تحقيق لـرايتس ووتش يوثق إهمالا جنائيا لمسؤولين تسبب في انفجار بيروت

  • 8/3/2021
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

منظمة "هيومن رايتس ووتش" تتهم السلطات اللبنانية بالإهمال "جنائياً" وانتهاك الحق بالحياة، استنادا إلى تحقيق أجرته المنظمة الحقوقية بشأن تقصير محتمل لمسؤولين وسياسة في متابعة قضية شحنة نيترات المتسببة في انفجار مرفأ بيروت. أسر ضحايا انفجار بيروت يطالبون بمحاسبة الجناة في تقرير مفصل في أكثر من 700 صفحة، وثقت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الأخطاء والإغفالات التي ارتكبها موظفون ومسؤولون سياسيون وأمنيون في طريقة إدارتهم لشحنة نيترات الأمونيوم منذ وصولها إلى مرفأ بيروت على متن سفينة روسوس في عام 2013 وحتى وقوع الانفجار في الرابع من آب/ أغسطس من العام الماضي. والتقرير بمثابة تحقيق خلص إلى وجود أدلة على ارتكاب مسؤولين لبنانيين جريمة الإهمال الجنائي بموجب القانون اللبناني. وعرضت نتائج هذ التقرير في بيروت اليوم الثلاثاء (الثالث من آب/ أغسطس 2021)، ودعت فيه "هيومن رايتس ووتش" المجتمع الدولي إلى فرض عقوبات على المسؤولين "المتورطين في الانتهاكات الحقوقية المستمرة المتعلقة بالانفجار والسعي إلى تقويض المساءلة". وأوصت مجدداً مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بإجراء تحقيق مستقل قد يتمكن من تحديد الشرارة التي أودت لوقوع الكارثة التي أوقعت 214 قتيلاً على الأقل وأكثر من 6500 جريح، والتي لم يتمكن التقرير من تحديدها، لكنه في الوقت ذاته شكك في أن تكون شحنة نيترات الأمونيوم متجهة إلى موزمبيق كما تُظهر وثائق الشحن الخاصة بالسفينة، متسائلا عمّا إذا كانت وجهتها الفعلية بيروت من الأساس. وثائق ومراسلات واستند تقرير المنظمة إلى وثائق رسمية ومقابلات مع مسؤولين كبار منهم رئيس البلاد ورئيس حكومة تصريف الأعمال ومدير الأمن العام. وتتبع التحقيق أحداثا ترجع إلى عام 2014 وما بعده في أعقاب جلب الشحنة إلى مرفأ بيروت، كما رصد تحذيرات متعاقبة بشأن خطورة هذه الشحنة من وإلى عدة جهات رسمية. والمراسلات كانت بين جهات عدة من إدارة المرفأ ومديرية الجمارك وموظفي الميناء وجهازي المديرية العامة للأمن العام وأمن الدولة، ووزارة الأشغال العامة والنقل ووزارة المالية، وصولاً إلى قضاة وقيادة الجيش ورئيس الجمهورية ورئيس الحكومة. وكانت تحقيقات إعلامية، بينها تحقيق لوكالة فرانس برس، قد أظهرت في السابق أن مسؤولين، بينهم رئيس الجمهورية وقادة أمنيون وعسكريون، كانوا على علم بمخاطر تخزين تلك المادة في المرفأ، من دون أن يحركوا ساكناً. "الإهمال جنائيا" من قبل العديد من الأطراف حسب هيومن رايتس ووتش فإن الوثائق الرسمية "تُظهر أن بعض المسؤولين الحكوميين توقعوا وقبلوا ضمنياً مخاطر الوفاة التي يشكلها وجود نيترات الأمونيوم في المرفأ"، موضحة أنه "بموجب القانون المحلي، يمكن أن يرقى هذا الفعل إلى جريمة القتل قصداً و/أو القتل بغير قصد". وتابع التقرير "بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، فإن تقاعس الدولة عن التحرك لمنع المخاطر المتوقعة على الحياة ينتهك الحق في الحياة". واكتفت قيادة الجيش بالإبلاغ عن عدم حاجتها لتلك المواد، وإن كانت تقع على عاتقها مسؤولية الموافقة على استيراد وتصدير وإعادة تصدير مادة نيترات الأمونيوم في حال كانت نسبة الأزوت فيها تتجاوز 33,5 في المئة، كما كان الحال في الشحنة المخزنة. واتهمت المنظمة وزارتي المالية والأشغال العامة والنقل بـ"الفشل في التواصل أو إجراء التحقيق الملائم" في الشحنة ومخاطرها، كما لم تتخذ "أي من الأجهزة الأمنية العاملة في المرفأ خطوات مناسبة لضمان سلامة المواد أو وضع خطة طوارئ أو إجراءات احترازية في حال اندلاع حريق". وقبل أشهر من الانفجار، ذكر جهاز أمن الدولة، أن اشتعال تلك المواد قد يؤدي إلى انفجار مدمر. وأبلغ لاحقاً السلطات بخطورتها. وعلم رئيس الحكومة آنذاك حسان دياب للمرة الأولى بوجود الشحنة في حزيران/يونيو، وقال لـ "هيومن رايتس ووتش" إنه طلب من جهاز أمن الدولة تحضير تقرير خلال أيام. وأضاف "نسيت أمره لاحقاً ولم يتابع أحد الموضوع. هناك كوارث تقع كل يوم". في 20 تموز/يوليو، تلقى كل من رئيس الجمهورية ميشال عون ودياب تقريراً مختصراً "غير كامل" من جهاز أمن الدولة حول مخاطر نيترات الأمونيوم في حال اشتعالها او سرقتها. اتهامات مباشرة إلى ذلك وجهت "هيومن رايتس ووتش" أصابع الاتهام في تقريرها لكل من عون ودياب ومدير عام جهاز أمن الدولة طوني صليبا وقائد الجيش السابق جان قهوجي ووزير المالية السابق علي حسن خليل ووزيري الأشغال العامة السابقين غازي زعيتر ويوسف فنيانوس. واعتبرت أن هؤلاء، وغيرهم، "فشلوا في اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الناس". ولم يصدر أي رد فعل رسمي عن هؤلاء إلى حين كتابة المقال. يذكر أن الحصانات السياسية تقف عائقا أمام المحقق العدلي طارق بيطار المسؤول عن التحقيقات لاستدعاء نواب ومسؤولين كبار، لأن الطلبات التي أرسلت للبرلمان والحكومة لرفع الحصانة والتمكين من استجواب عدد من كبار المسؤولين قوبلت إما بالرفض أو المماطلة. يونيسف تحذر من جهة أخرى وعشية الذكرى الأولى للانفجار المروّع ، حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة من المعاناة النفسية التي لا زال أطفال بيروت عرضة لها. وقالت يوكي موكو، ممثلة اليونيسف في لبنان، في تقرير بعنوان "ندوب لا تمحى" إنه "بعد مرور عام كامل على الأحداث المأساوية، يستمر تأثير ما حصل شديداً على الأطفال، كما يستمر كفاح الأهالي "لتتعافى من آثار الانفجارات في أسوأ وقت تعيشه في خضم أزمة اقتصادية ضخمة مدمرة وجائحة تتفشى". وأورد التقرير "عام مر، وتبقى مسيرة شفاء الأطفال الذين تضرروا .. طويلة وبطيئة".     وعمقت كارثة الانفجار وتفشي فيروس كورونا قبلها، الانهيار الاقتصادي الذي يشهده لبنان منذ صيف العام 2019 وصنفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر. و.ب/ (د ب أ، أ ف ب، رويترز)

مشاركة :