النهضة تناور باقتراح انتخابات مبكرة لإنقاذ شعبيتها المتهاوية

  • 8/1/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تونس - بعد أن خسرت عددا من مناصريها وتهالكت شعبيتها، تحاول حركة النهضة اليوم التموقع في المشهد السياسي الجديد بعد قرارات الرئيس التونسي إقالة الحكومة وحل البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه بالتزامن مع احتجاجات واسعة ضد الطبقة السياسية وسخط شعبي إزاء النهضة التي باتت تفكر في مناورة سياسية جديدة يبدو أنها متأخرة لاستعادة ثقة الشارع التونسي الذي يحملها مسؤولية تدهور أوضاع البلاد. ومثلت حركة النهضة التونسية، التي كانت محظورة قبل الانتفاضة، جزءا أساسيا في الحكومات الائتلافية المتعاقبة، وهي حاليا أكبر حزب في البرلمان (مجلس نواب الشعب). ويرى محللون أن الحكومات المتتالية التي قادتها حركة النهضة لم تفلح سوى في إشعال الحرائق السياسية وافتعال الأزمات والفتن من أجل صرف أنظار الشعب التونسي عن الفشل الحكومي المتواصل في إدارة شؤون البلاد، لكن الشارع التونسي قال كلمته والرئيس قيس سعيّد استجاب بقرارات تستدعيها متطلبات المرحلة السيئة التي آلت إليه تونس. وعلى حركة النهضة يصب كثير من التونسيين غضبهم لمجرد ذكر أسمها في كل مكان. واتهمت النهضة التي شاركت في جميع الائتلافات الحكومية منذ ثورة 2011 وتحظى بأكبر تمثيل في البرلمان، الرئيس بتنفيذ "انقلاب". لكن بعد عشر سنوات من مشاركتها في الحكم، تواجه الحركة عداء متزايدا من قبل التونسيين. وحركة النهضة اليوم مربكة بين ترميم شعبيتها المتهالكة والتموقع بالمشهد السياسي الجديد، بينما تواجه ملفات فساد معروضة أمام القضاء، فقد فتحت النيابة العمومية تحقيقا في مصادر تمويلها إلى جانب حزبي قلب تونس وعيش تونسي. وعمقت قرارات الرئيس التونسي الانقسامات داخل الحزب الإسلامي الأكثر تمثيلا بمجلس النواب، وانقسم أنصاره بين مؤيد لرفض الحزب التمرد على قرارات سعيّد ورافض لذلك. ودعا زعيم الحركة ورئيس البرلمان راشد الغنوشي في البداية الناس إلى الخروج ضد سعيد كما فعل المتظاهرون ضد زعيم سلطوي مخضرم عام 2011 وقاد اعتصاما أمام مقر البرلمان قبل أن يتراجع ويحث على الهدوء والحوار. وقال ماهر مذيوب، مساعد رئيس البرلمان راشد الغنوشي قبل أيام، وهو قيادي في النهضة، "هناك وعي داخل النهضة أنه يجب تجنب التصعيد. لا أحد يريد عنفا وحربا أهلية.. نرغب في الحفاظ على الهدوء في الديمقراطية التونسية"، بينما يرى آخرون مراوغة تنسجم مع متغيرات المشهد السياسي بعد قرارات سعيّد. ومع ذلك عارضت القرار شخصيات أخرى داخل حزب النهضة ترى أن التراجع سيسمح لسعيّد بقمع الحركة بسهولة. وقال أحد المسؤولين إن تجنب المواجهة سيكون له ثمن "باهظ". واليوم الأحد أكدّ عضو المكتب التّنفيذي لحركة النّهضة محمد القوماني أن الحركة جاهزة لتقديم التّنازلات الضّرورية لعودة المسار الدّيمقراطي بما في ذلك إعداد البلاد لانتخابات مبكرة. وقال القوماني النائب بالبرلمان التونسي في تصريحات للأناضول، الأحد إن "الحركة (54 مقعدًا من أصل 217) وكما جاء على لسان رئيسها راشد الغنوشي، بوضوح، جاهزة لتقديم التّنازلات الضّرورية لعودة المسار الدّيمقراطي إلى وضعه الطّبيعي في تونس". وأضاف أن "من أبرز العلامات لبداية حلحلة الأزمة، تلبية ثلاث مطالب أساسية أولها رفع تجميد عمل البرلمان". وتابع "ثانيًا، نطالب بتكليف الشخصية الوطنية التي ستتولى تشكيل الحكومة الجديدة، التي لا ترغب حركة النّهضة المشاركة فيها (الحكومة المرتقبة)، على أن تكون هذه الحكومة مقتدرة وأن تعرض على البرلمان لتزكيتها". وعن الطلب الثالث قال القوماني "الحركة منفتحة على أي حوارٍ سياسي يفضي إلى تسويات تتعلق بإعداد البلاد لانتخابات مبكرة خلال فترة قصيرة، للنقاش حول القانون الانتخابي، والخطوات السياسية المطلوبة، وستكون حركة النهضة مرنة ومتفاعلة إيجابيًا مع أي حوار وطني". والسبت طالب بيان يحمل توقيع أكثر من 130 من شباب الحزب وبعض النواب المنتمين للنهضة حمل عنوان "تصحيح المسار"، القيادات بحل المكتب التنفيذي للحزب لفشله في إدارة البلاد وتلبية متطلبات التونسيين، داعين الغنوشي إلى تغليب مصلحة البلاد لتجاوز الأزمة. وخسر حزب النهضة أنصاره بشكل مطرد على مدى العقد الماضي حيث كان يروج لموقف أيدلوجي معتدل ويدعم حكومات متعاقبة فرضت خفضا في الإنفاق أضر بشدة بالمناطق الفقيرة حيث كان الحزب يحظى بأقوى تأييد ويتحمل على الأقل مسؤولية قانونية وأخلاقية في الفساد الحاصل بالبلاد. وتراجع نصيب الحزب من التصويت في الانتخابات المتتالية حتى عام 2019 عندما حصل على ربع المقاعد فقط في البرلمان رغم أن أداءه كان أفضل من منافسيه. وبعد جمع بضع مئات من المؤيدين أمام البرلمان الاثنين ودعت مناصريها للخروج ضد قرار سعيد الذي وصفته بـ"الانقلاب"، تلعب النهضة الآن ورقة التهدئة. فالحركة تدعو إلى "حوار وطني" وتقترح تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية جديدة للخروج من الأزمة، بينما يحاول الحزب التموقع مجددا في هذه المستجدات في ظل تهالك شعبيته. في المقابل وعد الرئيس التونسي الجمعة بألا يتحول إلى دكتاتور ورفض اتهامات بأنه نفذ انقلابا، وذلك بعد اعتقال عضوين بالبرلمان. وأعلنت القاهرة، الأحد، عن وجود "توافق" بين مصر والجزائر "نحو الدعم الكامل" للرئيس التونسي و"لكل ما من شأنه صون الاستقرار" في بلاده.

مشاركة :