بريطانيا ومحاربة الإرهاب.. نجاح خارجي وفشل داخلي

  • 10/19/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

لمشاهدة الجرافيك بالحجم الطبيعي اضغط هنا يبدو أن الساحة البريطانية باتت مفتوحة أمام إرهاب مستطير يقوده تنظيم داعش والجهات التابعة لها، وذلك إثر تصاعد التطرف داخل المملكة المتحدة بنحو غير مسبوق، ما أذكى المزيد من المخاوف بشأن ما إذا كان شبان يتجهون للتشدد داخل الجامعات البريطانية، فضلاً عن عودة المتطرفين التابعين للتنظيم إلى بريطانيا، ويؤكد البعض أن لندن تدفع ضريبة نجاحها خارجياً في محاربة التنظيم الذي يحاول الانتقام داخلياً. ويلاحظ أغلب المراقبين بأن قضية الإرهاب وتنامي التطرف تشكل ضغطاً كبيراً داخل المعترك البريطاني حالياً، حيث تسعى السلطات في المملكة المتحدة بصورة حثيثة إلى إيجاد أساليب واستراتيجيات جديدة لمكافحة الإرهاب، حيث أعلنت الحكومة البريطانية أواخر سبتمبر الماضي عن تمديد مشاركتها في عمليات التحالف الدولي ضد داعش في العراق وسوريا، وكان ذلك بمناسبة مرور عام على دخول بريطانيا في تحالف دولي من 62 دولة ضد داعش. نظام مراقبة وتقول وزارة الدفاع البريطانية، إنها نشرت طائرة سلاح الجو الملكي البريطاني من طراز سنتینل، وهي نظام المراقبة المحمول جواً الأكثر تقدماً من نوعه في العالم، والتي ستستمر في توفير المعلومات المهمة للقوات البريطانية وقوات التحالف لضرب أهداف داعش على الأرض عبر تحليقها في ثلاث مهمات أسبوعياً. وتقوم طائرات سلاح الجو الملكي البريطاني من طراز ريبر وإيرسيكر بـ30 في المئة من طلعات المراقبة الجوية للتحالف، كما قامت بريطانيا بتدريب 2000 مقاتل عراقي يقاتلون التنظيم في بلدهم، وتأخذ بريطانيا زمام المبادرة والقيادة في برنامج للتحالف الدولي يوفر التدريب والمعدات للمساعدة في الحد من التهديد الناجم عن العبوات الناسفة. وقدمت بريطانيا نصف مليون طن من ذخيرة الطلقات، العديد من الأسلحة، ألف جهاز لكشف العبوات الناسفة، وخمسين طناً من المساعدات غير الفتاكة، وقامت طائرات سلاح الجو بنقل وتسليم مئات الأطنان من المعدات التي قدمتها دول أخرى للحكومة العراقية والمعارضة المعتدلة في سوريا. وكشفت الناطقة باسم وزارة الخارجية البريطانية، فرح دخل الله، أن مشاركة بريطانيا في العمليات العسكرية تنفذها 8 طائرات تورنادو، وطائرات ريبر من دون طيار، وطائرات النقل من طراز سي 130، وطائرة فوياجر، الخاصة بتزويد الطائرات المقاتلة بالوقود جواً فرق تدريب وعن مستوى التدريب والدعم اللوجستي، أفادت دخل الله بأن الحكومة أرسلت فرق تدريب، تضمّ نحو 60 عسكرياً بريطانياً، لتدريب القوات الكردية، إلى جانب فرق تنسيق ملحقة بالحكومة العراقية وقواتها المسلّحة، لضمان تنسيق أوجه النشاط العسكري كافة بشكل مناسب. ونوهّت إلى تقديم لندن مساعدات غير عسكرية للمعارضة السياسية السورية، كما تسهم في برنامج لتدريب المعارضة المعتدلة عسكرياً، كي تتمكن من الدفاع عن المناطق التي تسيطر عليها بمواجهة اعتداءات تنظيم داعش. وشنت قوات المسلحة البريطانية أكثر من 300 ضربة جوية، كما بلغت طلعاتها الجوية ما يقارب ثلث طلعات المراقبة الجوية للتحالف، فضلاً عن تدريب ألفي مقاتل من القوات العراقية. استعادة 20% من الأراضي وتلعب بريطانيا دوراً بارز في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، وساعدت الحكومة العراقية في استعادة 25 في المئة من الأراضي التي سيطر عليها داعش، واسترجاع 200 كيلومتر مربع في الشمال، فضلاً عن استعادة مدينة تكريت في الوسط وعودة 100 ألف مواطن إليها، وإخراج التنظيم من محافظة ديالى في الشرق. في غضون ذلك، قال وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون: إن مواجهة وقتال تنظيم داعش الأولوية العملياتية القصوى لدينا، وبريطانيا تلعب دوراً حيوياً من أجل تحقيق ذلك، وأضاف: في عام 2014 كانت لدى داعش تقريباً حرية حركة كاملة في معظم أنحاء العراق، لكننا ساعدنا في وقف تقدم المتشددين واسترجاع ربع الأراضي التي سيطروا عليها. ورغم هذه المشاركة يعتقد عدد من الخبراء بأن بريطانيا غيرت موقفها من تنظيم داعش وأصبحت تؤمن بالخيار العسكري بعد مجزرة سوسة التي راح ضحيتها العديد من السائحين البريطانيين. وفي بداية 2014، كان الموقف مغايرًا بعض الشيء، حيث قال وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون، إن حكومة بلاده رفضت دعوة البرلمان إلى توسيع مشاركة لندن في عمليات التحالف الدولي ضد داعش، معلناً أن دور بريطانيا فيها كاف. وبعد مجزرة سوسة في تونس، أعطى رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون الضوء الأخضر للقوات الخاصة البريطانية ساس، لشن عمليات تصفية لقيادات داعش الإرهابي بسوريا والعراق. وحينها قال كاميرون: في ظل تزايد الخطر إزاء التهديد المباشر لبريطانيا، أعطيت القوات البريطانية الخاصة، تفويضًا مطلقًا لقتل أو اعتقال زعماء التنظيم الإرهابي، بما في ذلك العقل المدبر وراء المجزرة التي وقعت في منتجع سوسة بتونس، وراح ضحيتها العديد من السائحين البريطانيين. فشل في الداخل وفي اعتراف ضمني للمملكة المتحدة بفشلها على السيطرة على مصادر التمويل للتنظيم، قال الناطق باسم الحكومة البريطانية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إدوين سامويل، إن داعش قد حصّل ما يقارب نصف مليار دولار عبر استغلاله البنوك في 2014، ونصف مليار دولار أخرى من تجارة النفط، ويواصل جمع الأموال لتمويل عملياته، حيث تشير المعلومات التي أدلى بها فريق المراقبين التابع للأمم المتحدة إلى أنه لا يزال بإمكان داعش الحصول على مئات ملايين الدولارات في 2015، والتي قد يجنيها من المتاجرة بالنفط، بمبلغ يقدر ما بين 250 ألف دولار و 1.5 مليون دولار لليوم الواحد، نتيجة مبيعات نفطية، ومن النهب والسلب بمقدار 100 400 مليون خلال هذه السنة، إضافة إلى منح تأتي من الخارج مقدارها 5 ملايين دولار على الأقل. وما أكد هذا الفشل هو ما تحدثت عنه صحيفة صاندي تايمز البريطانية أن مقاتلاً داعشياً تمكن من تهريب أكثر من مليون جنيه استرليني (1.6 مليون دولار) من أموال دافعي الضرائب في بريطانيا لتمويل انضمامه إلى تنظيم داعش في سوريا والقتال في صفوفه. والرجل الذي يدعى جمال الحارث كان معتقلاً في سجن غوانتانامو الأميركي، وحصل على تعويض من الحكومة البريطانية بقيمة مليون جنيه استرليني بعد أن غادر السجن، حيث اتهم جهاز الاستخبارات البريطاني في ذلك الحين بأنه تواطأ من أجل تسليمه للقوات الأميركية التي انتهكت حقوقه واحتجزته دون وجه حق في غوانتانامو قبل أن تطلق سراحه دون أية تهمة أو جريمة، حيث حصل الحارث أخيراً على حكم قضائي بتعويض مالي قيمته مليون جنيه استرليني. وفي فشل واضح للأمن البريطاني، تمكن الحارث من المرور بالمطار ومن ثم الوصول لداعش في العراق وتمويلهم بمليون جنية استرليني. استطلاعات وما زاد التشكيك في نجاح مكافحة داعش في الداخل البريطاني هي النتائج المرعبة وغير المتوقعة التي نشرتها الصحافة البريطانية، لاستطلاع رأي البريطانيين بما يتعلق بتنظيم داعش في العراق، حيث تبين أن واحداً من بين كل سبعة بريطانيين من فئة الشباب البالغين يتعاطفون مع التنظيم، وتبين من الاستطلاع الذي نشرت نتائجه جريدة تايمز البريطانية أن داعش يحظى بتعاطف في أوساط الشباب البالغين ممن هم دون الـ35 عاماً، وأن واحداً من بين كل عشرة شباب في لندن يتعاطف مع التنظيم، أما في اسكتلندا فإن النسبة تنخفض إلى واحد من بين كل 12 شاباً. أموال قذرة كشف تقرير رسمي بريطاني أن لندن تحتل إلى جانب مرتبتها الأولى بين العواصم المالية العالمية، المرتبة الأولى أيضاً باعتبارها عاصمة الأموال القذرة المتأتية من التهريب وتبييض الأموال غير الشرعية، بما فيها أموال الإرهاب، وفق ما نقلت صحيفة لوفيغارو الفرنسية. ويكشف التقرير الأول من نوعه الذي أعدته لجنة مشتركة بين وزارتي الداخلية والمالية، حجم التغاضي الذي تتميز به السلطات المالية والبنكية البريطانية، عن الأنشطة غير المشروعة التي تضخ أموالها في الدورة المالية البريطانية بسهولة مثيرة للقلق. وقال التقرير إن الجريمة المالية وجدت طريقها إلى لندن بالتوازي مع العمليات القانونية الشرعية والشفافة، بالاعتماد على ما يُتيحه حجم وتعقيد القطاع المالي البريطاني من فرص، بما يُعرضه بيسر وبسهولة للوقوع في فخ المشاركة في هذه الجرائم، وذلك بغسيل وتدوير أموال قذرة في الاقتصاد البريطاني ودورته المالية تتراوح بين 23 و57 مليار جنيه استرليني (37 و92 مليار دولار) سنوياً، وفق دراسات لمنظمات غير حكومية.

مشاركة :