المُتابع لما يجري في الساحة السورية، وخصوصًا عقب التدخل الروسي الذي شكّل تحالفًا ثلاثيًا مع إيران وحزب الله لمناصرة الأسد، يُدرك تمامًا أن هناك مغزى آخر خلف التدخل الروسي ليس له دخل بحماية نظام الأسد، ولا طرد داعش، بل الهدف الحقيقي هو لتجربة فعالية السلاح الروسي، وبعث رسالة غير مباشرة للغرب تتضمّن التنبيه وبث الرعب، الشاهد في هذا أن الروس لازالوا يتغنون بصواريخ «كاليبر» المجنحة، والتي سبق وأن أطلقوها من بحر قزوين، ووصفوها بأنها مفاجأة للغرب، ويُصرِّحون بأن تلك الضربة البحرية تُؤكِّد على مضيّهم قُدمًا في إشهار سلاحهم، وإنهم لن يتوانوا عن رفعه في وجه أي جهة تُهدِّدهم دفاعًا عن مصالحهم، الأمر الذي يُؤكِّد أنهم جاؤوا لتجربة أسلحتهم واستعراض قوتهم البحرية، واختبار الصواريخ الباليستية والقنابل العنقودية على أرض يسكنها الخراب بعد أن قضت على سكانها البراميل المتفجرة. لم نرَ حتى اللحظة أثرًا يُذكر لصواريخ كاليبر في سوريا، لكننا رأيناها في «أذربيجان» الإيرانية عندما سقط عليها صاروخان نتج عنهما جرح شخصين ونفوق عدد من المواشي، وتحطيم زجاج منزل واحد فقط! وبينما نفى الروس هذا السقوط، أيّدته وكالة (أرينا) الإيرانية الرسمية، وأكّده قائممقام مدينة تكاب في محافظة أذربيجان، وسبق للروس أن نفوا أيضًا الخبر الذي نقله التلفزيون السوري الرسمي الذي جاء فيه أن الطيران الروسي قصف مواقع لتنظيم داعش في تدمر بالتنسيق مع الطيران السوري. كان الروس فيما مضى يجرون تجاربهم النووية في أراضي كازاخستان وجزيرة (نوفايا)، إلا أنهم هذه المرة فضّلوا أن يُجرِّبوا أحدث ما توصّلوا إليه من أسلحة على أهداف بشرية ومناطق مأهولة، ولم يجدوا مَن يُحقِّق لهم هذه الرغبة سوى حليفهم الأسد الذي سبقهم إلى القتل والتدمير وأجبر شعبه على الرحيل من البلاد، وفي الوقت الذي انتقد فيه الروس طيران التحالف لعدم تحقيقه لأية مكاسب في كل من سوريا والعراق، لم نرَ أثرًا يُذكر للصواريخ الباليستية الروسية أو حتى الطيران الروسي، سوى مقتل قائد الحرس الثوري الإيراني حسين همداني واستعادة قوات المعارضة قرية عطشان بريف حلب الشمالي، وتقدم (داعش) واستيلائهم على مدن أخرى كـ(حلب)، مُستغلِّين انشغال الروس في محاربة قوات المعارضة المعتدلة. ما يجهله الروس هو أن سوريا لن تكون (أوكرانيا).. بل ستكون ساحة أفغانية أخرى سيندمون على معاودة تجربتها، لاسيما بعد أن حوّل رئيس النظام السوري أرضها لتكون حاضنة للإرهاب، وأعطى الروس الضوء الأخضر لدخول المنظمات الإرهابية التي ستفد بداعي محاربتها واقتلاعها من الأراضي السورية. hnalharby@gmail.com
مشاركة :