تتغير فصول العام وتتغير معها الحالة النفسية والصحية لدى البعض، والصداع النصفي من الحالات المرتبطة بذلك التغير، وتكثر تلك الحالة خلال الفصل الممطر، ويرى الباحثون أن الطقس خلال هذا الفصل يحفز الصداع النصفي لما به من تغير مناخي واضح. من أبرز الأعراض المصاحبة للصداع النصفي، أن يرى المريض وميضاً أو ما يعرف بـ الأورة؛ وكذلك الشعور بالغثيان، والتحسس تجاه الضوء والأصوات، والاكتئاب وحدة الطبع، والنوم غير العميق، وانسداد الأنف، وآلام وثقل بجفون العين مع الدموع، والنبض المؤلم بجانب مقدمة الرأس (وهو أكثر الأعراض شيوعاً)، وآلام بالعنق، والتبول المتكرر؛ ويعتبر التثاؤب والرغبة في تناول طعام معين كالشوكولاتة مثلاً من المؤشرات التي تسبق حدوث الصداع. تقول د. لي بيترلين رئيس قسم أبحاث الصداع بكلية الطب جامعة جونز هوبكينز، إن حدوث التغيرات المناخية لا يعني فقط تغير درجة الحرارة، بل أيضاً تغير بالضغط الجوي، وقوة الرياح، وتكتل السحب، وتشكل الغبار، وهطول الأمطار؛ ويعتبر التغير بدورة النهار عاملاً من عوامل الشعور بالصداع النصفي، ويفسر البروفيسور فينس مارتين خبير الصداع النصفي قائلاً: تقصر ساعات النهار خلال ذلك الفصل، ولهذا تأثير عصبي في الشخص، وأرى أن السبب الأقوى اضطراب الطقس، وأيضاً توافر مسببات الحساسية خلال هذا الفصل مثل العثة وحبوب اللقاح لبعض النباتات. يقول د. مارتن إن التغير في درجة الحرارة والضغط الجوي، يحدثان في الوقت نفسه (يتناسبان تناسباً عكسياً)، فعندما يرتفع الضغط الجوي تنخفض درجة الحرارة، وكذلك نسبة الرطوبة، وعلى العكس فعندما ينخفض الضغط الجوي ترتفع درجة الحرارة وتزيد نسبة الرطوبة وتبدأ الصواعق والعواصف بالظهور، وهذا هو النمط الطبيعي، ويرى أن تغير الضغط الجوي يعد المتهم الأول في الإصابة بالصداع النصفي؛ ووجد فريق البحث في دراسة عام 2013، أن الصاعقة في حد ذاتها من محفزات الصداع النصفي، حيث تبين من تلك الدراسة أن نزول الصواعق مسافة 25 ميلاً من منزل الشخص ترفع نسبة إمكانية إصابته بالصداع النصفي إلى 28%. تفسر بيترلين كيفية ارتباط تغير الطقس بالإصابة بالصداع النصفي، فتقول إنه ربما تعمل تلك التغيرات بطريقة ما على تفعيل مسارات حس الألم المحيطية بالدماغ وربما يكون عن طريق التأثير المباشر فيها أو التأثير في آلية أخرى داخل الجسم، فتقوم بدورها بالتأثير في تلك المسارات بالدماغ؛ ويلفت الباحثون النظر إلى عدم التوصل حقيقة إلى دور تلك المسارات المختلفة في الإصابة بالحالة، كما أن تفاصيل هذا النوع من الصداع لا تتضح بالكامل، لأنه عملية بيولوجية وعصبية معقدة، وبالنظر في الاتجاه الآخر من مسببات الصداع النصفي، وهي العثة وانتشار حبوب اللقاح يمكن للشخص البقاء بالمنزل أكثر الوقت خلال ذلك الفصل، ومن ناحية أخرى البقاء بالمنزل لا يفيد إذا كان السبب تغير الضغط الجوي لأن الضغط الجوي داخل المنزل يعكس الضغط خارجه؛ لذلك من الأفضل للمريض محاولة التعرف إلى السبب وتوفير العلاج عند وجود ذلك السبب، وعند عدم المقدرة على تحديد السبب هل هو تغير المناخ أم لا؟ فعلى الشخص تدوين ملاحظاته عن اليوم الذي أصابته فيه تلك الحالة من ناحية ودرجة الحرارة وهطول الأمطار، والمتابعة بتلك الطريقة حتى يتبين السبب. بإمكان بعض العادات الصحية والعلاجات غير الطبية إيقاف الصداع النصفي قبل أن يبدأ، ومنها: توفير البيئة الهادئة مثل الإضاءة الخافتة لأن الشخص المصاب بالصداع النصفي يكون لديه تحسس تجاه الضوء والأصوات، كما يفيد وضع الكمادات الباردة حول الرأس والعنق لتقليل الآلام، وتفيد أيضاً الكمادات الساخنة أو الحمام بالماء الساخن في ارتخاء العضلات؛ وتناول الكافيين بمقدار بسيط يساعد على القضاء على الصداع عندما يكون في بدايته، ويجب الانتباه لأن زيادة الكافيين تأتي بنتائج عكسية. يعتبر اضطراب النوم من أعراض الصداع النصفي، وفي الوقت نفسه يحفز اضطراب النوم الصداع النصفي، لذلك ينصح باتباع بعض الخطوات للحصول على النوم الكافي مثل تنظيم أوقات النوم واليقظة، من خلال تحديد وقت معين لكل منهما؛ وتوفير البيئة التي تجعل الشخص في حالة من الاسترخاء، والأخذ بالاعتبار أن بعض أنواع الأطعمة وكميتها، والتمارين الرياضية الشاقة، والمنبهات مثل الكافيين والنيكوتين؛ جميعها تؤثر سلباً في إمكانية النوم؛ وكذلك تجنب وضع التلفزيون بداخل غرفة النوم أو جلب متعلقات العمل؛ ومن ناحية أخرى فإن الإصرار على النوم على الرغم من عدم الشعور بالنعاس يتسبب في اضطراب عادات النوم وينصح بدلاً عن ذلك بقراءة كتاب أو القيام بعمل حتى تحدث الرغبة الأكيدة في النوم؛ ويكون أحياناً السبب في تأخر النوم ناتجاً عن خضوع الشخص لعلاجات تحتوي على الكافيين أو منبهات أخرى. تشكل العادات الغذائية أحد أسباب الإصابة بالصداع النصفي، ومن المهم تناول الوجبات في أوقات محددة لا يتم تجاوزها، كما يلعب نوع الطعام دوراً في الإصابة بالصداع النصفي، كما أن عدم تناول الوجبة أو تأخيرها، ربما يتسبب أيضاً في تحفيز الإصابة بالحالة؛ وتعتبر الكحول من المحفزات للصداع النصفي، وكذلك بعض الأطعمة والمشروبات، وربما يختلف الأمر من شخص إلى آخر؛ ومن تلك الأطعمة: الكافيين: يجب على الشخص الذي يعاني تلك الحالة مراعاة الكمية التي يتناولها من القهوة والمشروبات الأخرى التي تحتوي على الكافيين، وذلك لأن مادة الكافيين ــ على حسب ما ورد في دراسة أجريت عام 2009 ــ من المواد المؤثرة في بعض المستقبلات بالدماغ والتي ترتبط بالصداع النصفي، فيجب تخفيض الكمية إلى 226 أو 340 جرام؛ ومن ناحية أخرى فإن تناول كمية قليلة من الكافيين أثناء الشعور بالصداع النصفي يساعد على تخفيف الألم. الأجبان العتيقة القديمة: تحفز كثير من أنواع الأجبان الحالة، ومن المؤسف أنها من الأطعمة المحببة إلى كثر، ولا يعرف الباحثون سبباً بعينه ولكنهم يعزونه إلى وجود مركب بتلك الأجبان يسمى تيرامين ربما يكون يتفاعل مع الناقلات العصبية بالجسم ما يؤدي إلى الصداع النصفي. اللحوم المصنعة المقددة: تقول د. ربيكا تروب أخصائية الأمراض العصبية، إن اللحوم المصنعة كالنقانق مثلاً تحتوي على مادة حافظة تسمى نترات الصوديوم بإمكانها إحداث تغيير بكيمياء الدماغ فيشعر الشخص بالصداع النصفي. الأطعمة التي تحتوي على مادة مونوصوديوم جلوتامين: مثل الأطعمة المعبأة؛ وتوجد طبيعياً بالطماطم والأجبان وبعض مكونات تحلل البروتين النباتي؛ ومن المعروف أن تلك المادة ذات أثر سيء على المدى البعيد، لكونها تسبب السمنة ويعتقد أنها تسبب الصداع. الحمضيات: مازال هذا النوع من الأطعمة مثار الجدل لأن بعض الدراسات وجدت علاقة بينها وبين الصداع النصفي والبعض الآخر لم يتوصل إلى ذلك؛ وللتأكد من ذلك يمكن اتباع الطريقة المذكورة سابقاً في تدوين الملاحظات التي حدثت في يوم الإصابة بالصداع ومنها هل تناول الشخص في ذلك اليوم نوعاً من أنواع الفواكه الحمضية أم لا. أسبرتام: تقول لويس كليبانوف مختص الأعصاب بمركز أبحاث الصداع بكلية ويل كورنيل الطبية، إن تلك المادة أول أنواع الأطعمة التي يطلب من مرضاه إخراجها من نظامهم الغذائي؛ وهي مادة مُحلية يفوق مذاقها الحلو مذاق السكر بـ 200 مرة، وتعتبر من مسببات الصداع النصفي؛ وتستخدم في تحلية المياه الغازية كما يستخدمها مرضى السكري كبديل للسكر، وتوجد أيضاً بالأطعمة المعبأة، والمشروبات الجاهزة، وحبوب الإفطار، والبودينغ، والجلاتين، وكثير من الأطعمة الجاهزة الأخرى. البقوليات: تتهم الفاصوليا، والبازلاء، والعدس بأنهم من محفزات الصداع النصفي، وعلى العكس من ذلك تشير دراسة أخرى إلى أهمية الأطعمة النباتية في مكافحة الإصابة بالصداع عموماً؛ ووجدت دراسة أجريت عام 2014 نشرت نتائجها بمجلة هيديك آند باين، أن الأشخاص الذين طبقوا الحمية النباتية كان ألم نوبات الصداع لديهم أقل من تلك التي كانت تنتابهم خلال تناولهم نظاماً غذائياً متنوعاً، ومن المعروف أن الغذاء النباتي يحتوي على مضادات للالتهابات، ولكن يقول الباحثون إن السبب غير ذلك، وهو أن الأشخاص الذين طبقوا تلك الحمية فقدوا أوزاناً، لأن السمنة تلعب دوراً في الإصابة بالصداع النصفي. المكسرات: لم تحبذ بعض الدراسات هذا النوع من الأطعمة للذين يعانون الصداع النصفي، وتقول د. كليبانوف: أنصح الناس دائماً بمراقبة نظامهم الغذائي ولكن ليس لدرجة الهوس، فإذا كان الشخص في كل مرة يتناول فيها مقدار قبضة اليد من المكسرات يصاب بعدها بالصداع النصفي بنحو 4 إلى 12 ساعة، يكون حينها ذلك الطعام من محفزات الحالة لديه. الشوكولاتة: تحفز الصداع النصفي بطريق غير مباشر، لأن الرغبة في تناول الشوكولاتة من مؤشرات الإصابة به، وليس بسبب تناولها، ومع ذلك تقول د. لويس إنها ترى أن الشوكولاتة من ضمن قائمة المحفزات لتلك الحالة المرضية ويجب تناولها بحذر.
مشاركة :