يكاد المراقبون أن يتفقوا أو بالأدق أن يفهموا أن أوراق الضغط وتجاذبات محادثات النووي بين ايران وواشنطن والمجموعة الأوروبية قد انتقلت بشكل محموم من طاولة التفاهمات إلى خليج عُمان وإلى البواخر الناقلة للنفط إلى موانئ العالم بما يؤشر أو يشي أن الفريقين لم يتردد أبدًا بمسألة الزج بأمن المنطقة واستقرارها في محادثاتٍ أشبه ما تكون بفصول مسرحية عبثيةٍ مملة وأحيانًا ساذجة في تفاصيلها المفتعلة التصعيد في لغة التهديد والوعيد بانسحاب أطرافها منها وغلق ملف المحادثات إلى الأبد. وهو تهديد يعرف الجانبان أنه تلويح وتهويش لكسب مزيدٍ من الوقت لاستثمار الحالة المتوترة التي اتضح أن توتيرها في النهاية هو لمصلحتها كلٌ وفق أجندته التي لا علاقة لها بالنووي أو محادثاته. ولعبة القط والفأر المفتعلة فوق البواخر وناقلات النفط الضخمة وسيناريوهات الخطف كما زعموا ومجهولية الخاطفين ووصول الأمريكيين وهروب الخاطفين بدت في السيناريو مثيرةً لسخرية المتابعين وتعليقات المراسلين والمراقبين الذين لم يستمروا في المتابعة وانسحبوا من مسرح الحدث. إيران كسبت وقتًا مريحًا للتنصيب واستثمرت مسرحية البواخر للإيحاء للشعب الايراني بأن «بلدهم مستهدف من الخارج وعليهم أن يكفوا عن التمرد والاحتجاج والتظاهرات» وأمريكا وجماعتها كسبت وقتًا للاستهلاك الإعلامي بالتهديد والإيحاء ايضًا بأنها «تدرس الرد» وهو الدرس الذي لن ينتهي إلا مع إسدال الستار على فصولٍ مملةٍ وعبثية ثم يعود الفرقاء إلى طاولة المفاوضات لاقتسام كعكة النووي ترفع رصيد رئيسي في ايران ورصيد بايدن في واشنطن في صراع الكراسي والمراسي. في عقيدة اوباما فيلسوف الحزب الديمقراطي الامريكي إن وجود ووصول «الاسلام السياسي» إلى الحكم واستلام السلطة في البلدان العربية والنامية عمومًا هو لمصلحة واشنطن في النهاية لأن «الاسلام السياسي» مستعد لعقد الصفقات والتفاهمات وإبرام الاتفاقيات السرية وفق منطق البقاء في السلطة فقط، لا تهمه التنازلات وهو القادر على التضليل بخطاباتٍ إيمانية كهنوتية تضمن ولاء «المؤمنين». كثيرون من أطراف الاسلام السياسي بشقيه اشتغلوا على هذه المسألة وكثير منهم مات بأسرارها وخباياها وخفايا صفقاتها وتفاهماتها. وهو ما يؤكد حاجة الطرفين لبعضهما بعضًا ولا بأس من خطابات التهديد والتشنج وحتى السباب والشتائم للتغرير بالقاعدة العريضة، ولا بأس من ابتداع ثنائية «الصقور والحمائم» في المسرحية التي لم تبدأ اليوم واستمرت لعقودٍ وعقود وبريطانيا العجوز لديها تفاصيل ومرويات وحكايات عن سلسلة طويلة من التفاهمات، ولو فتحت الملفات لسقطت كل أوهام العداء ولفهمنا لعبة صراع البواخر وحاملات النفط في خليج عمان التي بدت لغزًا. ولم يستمر اللغز لغزًا وسرعان ما سقطت أقنعة كل طرف، حينها فقط كفّ اللاعبون عن اللعبة وخلعوا قمصان المباراة غير المثيرة أبدًا ليخططوا ويتفقوا على لقاءٍ قريب في ملعب ليس ببعيد!!. ابراهيم رئيسي معروف ومعروفة توجهاته، وبايدن رئيس «صوري»، وفي أحسن الأحوال رئيس انتقالي لن يكمل فترته حسب تسريبات التقارير عن حالته الصحية غير الخافية طبعًا على من دفع به للترشح. إذن ثمة فصول أخرى قادمة لن ندعي حكمة التنبوء بها وقراءة الفنجان كما يفعل البعض ممن تستهويهم لعبة التنبؤات وقراءة الطالع، لكننا نقرأ المؤشرات ونجتهد في فهمها وندعو لمناقشتها وقراءتها بعمق تتعددى لفهم ما يجري في الكواليس.
مشاركة :