يكثر الحديث بين خبراء تخطيط المدن عن ضرورة تكثيف الأمن السيبراني، لا سيما أن المدن الحديثة باتت تؤسس على مبادئ النظم الذكية، وهو ما يجعلها مركبة جداً من ناحية، ويزيد من التهديدات الأمنية التي قد تواجهها من ناحية أخرى. وبالنظر إلى تسابق المدن على امتداد العالم لتبني مختلف التقنيات الذكية التي تعمل على زيادة فاعلية الخدمات، فإن بعضها يخفق في تبني الاحتياطات اللازمة من أجل حمايتها من الهجمات السيبرانية، على وجه الخصوص. تطور الخدمات الذكية وتشير مجلة نيو ساينتست العلمية المتخصصة، في تقرير حديث لها حول هذا الموضوع، إلى أن أهم خدمات المدن الذكية تتمثل في أدوات مراقبة الجو وماكينات الصراف الآلي ومجسات إضاءة الشوارع واللافتات الإلكترونية وأنظمة إدارة المرور ونظم تحصيل الرسوم وعدادات مواقف السيارات الذكية والمصاعد وخدمات البلدية والمستشفيات ومحطات الغاز وإمدادات المياه ونظم الصرف الصحي ومحطات توليد الكهرباء. وقال سيزر سيرودو، المستشار الأمني في مختبرات إي أو اكتف، في سياتل بالولايات المتحدة،إنه وجد أن كثيراً من الأجهزة الذكية لا تستخدم نظم التشفير أو التوثيق، وهو ما كان دافعاً له كي يعمل على تأسيس مبادرات أمنية لإدارة المدن الذكية، التي تسعى إلى الجمع بين الحكومات والشركات الأمنية وشركات التقنيات، وأشار إلى أن الفكرة من هذه المبادرات هي: توليد مصادر متجددة، بحيث تتمكن المدن من إدماج التقنيات، والتأكد في الوقت ذاته من أنها تعمل بشكل آمن. ولكن كيف يمكن أن يكون الهجوم على الإنترنت سيئاً إلى هذه الدرجة؟ فعلى النقيض من الشركات التي تمتلك قيادة وسياسات موحدة، فإن المدن مقسمة إلى منظمات خاصة وحكومية، بشكل يجعل من الصعب حمايتها من الهجمات السيبرانية. سيناريوهات الاختراق ويشير الخبراء في هذا المجال إلى أصعب السيناريوهات التي قد تواجه المدن هو قطع الكهرباء نتيجة اختراق أنظمة التحكم بها، وكمثال على ذلك ما أصاب شمالي شرق الولايات المتحدة في أغسطس عام 2003، والذي نتج عن خطأ في البرمجة، مما أدى إلى قطع الكهرباء عن نحو 10 ملايين شخص، ووفاة عشرة أشخاص جراء النيران والحوادث. أما السيناريو الثاني فقد يتمثل باختراق عدادات الطاقة الذكية، مما يتسبب بقطع الكهرباء عن مناطق مختلفة من المدينة بصورة متزامنة. وبالإضافة إلى ذلك فإن مضخات المياه تعد أهدافاً رئيسية للهاكرز أيضاً، وقد تم ضبط مجموعة من الصينيين في الولايات المتحدة لدى محاولتهم السطو على أنظمة إمداد المياه التابعة لإحدى البلديات هناك، ومن حسن الحظ إنه لم يكن نظام إمداد حقيقي، إلا أنه أوضح أن من الممكن استغلال نقاط الضعف هذه في بنية المدن بسهولة. ويطرح العلماء تساؤلاً عن كيفية تحويل المدن إلى مدن ذكيةK والجواب بإيجاد نهج شامل للأمن السيبراني. وفي هذا السياق يقول غورغ كونتي إن ذلك يتطلب استلهام الأفكار من الشركات الكبرى، ويجب على المسؤولين في المدن الذكية تعيين رؤساء لأمن المعلومات من ذوي الخبرات العالية كي يتمكنوا من إدارة المدن. ومن المشكلات الأخرى أن كثيراً من الشركات التي تبيع التقنيات إلى المدن تعتبر مبتدئة من حيث استخدامها الأنظمة السيبرانية المتطورة. وبينما تمتلك الشركات الكبرى آليات جديدة للأمن، فإن كثيراً من الشركات المصنعة لبعض أجهزة الإنترنت تتردد في إخضاع أجهزتها للاختبار، بسبب افتقارها للحلول الأمنية. ويقول غورغ كونتي إن على المدن تطوير خطط من أجل الرد على الهجمات السيبرانية، على غرار الخطط التي توضع للحد من أثر الأزمات الأرضية والكوارث الطبيعية الأخرى.
مشاركة :