أكدت هبة الشحي، مدير إدارة التنوع البيولوجي بالوكالة في وزارة التغير المناخي والبيئة، أنّ أشجار القرم تغطي نحو 18000 هكتار (180 كيلو متراً مربعاً) من مساحة الدولة خلال العام الجاري (2021)، منها 15500 هكتار (155 كيلو متراً مربعاً) في إمارة أبوظبي، بينما تتوزع الـ 2500 هكتار (25 كيلو متراً مربعاً) المتبقية على الإمارات الشمالية. وأوضحت الشحي في تصريحات لـ «الاتحاد»، أنّ هذه النتيجة جاءت وفقاً لدراسة قامت بها وزارة التغير المناخي والبيئة مؤخراً، لتحقيق عدة أهداف منها مسح بيئات وغابات أشجار القرم وإعداد خرائط جغرافية لمواقع تواجدها، وتقييم تنوعها وحالتها وتحديد مساحاتها، كما أظهرت نتائج الدراسة أنّ معظم غابات القرم في البلاد سليمة وتتمتع بصحة وكثافة جيدة، حيث شهدت رقعة انتشارها حالياً ارتفاعاً ملحوظاً بحوالي 3 إلى 4 أضعاف المساحة التي كانت عليها في سبعينيات القرن المنصرم. بيّنت الشحي أنّ الدراسة كشفت كذلك عن وجود نوع واحد فقط من أشجار القرم على نطاق واسع في دولة الإمارات، وهو القرم الرمادي، وأسماء المحميات التي تتواجد فيها أشجار القرم بكثافة مثل محمية «رأس الخور» في إمارة دبي، ومحميتيْ «القرم الشرقي» و«الحفية» في إمارة الشارقة، ومحمية «الزوراء» في إمارة عجمان، ومحميات «القرم الشرقي» و«مروح» و«بو السياييف» في أبوظبي. إعادة التأهيل وأشارت الشحي إلى أنّ جهود الدولة لحفظ واستدامة تنمية الموائل والإرث الثقافي والحضاري لها، انعكست بشكل إيجابي على انتشار غابات القرم في أراضيها، مؤكدة وجوب الاستمرار في وضع البرامج والمبادرات التي من شأنها زيارة رقعة المساحات الخضراء على سواحل البيئة البحرية، حيث تنسق وزارة التغير المناخي والبيئة مع السلطات المختصة لإعادة تأهيل المناطق المتضررة والحرص على استدامة التنوع، من خلال الاستزراع أو إعلان مناطق أشجار القرم محميات طبيعية. فوائد بيئية وحول أهم الفوائد البيئية التي تحصدها الدولة من غابات القرم؟ أكدت أنّ مناطق غابات القرم تعتبر موائلَ للعديد من الأنواع البحرية، كما تمثل مواقع لتفريخ الأسماك الهامة وتغذيتها، إضافة لكونها تشكل حماية للشواطئ من التعرية الساحلية، لافتة إلى أنّ تلك الغابات التي تغطي آلاف الهكتارات من الأراضي على طول الخط الساحلي في الإمارات، باتت تشكل جزءاً لا يتجزأ من النظم الإيكولوجية الساحلية فيها، والتي توفر للمجتمع خدمات وسلعاً متعددة من خلال الموارد البيولوجية والاستخدامات الترفيهية، كما تشكل الأساس للتراث الطبيعي والثقافي لمواطني الدولة، بالإضافة إلى دورها ومساهمتها في التكيف مع تغير المناخ من خلال تخزينها للكربون الأزرق. تحديات وحلول وحول أهم التحديات التي تواجهها أشجار القرم في الدولة؟ أشارت إلى أهمها، كالزحف العمراني وتلوث النظم البيئية الساحلية والتغير المناخي والاحتطاب والأنشطة السياحية غير المستدامة، مؤكدة أن الدولة انتبهت لمسألة التحديات التي تواجهها تلك الأشجار، حيث قامت بسن القوانين لحمايتها من التهديدات، مثل القانون الاتحادي 24 الصادر سنة 1999، بشأن حماية البيئة وتنميتها، والذي يمنع قطع أشجار القرم بالدولة. وبشأن الخطط المستقبلية الخاصة بالمحافظة على غابات القرم وزراعة هذا النوع من الأشجار في دولة الإمارات؟ ذكرت أنه خلال العقود الماضية، اتخذت الدولة العديد من الإجراءات لمنع تدهور التنوع الأحيائي وحماية الأنواع ومواطنها، حيث أصدرت عدداً من التشريعات والقوانين للمحافظة عليهما، وتمتلك الدولة سجلاً حافلاً في هذا المجال. وأشارت إلى مواصلة الجهات المختصة في الاهتمام بغابات ومحميات القرم، لحمايتها والحفاظ على ما تضمه من أنواع مختلفة من الطيور والأسماك، حيث عمدت إلى وقف جميع أنواع الصيد في المحميات، وتعيين مراقبين على مدار اليوم لتطبيق هذه القوانين، وإعادة تأهيل المناطق المتضررة، من خلال برامج واسعة النطاق لزراعة أشجار القرم، وإطلاق المبادرات الموجهة للأفراد، بهدف ترسيخ الوعي بأهمية المحافظة على البيئة وعلى شجرة القرم باعتبارها من أهم الأشجار في المنظومة البيئية للدولة، فضلاً عن أهميتها في تنقية الهواء من الملوثات، ومساهمتها في مكافحة ظاهرة التغير المناخي، وحماية الشواطئ من انجراف التربة. مجابهة التصحر وأشارت إلى أن دولة الإمارات مع انتهاء مدة استراتيجيتها الخاصة بمكافحة التصحر خلال العام الجاري، فإنها تعد نفسها لمرحلة جديدة مبنية على مسيرة الإنجازات المتفردة في هذا المجال والتي تحققت خلال العقود الخمسة الماضية - ولن تتوقف عند هذا الحد، وإنما تسعى إلى تكثيف جهودها للجم التصحر وتحيده عبر إطلاق العديد من المبادرات والبرامج الجديدة الخاصة بهذا الشأن- حيث أقرت منظومة تشريعية متكاملة تضمن حماية الأراضي واستصلاحها، وأطلقت العديد من البرامج والمبادرات والاستراتيجيات الوطنية، وهي عاقدة العزم اليوم على الاستمرار في مواكبة أفضل المتطلبات المستقبلية للأجيال الحالية والمقبلة عبر تعزيز جودة الحياة على ارضها، مع التركيز على بيئة مستدامة تدعم النمو الاقتصادي على المدى الطويل. تحدي الطبيعة ذكرت هبة الشحي أنه رغم ما تعانيه بعض الدول من تدهور الأراضي والتصحر، وخاصة تلك التي تقع في المناطق القاحلة وشبه القاحلة والجافة وشبه الرطبة، إلا أنّ دولة الإمارات باعتبارها تضم جزءاً من أراضي صحراء الربع الخالي وما يقارب 80% من مساحتها صحراوية، فقد تحدت هذه الطبيعة وجعلت من الصحراء موئلاً جاذباً لكثير من الكائنات والمزروعات من خلال تحقيق العديد من الإنجازات المتفردة مثل إعادة تأهيل النظم البيئية وتحييد تدهور الأراضي، وتوظيف الذكاء الاصطناعي مثل الطائرات من دون طيار في مسح الأراضي وزراعة الأشجار المحلية، وتخضير الأرض ونشر الحدائق والمسطحات الخضراء على نطاق واسع، وزيادة عدد المحميات الطبيعية والوصول بها خلال العام الماضي إلى نحو 49 محمية على مستوى الدولة، ما يمثل 15.5% من إجمالي مساحة الدولة، إضافة إلى الأعداد المتزايدة من أشجار النخيل والأشجار الحرجية والمثمرة، وتأسيس مراكز بحوث ومحطات تجارب تهتم بأنشطة البحث والتطوير .
مشاركة :