في رسالة بعث بها الدكتور «عمر الحسن»، رئيس مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية، إلى رؤساء الأحزاب البريطانية، وإلى السفير البريطاني في البحرين، والسفير البحريني في لندن وإلى النائب في مجلس العموم البريطاني «بريندان أوهارا» وثمانية آخرين، أرفق فيها ردًّا على العريضة المقدمة إلى مجلس العموم بتاريخ 7 يوليو 2021. بشأن تقرير قدمته «المجموعة البرلمانية لجميع الأحزاب المعنية بالديمقراطية وحقوق الإنسان» حول تقديم المملكة المتحدة مساعدات تدريبية عبر صندوق تابع للخارجية البريطانية لمؤسسات في البحرين، استفادت منه هيئات في مجال حقوق الإنسان خلال الفترة من 2016-2020. في هذه الرسالة فنَّد «الحسن» الانتقادات الواردة في العريضة التي تسوق مغالطات بشأن الوضع الحقوقي في البحرين، حيث اعتبرها أحدث مثال على قيام أعضاء من مجلس العموم بإصدار انتقادات تفتقد المصداقية. وفي سياق رده، أثبت بالأدلة أن الموقف الذي اتخذه بعض أعضاء البرلمان البريطاني كان ناتجًا عن حصولهم على معلومات مضللة تفتقر إلى الحيادية والدقة، من دون وجود أدلة في تقديمها، حيث اعتمدت على مصدر واحد من دون الاستماع إلى وجهة النظر الأخرى، أو حتى الرجوع إلى مؤسسات الحكومة البريطانية. وفي هذا الصدد نوه إلى أن ما تضمنته العريضة يُعتبر تدخلاً مرفوضًا في شؤون البحرين الداخلية، خاصة أن مملكة البحرين، مثل المملكة المتحدة دولة ذات سيادة وعضو في الأمم المتحدة، وليس من حق أي جهة التدخل في شؤونها الداخلية، أو مطالبتها باتخاذ إجراءات أو تعديل قوانين، أو توجيه اتهامات ملفقة إليها، أو التشكيك في قضائها، أو استخدام ألفاظ بعيدة عن اللياقة والأصول، أو مطالب تتعلق بتعديل أعراف وقيم ثقافية واجتماعية، وبطريقة استفزازية واستعلائية، مؤكدا أن مطالبة العريضة الحكومة البريطانية بتعليق نشاط «الصندوق» المشار إليه والتابع لوزارة الخارجية البريطانية، انتظارًا لإجراء تحقيق مستقل ومساءلة المحيطين به وقلقهم الكبير على الشفافية، هذا حقهم في المساءلة والتحقيق كسلطة تشريعية ورقابية؛ ولكن ليس من حقهم توجيه اتهامات مشكوك في صحتها ومصداقيتها، مستندة في ذلك إلى معلومات استقتها من منظمات معارضة لها أجندة إيرانية. وبهذه المناسبة، ذكَّر «رئيس مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية»، السادة النواب بمسؤوليتهم المهنية والوطنية التي حددتها مدونة قواعد السلوك الخاصة بأعضاء مجلس العموم، مشيرًا إلى أن العريضة انتهاك لهذه القواعد، حيث تتبنى منطق الفوضى، وتهديد السلم الأهلي، وتتجاهل مؤسسات دولتهم التي تشيد بما حققته البحرين من تقدم في مجال حقوق الإنسان وغيرها من الإنجازات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية. وقد انطلق د. عمر الحسن في رده من حقيقة فحواها أن البحرين دولة ديمقراطية، استطاعت منذ إقرار ميثاق العمل الوطني عام 2001. بموافقة 98.45% من المواطنين، أن ترسخ الأطر المؤسسية والتشريعية للعمل الديمقراطي، مؤكدة استدامة إنجازاتها الديمقراطية على قواعد راسخة من حكم القانون والمؤسسات، والعدالة والمساواة، وتكريس المشاركة الشعبية في صنع القرار، كما تحرص على الانفتاح على المجتمع الدولي، وتعزيز العلاقات الدولية مع مختلف الهيئات والدول والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان، وهو ما حظي بالكثير من الإشادات من مختلف الدول الأوروبية والهيئات الدولية، ولا سيما خلال جلسات مجلس حقوق الإنسان الذي تتشرف البحرين بعضويته. وبهذا المعنى، أوضح أن ما يدحض ما ورد في العريضة إشادة العديد من التقارير البريطانية الحكومية والدولية بالبحرين، وأحدثها تقرير «الخارجية البريطانية لحقوق الإنسان» الصادر يوم 7 يوليو 2021 -أي أنه يصادف يوم تقديم العريضة- والذي أشاد بإجراءات التحقيق التي قامت بها حول مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان، وبمصداقية وشفافية وحيادية الأجهزة والمؤسسات الوطنية المعنية بالتحقيق في ادعاءات سوء المعاملة، كما نوه تقرير الخارجية بقانون العقوبات البديلة الذي تم تطبيقه على حوالي 4200 سجين، وأيضًا بجهود البحرين في مكافحة جائحة فيروس كورونا والإجراءات والمبادرات الاقتصادية والصحية التي اتخذتها التي شملت جميع المواطنين والمقيمين، مشيدًا بمستوى الرعاية المقدمة للموقوفين والمحكومين وتلبية احتياجاتهم وضمان سلامتهم وحقوقهم، وحماية أكثر من 30 ألف عامل أجنبي كانوا عرضة لفقد وظائفهم بسبب الجائحة، كما أشاد التقرير أيضًا بمبادرة البحرين - التي تعد الأولى من نوعها على مستوى الخليج العربي- لصياغة خطة عمل وطنية متكاملة لحقوق الإنسان، سيناقشها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف. وفي هذا الصدد، ذكَّر «الحسن» بما قاله السفير البريطاني الحالي لدى البحرين «رودي دارموند» بعد زيارة وفد من السفراء المعتمدين في البحرين من سفراء الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي وغيرهم لمركز الإصلاح والتأهيل في جو يوم 3/5/2021. وقد أكد والسفراء الآخرون، أن المركز «يُدار بشكل جيد، وتتوافر فيه العناية الطبية، والإجراءات الوقائية للحماية من فيروس كورونا، وكذلك التطعيم الذي قُدم لجميع السجناء بنسبة 100%، مؤكدا أن بلاده – أي بريطانيا- ترحب بهذه المبادرة من قبل السلطات البحرينية لكونها الأكثر شفافية، وتؤيد توجهات البحرين ونيتها في مواصلة إصلاح نظاميها القضائي، والإصلاح والتأهيل المسؤول عن السجون، بما في ذلك تطبيق العقوبات البديلة». واتصالاً ذكَّر الحسن أيضًا، بتأكيد وزير «شؤون الشرق الأوسط وإفريقيا»، بوزارة الخارجية البريطانية «توباياس آلوود» أثناء الاحتفال بمرور 200 عام على العلاقات التاريخية البحرينية - البريطانية، في ديسمبر 2016. أن البحرين حليف تاريخي لبريطانيا، وأن هناك شراكة قوية بين البلدين، وأن العلاقات بينهما ستشهد مزيدًا من التطور في ظل الفرص الواعدة والإمكانات الكبيرة المتوافرة والرغبة المشتركة في تعميق مجالات التعاون». وعلى المستوى الدولي، كان ثناء تقرير «وزارة الخارجية الأمريكية حول مكافحة الاتجار بالبشر» لعام 2021. حيث كانت مملكة البحرين الدولة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط التي تم تصنيفها ضمن الدول التي حافظت على موقعها في الفئة الأولى (الفئة التي تشمل الدول الأكثر التزاما بمكافحة الاتجار بالبشر) وبذلك تم وضعها جنبًا إلى جنب مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على حد سواء. وفي السياق ذاته، أشار إلى ما جاء في تقرير «التنمية البشرية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لعام 2020» الذي صنف البحرين في المرتبة الـ45 عالميا. وفي «مؤشر بلومبيرج» لأفضل دول العالم صحة في عام 2019. وكانت البحرين هي الدولة الأكثر صحة في العالم العربي. وبالمثل، في نفس المؤشر أيضًا للدول الأكثر أمانًا لعام 2020 احتلت البحرين المرتبة الـ22 عالميا، كما سجلت أدنى معدلات للجريمة في العالم وفقًا لـ«مؤشر الجريمة نامبيو» لعام 2021، كما صنف «مؤشر العطاء الدولي لمؤسسة المساعدات الخيرية ((CAF لعام 2021» البحرين على أنها الدولة الأكثر عطاءً في العالم العربي والمرتبة 12 عالميا. وفي هذه الدراسة، احتلت المملكة المتحدة المرتبة الـ22عالميا بعد البحرين بعشر مراتب. وبالإضافة إلى هذا الاعتراف الدولي بالإجراءات والخطوات الإيجابية للبحرين تجاه تنفيذ العديد من الإصلاحات في مجالات حقوق الإنسان والتنمية البشرية خلال العقدين الماضيين، أشار إلى انتخابها عام 2019 لعضوية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة مدة ثلاث سنوات، وكان ذلك في أعقاب انتخابها أيضًا لعضوية المجلس في عامي 2006 و2009. وعلى ضوء ما تقدم قال الدكتور «عمر الحسن» إن البحرين حكومة وشعبًا تستحق الشكر على الإنجازات المختلفة التي تحققت منذ تولي جلالة الملك الأمانة عام 1999. وبالنظر إلى أن المجتمع الدولي، قد اعترف بالتقدم الذي أحرزته البحرين في العقدين الأخيرين، نحو تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، فقد كان متوقعا من السادة النواب تقصي الحقائق والرجوع إلى مؤسسات دولتهم، وخاصة وزارة الخارجية وسفارتهم في البحرين، ووزارة الداخلية وغيرها، وليس الاستناد على معلومات مضللة هدفها الإساءة للبحرين وزعزعة استقرارها والإضرار باقتصادها وتهديد السلم الأهلي فيها. وختم بالقول: 1ـ ليس من حق أي نائب أو عضو في أي برلمان في العالم من الناحية القانونية والمهنية والأخلاقية التدخل في الشؤون الداخلية لدولة أخرى والتطاول على نظامها ورموزها وكيل الاتهامات الملفقة ضدها. 2ـ عادة ما يلجأ النائب أو المجموعة البرلمانية إذا أرادت معرفة الأوضاع الحقوقية أو السياسية أو الأمنية أو حتى الاقتصادية في بلد ما أو عن علاقة بريطانيا بتلك البلد إلى إدارة البحوث التابعة لمجلسي العموم واللوردات لإعداد تقرير، بدلاً من الاعتماد على تقارير أو معلومات غير حيادية بل معادية ومنحازة، وذلك حتى يكون تقييمهم مهنيا وعلميا. 3ـ إن اعتماد النواب على معلومات مضللة من جهة واحدة، وتجاهل ما يصدر عن المؤسسات الحكومية البريطانية، تجعلنا نتساءل لماذا هذا الانحياز غير المبرر للمعارضة التي اتخذت من التلفيق والفوضى طريقًا للمعارضة، بدلاً من ساحة البرلمان التي كانت تحتل أغلبية نسبية فيه في انتخابات عامي 2006 و2010، لكنها فضلت الاستقالة واللجوء إلى الشارع؛ أي إلى الفوضى. واختتم قائلاً: إن البحرين بشهادة وزارة خارجيتكم وسفرائكم تسير في الاتجاه الصحيح؛ إنسانيا وسياسيا وديمقراطيا واجتماعيا وحقوقيا، وأعتقد أن تدخلاتكم في شؤونها بهذا الأسلوب والنهج لا يخدم حقوق الإنسان ولا الاستقرار فيها، ولا يخدم أيضًا العلاقات المتميزة والتاريخية بين بريطانيا والبحرين بشكل خاص والخليج بشكل عام.
مشاركة :