أدركُ جليًا بأنّ هذا الإنسانَ دائمًا ما يطمحُ إلى أنْ يكونَ على قيمةٍ كبيرةٍ من الفضيلةِ التي تمكّنه من اكتسابِ ثقةِ الآخرين، لايَودّ بأن يكونَ عتبةً شائكةً تتسبّبُ في عرقلةِ آمال الآخرين، لاسيما أنّه يدركُ بأنّ نظيرَه الإنسان الآخر خُلِق بجسدٍ قد يصبحُ هزيلًا عند أصغرِ موقف، وبمشاعرَ قد تنهارُ وتذبلُ بكلّ صورها عند أدنى تعثّر، إنّ استهلاكَ مشاعرِ الآخرين بكلِّ استهتارٍ يقودنا إلى صناعةِ أرواحٍ منهزمةٍ تسقطُ تحت أيّ ظرف، لايمكنها بعد ذلك أنْ تقاومَ التياراتِ التي تنهمرُ عليها، ولا الصّدَف التي تقفُ بعتبتِها، ولا حتى الوعود الرائعة التي تتعهّد لها بالاستمرار دون تخلّف، الكثيرُ منا لديهِ قائمةٌ مليئةٌ بالاستثناءاتِ المقدّسة التي تنطلقُ منها مطامعُه ورغباتُه، ولايمكنُ أن يرضى لها الاستباحةَ تحت أيّ ظرف، ومن ضمن تلك الاستثناءاتِ المقدّسة هذه المشاعر التي يُلبِسُها بحلّة الخلود، فهو لا يرجو لها سوى السلام والسكينة، ويرى بأنّ استهلاكَها وإلحاقَ الضررِ بها، سيعيقُهُ عن مجاراةِ كلّ مرحلةٍ في حياتِهِ.
مشاركة :