شهر الله المحرم والتقويم البحريني لعام 1443هـ

  • 8/7/2021
  • 01:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

إنّ‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬قَدَّر‭ ‬في‭ ‬حكمه‭ ‬جرَيانَ‭ ‬الليل‭ ‬والنهار،‭ ‬وتعاقبَ‭ ‬الأيام‭ ‬والشهور‭ ‬والأعوام،‭ ‬وارتبطت‭ ‬الأشهر‭ ‬القمرية‭ ‬بعبادات‭ ‬المسلمين،‭ ‬واقتران‭ ‬تاريخهم‭ ‬بها،‭ ‬وأولُ‭ ‬الشهور‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬الهجري‭ ‬شهرُ‭ ‬الله‭ ‬المحرم‭ ‬الذي‭ ‬سُمِّي‭ ‬بذلك‭ ‬تأكيدًا‭ ‬لحرمته،‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬إِنَّ‭ ‬عِدَّةَ‭ ‬الشُّهُورِ‭ ‬عِندَ‭ ‬اللهِ‭ ‬اثْنَا‭ ‬عَشَرَ‭ ‬شَهْرًا‭ ‬فِي‭ ‬كِتَابِ‭ ‬الله‭ ‬يَوْمَ‭ ‬خَلَقَ‭ ‬السَّمَاوَاتِ‭ ‬وَالْأَرْضَ‭ ‬مِنْهَا‭ ‬أَرْبَعَةٌ‭ ‬حُرُمٌ‮»‬،‭ ‬ثلاثة‭ ‬منها‭ ‬متوالية‭: ‬ذو‭ ‬القعدة،‭ ‬وذو‭ ‬الحجة،‭ ‬والمحرَّم،‭ ‬وواحد‭ ‬منفصل‭ ‬عنها؛‭ ‬وهو‭ ‬شهر‭ ‬رجب،‭ ‬ويسمى‭ ‬رجب‭ ‬الفرد‭.‬ وشهر‭ ‬محرم‭ ‬وإنْ‭ ‬لم‭ ‬يُخَصَّ‭ ‬بفريضة‭ ‬من‭ ‬الفرائض‭ ‬إلا‭ ‬أنَّ‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬المكانة‭ ‬والمنزلة‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬منه‭ ‬فرصةً‭ ‬سانحةً‭ ‬للمنافسة‭ ‬في‭ ‬الخيرات،‭ ‬والمتاجرة‭ ‬مع‭ ‬الله‭ ‬تعالى،‭ ‬ومع‭ ‬هذه‭ ‬الشهر‭ ‬نَقِفُ‭ ‬بعض‭ ‬الوقفات‭:‬ الأولى‭: ‬إنه‭ ‬مَطلع‭ ‬العام،‭ ‬والمسلم‭ ‬دائمًا‭ ‬ما‭ ‬ينظر‭ ‬في‭ ‬عمله‭ ‬ويراجع‭ ‬نفسه،‭ ‬لينظرَ‭ ‬ما‭ ‬قدّم‭ ‬لغده،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬وأسبوع‭ ‬وشهر‭ ‬وعام؛‭ ‬ليجدِّدَ‭ ‬العهد‭ ‬مع‭ ‬ربه،‭ ‬ويتوبَ‭ ‬إليه،‭ ‬من‭ ‬دونَ‭ ‬الالتزام‭ ‬بعبادة‭ ‬معيَّنة،‭ ‬أو‭ ‬كلمات‭ ‬أو‭ ‬عبارات‭ ‬وجمل‭ ‬شائعة‭ ‬بين‭ ‬الناس؛‭ ‬درج‭ ‬بعضهم‭ ‬على‭ ‬تناقلها‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬العام،‭ ‬أو‭ ‬عند‭ ‬استقبال‭ ‬العام‭ ‬الجديد‭.‬ الثانية‭: ‬قول‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬فَلَا‭ ‬تَظْلِمُوا‭ ‬فِيهِنَّ‭ ‬أَنفُسَكُمْ‮»‬،‭ ‬قال‭ ‬قتادة‭: (‬العمل‭ ‬الصالح‭ ‬أعظم‭ ‬أجرًا‭ ‬في‭ ‬الأشهر‭ ‬الحرم،‭ ‬والظلم‭ ‬فيهنّ‭ ‬أعظم‭ ‬من‭ ‬الظلم‭ ‬فيما‭ ‬سواهنّ،‭ ‬وإنْ‭ ‬كان‭ ‬الظلم‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬حالٍ‭ ‬عظيمًا‭)‬،‭ ‬والظلم‭ ‬بجميع‭ ‬أنواعه‭ ‬وصوره‭ ‬عظيم‭ ‬ومُحَرم،‭ ‬وأعلاه‭ ‬الشرك‭ ‬بالله،‭ ‬ثم‭ ‬الابتداع‭ ‬في‭ ‬دينه،‭ ‬ومنه‭ ‬ظلم‭ ‬النفس‭ ‬في‭ ‬معصية‭ ‬المولى،‭ ‬وظلم‭ ‬الآخرين‭ ‬بأخذ‭ ‬حقوقهم‭.‬ الثالثة‭: ‬يشرع‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬الصيام،‭ ‬قال‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭: (‬أَفْضَلُ‭ ‬الصِّيامِ،‭ ‬بَعْدَ‭ ‬رَمَضانَ،‭ ‬شَهْرُ‭ ‬اللهِ‭ ‬المُحَرَّمُ،‭ ‬وأَفْضَلُ‭ ‬الصَّلاةِ،‭ ‬بَعْدَ‭ ‬الفَرِيضَةِ،‭ ‬صَلاةُ‭ ‬اللَّيْلِ‭)‬،‭ ‬والصيام‭ ‬عبادة‭ ‬جليلة،‭ ‬أجرها‭ ‬عظيم؛‭ ‬فقد‭ ‬ادخر‭ ‬الله‭ ‬جزاء‭ ‬عمل‭ ‬الصائم‭ ‬عنده‭ ‬ولا‭ ‬عدَّ‭ ‬للصيام،‭ ‬وعن‭ ‬أبي‭ ‬سعيد‭ ‬الخدري‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه‭ ‬قال‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭: (‬مَن‭ ‬صامَ‭ ‬يَوْمًا‭ ‬في‭ ‬سَبيلِ‭ ‬الله،‭ ‬بَعَّدَ‭ ‬اللهُ‭ ‬وجْهَهُ‭ ‬عَنِ‭ ‬النَّارِ‭ ‬سَبْعِينَ‭ ‬خَرِيفًا‭) ‬متفق‭ ‬عليه‭.‬ الرابعة‭: ‬يتأكد‭ ‬الصيام‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬التاسع‭ ‬والعاشر‭ ‬من‭ ‬الشهر‭ ‬المحرم؛‭ ‬قال‭ ‬عبدالله‭ ‬بن‭ ‬عباس‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنهما‭: (‬قَدِمَ‭ ‬النبيُّ‭ ‬صَلَّى‭ ‬اللهُ‭ ‬عليه‭ ‬وسلَّمَ‭ ‬المَدِينَةَ‭ ‬فَرَأَى‭ ‬اليَهُودَ‭ ‬تَصُومُ‭ ‬يَومَ‭ ‬عَاشُورَاءَ،‭ ‬فَقالَ‭: ‬ما‭ ‬هذا؟‭ ‬قالوا‭: ‬هذا‭ ‬يَوْمٌ‭ ‬صَالِحٌ،‭ ‬هذا‭ ‬يَوْمٌ‭ ‬نَجَّى‭ ‬الله‭ ‬بَنِي‭ ‬إسْرَائِيلَ‭ ‬مِن‭ ‬عَدُوِّهِمْ،‭ ‬فَصَامَهُ‭ ‬مُوسَى،‭ ‬قالَ‭: ‬فأنَا‭ ‬أحَقُّ‭ ‬بمُوسَى‭ ‬مِنكُمْ،‭ ‬فَصَامَهُ،‭ ‬وأَمَرَ‭ ‬بصِيَامِهِ‭)‬،‭ ‬وأما‭ ‬صيام‭ ‬التاسع‭ ‬فقد‭ ‬قال‭ ‬فيه‭ ‬النبي‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭: (‬لَئِنْ‭ ‬بَقِيتُ‭ ‬إلى‭ ‬قَابِلٍ‭ ‬لَأَصُومَنَّ‭ ‬التَّاسِعَ‭)‬،‭ ‬أي‭ ‬السنة‭ ‬التي‭ ‬تليها‭ ‬فلم‭ ‬يأتِ‭ ‬العام‭ ‬المقبل‭ ‬حتى‭ ‬تُوفِّي‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭.‬ ومما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬فضل‭ ‬صيام‭ ‬يوم‭ ‬عاشوراء‭: ‬قوله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭: (‬وَصِيَامُ‭ ‬يَومِ‭ ‬عَاشُورَاءَ،‭ ‬أَحْتَسِبُ‭ ‬علَى‭ ‬اللهِ‭ ‬أَنْ‭ ‬يُكَفِّرَ‭ ‬السَّنَةَ‭ ‬الَّتي‭ ‬قَبْلَهُ‭).‬ الخامسة‭: ‬قول‭ ‬اليهود‭: (‬هذا‭ ‬يَوْمٌ‭ ‬صَالِحٌ،‭ ‬هذا‭ ‬يَوْمٌ‭ ‬نَجَّى‭ ‬الله‭ ‬بَنِي‭ ‬إسْرَائِيلَ‭ ‬مِن‭ ‬عَدُوِّهِمْ‭)‬،‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬الصراع‭ ‬بين‭ ‬الحق‭ ‬والباطل،‭ ‬وابتلاء‭ ‬أهل‭ ‬الحق،‭ ‬وأن‭ ‬الله‭ ‬ناصر‭ ‬رسله‭ ‬وأوليائه،‭ ‬والعاقبة‭ ‬لهم‭.‬ السادسة‭: (‬فصامه‭ ‬موسى‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭) ‬فيه‭ ‬استشعار‭ ‬العبد‭ ‬نعمةَ‭ ‬الله‭ ‬عليه،‭ ‬وشكر‭ ‬الله‭ ‬له،‭ ‬بطاعته‭ ‬والتقرب‭ ‬إليه؛‭ ‬فالله‭ ‬واهب‭ ‬النَّعم،‭ ‬ودافع‭ ‬النِّقم،‭ ‬وقد‭ ‬كانت‭ ‬نجاة‭ ‬موسى‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭ ‬بمعجزةٍ‭ ‬خارقة؛‭ ‬شق‭ ‬له‭ ‬البحر‭ ‬وتجاوزه،‭ ‬وأغرق‭ ‬الله‭ ‬فرعون‭ ‬ومن‭ ‬معه‭.‬ السابعة‭: ‬قول‭ ‬النبي‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭: (‬فأنَا‭ ‬أحَقُّ‭ ‬بمُوسَى‭ ‬مِنكُمْ‭)‬،‭ ‬يؤكد‭ ‬أنّ‭ ‬الأنبياء‭ ‬الذين‭ ‬بعثهم‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬متفقون‭ ‬على‭ ‬تقرير‭ ‬العقيدة‭ ‬الصافية‭ ‬للناس،‭ ‬وإن‭ ‬اختلفت‭ ‬شرائعهم،‭ ‬ومن‭ ‬عقيدة‭ ‬المسلم‭ ‬توقير‭ ‬جميع‭ ‬الرسل‭ ‬وعدم‭ ‬التفريق‭ ‬بينهم؛‭ ‬ففي‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬أخوة‭ ‬الأنبياء،‭ ‬وذِكْر‭ ‬بعضهم‭ ‬لمواقف‭ ‬بعض،‭ ‬وأن‭ ‬الانتساب‭ ‬إلى‭ ‬الأنبياء‭ ‬إنما‭ ‬يكون‭ ‬بموافقتهم‭ ‬في‭ ‬مقاصدِهم،‭ ‬لا‭ ‬مُجَرَّد‭ ‬الادِّعاء‭.‬ إن‭ ‬محرم‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬سيشهد‭ ‬العمل‭ ‬بالتقويم‭ ‬البحريني‭ ‬لعام‭ ‬1443هـ‭ ‬وِفْق‭ ‬المعايير‭ ‬الشرعية‭ ‬والعلمية‭ ‬والفلكية‭ ‬لتحديد‭ ‬الأوقات‭ ‬الشرعية‭ ‬للصلوات‭ ‬والمناسبات‭ ‬الدينية،‭ ‬وذلك‭ ‬تنفيذًا‭ ‬للتوجيه‭ ‬الملكي‭ ‬السامي‭ ‬من‭ ‬لدن‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬المفدّى،‭ ‬وامتداداً‭ ‬للمنهجية‭ ‬التي‭ ‬وضعها‭ ‬علماء‭ ‬البحرين‭ ‬الأوائل‭ ‬التي‭ ‬وضع‭ ‬أصولها‭ ‬الحسابية‭ ‬والفلكية‭ ‬العلاَّمة‭ ‬السيد‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬الزواوي،‭ ‬وقد‭ ‬أولى‭ ‬عناية‭ ‬خاصة‭ ‬لموضوع‭ ‬ضبط‭ ‬مواقيت‭ ‬الصلوات‭ ‬والأشهر‭ ‬الهجرية‭ ‬بإشراف‭ ‬اللجنة‭ ‬العُليا‭ ‬للتقويم‭ ‬البحريني‭ ‬التي‭ ‬تضم‭ ‬عددًا‭ ‬من‭ ‬علماء‭ ‬الدين‭ ‬والفلكيين‭ ‬والمُختصّين‭ ‬من‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭.‬ إدارة‭ ‬الأوقاف‭ ‬السنية

مشاركة :