شغب الملاعب.. كيف السبيل لمحاربة سرطان الكرة المغربية؟

  • 10/19/2015
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

بعد موسم كروي طبع في ذاكرة المهتمين بالشأن الرياضي وعموم المغاربة لحظات أليمة صنعتها أحداث الشغب التي عكرت صفو كثير من المباريات، ورغم الإجراءات المشددة التي اعتمدتها السلطات الرياضية والأمنية، فإن شبح الشغب مازال يلوح في الأفق في بدايات الدوري المغربي الاحترافي. وحيث يتفق المتابعون لتطور الكرة المغربية على تحقق العديد من المكاسب بفضل اعتماد نظام الاحتراف في البطولة المحلية، سواء على صعيد المستوى الفني الذي عرف تحسنا ملحوظا، أو تطور البنيات التحتية للممارسة أًو تنمية موارد الأندية وغيرها، فإن الإجماع متحقق على أن شغب الملاعب يشكل " السرطان" الذي يهدد تطور الكرة ومتعتها وروحها التنافسية النبيلة في بلد يتنفس هذه الرياضة. ويبدو أن الحرب التي أعلنها الاتحاد المغربي للعبة والسلطات الأمنية على الظاهرة لن يكون من السهل ربحها، حيث لم يدخل الموسم دورته الثالثة حتى اندلعت أعمال عنف خارج البؤر التي طالما وقع التركيز عليها سالفا، ويتعلق الأمر بعمليات شغب أعقبت ديربي منطقة الشمال المغربي بين اتحاد طنجة الصاعد حديثا الى القسم الممتاز والمغرب التطواني. في ما يشبه رسالة قوية تجاه الظاهرة وتحميلها المسؤولية للأندية، بادرت اللجنة المركزية للتأديب والروح الرياضية في الاتحاد الى توقيع عقوبات مالية وتأديبية في حق فريق اتحاد طنجة الذي فرضت عليهخوض ثلاث مباريات بدون جمهور، فضلا عن أداء غرامة مالية على خلفية رشق الحكام بقنينات ومحاصرتهم داخل رقعة الملعب. وجاء في بلاغ الاتحاد أن الفريق الطنجي لم يحترم القرار القاضي بعدم السماح للقاصرين غير المرفوقين بأولياء أمرهم بولوج الملاعب. وشملت الاجراءات العقابية أيضا ناديين في القسم الثاني، قبل أن يعود الاتحاد أياما بعد ذلك ليعاقبفريق الوداد البيضاوي، بسبب استعمال جمهوره الشهب الاصطناعية، ليجبر على خوض مباراة واحدة دون جمهور. على مدى السنوات الأخيرة، يتواصل تشديد التدابير الوقائية والتعبئة الأمنية من أجل محاصرة أعمال الشغب، لكن لا وجود لقناعة حقيقية بأن القضاء على الظاهرة في المتناول، بينما يتم بين فينة وأخرى تبادل تحميل المسؤوليات عن الحوادث التي كثيرا ما تتجاوز نطاق الملعب لتشيع الفوضى في أحياء وشوارع المدن، وتؤدي الى اتلاف الممتلكات وسقوط ضحايا أحيانا. ويبدو الاتحاد المغربي للعبة مراهنا على هذا النوع من العقوبات لمحاربة الظاهرة في انسجام مع البعد الأمني والقضائي الذي تتولاه السلطات المختصة. ويقول مصدر مسؤول من ادارة الاتحاد لموقع CNN بالعربية، ان النادي هو المخاطب الرئيس وهو الذي يتحمل المسؤولية الأولى عما يحدث داخل الملعب. وتوعد باتخاذ عقوبات قاسية في حق الاندية كلما سجل عدم انضباط لدفتر التحملات الامني المتعلق أساسا بمنع دخول القاصرين أو استعمال الشهب الصناعية وكذا تأمين محيط الملعب. ولهذا سيكون توقيف الملاعب سلاحا مرعبا للنوادي التي تجد صعوبة في ضبط سلوك جماهيرها. ويتوفر المغرب منذ 2011 على قانون يجرم العنف المرتكب أثناء المباريات أو التظاهرات الرياضية أو بمناسبتها، وينص على عقوبات حبسية وغرامات في حق مرتكبيه. ويجرم القانون "كل من دخل أو حاول الدخول إلى ملعب رياضي وهو يحمل سلاحا أو مادة حارقة أو قابلة للاستعمال أو أية أداة أو مادة أخرى يمكن استعمالها في ارتكاب العنف"، وكل من "حاول الدخول وهو في حالة سكر أو تخدير أو يحمل مواد مسكرة أو مؤثرات عقلية". لكن بعض الفعاليات المنتمية الى جمعيات المناصرين تعتبر أن القانون جزء من المشكلة وليس جزءا من الحل. وباسم جمعية (أولترا عسكري) لفريق الجيش الملكي، الذي يلعب بالعاصمة، يعتبر مصدر قيادي أن عملية بلورة القانون استبعدت الفاعل الاساسي في العملية الرياضية وهو الجمهور الممثل في جمعيات المناصرين، لذلك جاء القانون بعيدا عن محيطه البشري المعني به مباشرة. ولاحظ هذا الناشط الجمعوي الرياضي في تصريح للموقع أن تنقل ظاهرة الشغب عبر العديد من الملاعب فند الاتهامات التي كانت توجه لجماهير بعينها، وخصوصا جمهور النادي العسكري، محذرا من وجود "خلايا نائمة" قابلة لتفجر أحداث عنف في مختلف الملاعب، مادام التواصل يظل "العنصر الغائب" عن تحرك السلطات الرياضية الوصية، في نظره. وأكد المصدر أن آفة الشغب مسؤولية مشتركة بين مختلف المتدخلين وأن المقاربة الأمنية لوحدها غير قادرة على القضاء على المشكل محملا المسؤولية الأولى للسلطات الوزارية الوصية التي لا تقوم في نظره بالعمليات التواصلية والتحسيسية الضرورية، وتكتفي بتقمص المنطق الأمني. كما ألقى باللوم على الاعلام الرياضي الذي يكتفي في نظره بالضغط من أجل تقوية الجانب الزجري بعد اندلاع أحداث الشغب وعلى مسؤولي الأندية الذين لا يتواصلون بالشكل الأمثل مع جماهيرهم. الفاعلان معا، من الاتحاد ومن جمعية المناصرين فضلا عدم ذكر اسميهما في تصريحهما للموقع مما يعكس حساسية مشكل يتبادل فيه المتدخلون المسؤولية. والحال أن عشاق كرة القدم في المغرب يتطلعون الى أجواء أكثر هدوءا وتنافسية نبيلة تحرر ذاكرتهم من صورة حمزة البقالي، الفتى الذي أدمى قلب أمه بعد أن قضى في حوادث شغب عبثية، ومن مأساة الرجل الأربعيني الذي توفي الموسم الماضي بعد إصابته بشهاب صناعي على يد مشجع قاصر. في لحظة طيش لا تمت للرياضة بصلة، روح أزهقت ومستقبل ضاع.

مشاركة :