، بل أدخلت تقنية الطائرات المسيرة، الأكثر دقةً وإثارة للقلق بالنسبة للتحالف الدولي. وقد بلغ عددها نحو خمسين هجوما منذ مطلع العام. من واشنطن، أكد وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين الذي وصل قبل بضعة أيام للتحضير للزيارة، أن المحادثات ستفضي بالفعل إلى تحديد جدول زمني. لكن وسائل إعلام أميركية أشارت إلى أن الانسحاب سيكون في الواقع إعادة تحديد لمهام القوات الموجودة في العراق البالغ عددها 2500 عسكري يتمركزون في قواعد عراقية، وهم رسميا ليسوا بقوات قتالية بل "مستشارون" و"مدربون"، بحلول نهاية العام. ويوضح الباحث في بيرسون انستيتيوت في جامعة شيكاغو رمزي مارديني أن "التغييرات التي ستطرأ على الوجود الأميركي في العراق" لن تكون جذرية، بل "ستهدف فقط إلى إعطاء دفع للمصالح السياسية لرئيس الوزراء" بشكل أساسي مع اقتراب موعد الانتخابات المبكرة، "لكن الوضع الراهن سيبقى كما هو، أي استمرارية الوجود الأميركي" على أرض الواقع.   موقع سياسي ضعيف فيما تقوّض الضغوط الداخلية وتردي الظروف الاقتصادية والاجتماعية موقعه، فإن "زيارة رئيس الوزراء تبقى مرتبطة بشكل وثيق بحملته للانتخابات"، فهو يحاول خصوصا "حشد دعم دولي وإقليمي"، كما يوضح مارديني.  ويوضح الباحث بالتالي، أن الكاظمي "يسعى للاستفادة من الدعم الخارجي للتعويض عن موقعه السياسي الضعيف في الداخل". ويحتاج في ذلك إلى "مساعدة الولايات المتحدة لضمان عدم التصعيد من جهتها وللنظر بما إذا كانت واشنطن سوف تسمح للعراق بالقيام بمبادلات مع إيران بشكل أسهل"، دون أن تكون بغداد عرضة لعقوبات ثانوية تطال الدول التي تقوم بمبادلات تجارية مع طهران.   ويقول جياد إن ذلك سيجنّب العراق الغرق في الظلمة كما حصل في يونيو حين قطعت طهران إمدادات الغاز عن العراق، و"يعطي الكاظمي الدفع الضروري الذي يحتاج إليه للبقاء رئيساً للوزراء". ووسط كل ذلك، لعلّ أبرز ما يحتاج إليه الكاظمي هو "تخطي أزمات الصيف وتفادي تراجع الأمور إلى الأسوأ"،  في بلد يعاني من الفساد وتهالك بناه التحتية وانقطاع متواصل للكهرباء بعد عقود من الأزمات والحروب.   ولكن تحقيق ذلك الانتصار الجزئي يبقى محط تساؤلات.  واشنطن- مع اقتراب الجولة الأخيرة من الحوار الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة يتصاعد الضغط على رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي والوفد المفاوض من أجل الخروج في نهاية الجولة بقرار نهائي يحدد سقفا زمنيا لجدولة انسحاب القوات الأجنبية من العراق. والجولات الثلاث السابقة لم تفض إلى نتيجة ملموسة أو واقعية في ما يخص مغادرة القوات الأميركية للعراق والمقدرة بـ2500 جندي من جملة 3500 جندي أجنبي على الأراضي العراقيّة. ويتوقع الخبراء أن تذهب الجولة الرابعة في ذات الطريق، لافتين إلى أن الحديث عن انسحاب تام للقوات يبدو ضربا من المستحيل في ظل الظرف العراقي الراهن. وبدأ وفد عراقي الخميس في واشنطن محادثات تتعلّق بالوجود العسكري الأميركي، قبيل اجتماع الكاظمي مع الرئيس الأميركي جو بايدن الاثنين في البيت الأبيض. ويرأس وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين وفد بلاده في جولة الحوار مع واشنطن. وأشار حسين إلى أن "الإدارة الأميركية الحالية تتفهم الأوضاع في العراق بشكل يخالف سابقتها"، لافتا إلى أن "جولة الحوار ستشهد الاتفاق على جدولة الانسحاب الأميركي"، من أراضي البلاد. وفي ظل الجدل الذي يدور حول الانسحاب، والمقارنة مع قرار خطة الانسحاب الأميركي من أفغانستان، الذي سيتم بحلول 31 أغسطس، باستثناء حوالي 600 سيبقون للمساعدة في تأمين السفارة الأميركية ومطار كابول، تحدث مسؤولون أميركيون لوسائل إعلام أميركية موضحين أن الوضع مختلف والمسؤولين الأميركيين والعراقيين يسعون إلى شراكة عسكرية طويلة الأمد في العراق. وقال مسؤول رفيع في إدارة جو بايدن في تصريح لموقع جيفانس وان، الخاصة بشؤون الدفاع الأميركية، إن ما تردد "خاطئ تماما". كما نقلت صحيفة وول ستريت عن خبراء أن "كبار المسؤولين العراقيين والأميركيين يفكرون في إصدار بيان يدعو لانسحاب القوات الأميركية من العراق، لكن مع التأكيد على الحاجة إلى وجود عسكري أميركي لمساعدة القوات العراقية في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية". وأوضح  أحد المسؤولين الأميركيين، في تصريح لوول ستريت، أن "واشنطن تخطط لتغيير دور بعض القوات الأميركية في العراق وفقا لأولوياتنا الإستراتيجية، وليس من خلال تقليص عدد الأفراد". وذات التفسير نقلته مجلة بوليتكو عن مسؤول أميركي قال إن "هذا هذا التحول سيمثل النهاية الرسمية للمهمة القتالية الأميركية في العراق، لكنه لن يشمل سحب القوات". كما نقلت صحيفة وول ستريت عن وزير الخارجية العراقي قوله: "لا نحتاج إلى مزيد من المقاتلين لأن لدينا هؤلاء. وما نحتاجه هو التعاون في مجال الاستخبارات، ونحتاج إلى المساعدة في التدريب، ونحتاج إلى القوات لتساعدنا في الجو". وأكدت على ذلك أيضا المتحدّثة باسم البيت الأبيض جين ساكي قالت إنّ الحكومة العراقيّة "راغبة في أن تُواصل الولايات المتحدة والتحالف تدريب جيشها ومساعدته، وتقديم الدعم اللوجستي وتبادل المعلومات". أسباب عدة تفسر استحالة تحقيق الانسحاب التام للقوات الأجنبية، الأميركية بشكل خاص، من العراق كما نص على ذلك القرار الذي صوّت لصالحه في يناير 2020 البرلمان العراقي لصالح قرار يطالب بإخراج القوات الأجنبية من البلاد، وذلك عقب مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني في غارة أميركية. تبدو عملية الانسحاب مستحيلة من جهة الوقت المقدر بنهاية العام 2021، ونظرا للظروف الأمنية والاقتصادية والسياسية في العراق، دون إغفال استمرار خطر داعش، ناهيك عن المعضلة الكبرى المتمثلة في التواجد الإيراني وتأثيره المطلق على القرار السياسي في البلاد، وهذا السبب الأبرز، خاصة بعد الاستهداف المتكرر للقوات الأميركية في العراق من قبل الميليشيات الشيعية التابعة لإيران التي سيعطيها الانسحاب الأميركي دفعا قويا لمزيد التغول. كما فسر الخبراء سياسة الكيل بمكيالين التي من المنتظر الإعلان عنها بأنها خطوة لتخفيف الضغط على رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الذي تمارسه عليه من الميليشيات التابعة لإيران المصممة على مغادرة القوات الأجنبية للعراق. وكان الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما تراجع عن قرار سحب القوات الأميركية واضطراره للدفع مجددا بقواته للعودة في سنة 2016، بعد ظهور تنظيم الدولة الإسلامية وتمدده في سوريا والعراق. واستقبلت مسؤولة الشؤون الدوليّة في وزارة الدفاع الأميركيّة (البنتاغون) مارا كارلين وفدا برئاسة مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، للبحث في "التعاون العسكري على المدى الطويل" بين البلدين. وأشار المتحدّث باسم البنتاغون جون كيربي إلى أنّ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن انضمّ إلى المحادثات لـ"إعادة تأكيد التزامه" مواصلة القتال ضدّ تنظيم الدولة الإسلاميّة. وبعد أن استُهدفت المصالح الأميركيّة في العراق منذ بداية العام بنحو 50 هجوما بصواريخ أو بطائرات بدون طيّار، شدّد أوستن على "ضرورة أن تكون الولايات المتحدة والتحالف قادرين على مساعدة الجيش العراقي بأمان تامّ". وأمام ضغط الميليشيات الشيعية على الكاظمي من جهة وتحذيرات الجمهوريين لإدارة بايدن من أن إنهاء المهمة القتالية "فكرة سيئة بينما يواصل تنظيم داعش والوكلاء المدعومون من إيران تهديد سيادة العراق"، تسود مخاوف من اندلاع صراع مفتوح في العراق، بين حليفتي بغداد الولايات المتحدة وإيران. وفي خضم هذا الجدل، ذكّر وزير الخارجية العراقي بأن ما سيتم الاتفاق عليه لا يخرج عن سياق "قانون الاتفاقية الأمنية بين العراق والولايات المتحدة وقانون اتفاقية الإطار الاستراتيجي لعمل القوات الأميركية في العراق" المبرم عام 2008. وفي 2008، أبرمت واشنطن وبغداد اتفاقية "الإطار الاستراتيجي" التي مهدت لخروج القوات الأميركية من العراق نهاية 2011، بعد ثماني سنوات من الاحتلال.

مشاركة :