نظرة إلى ما وراء ضباب أسعار الفائدة الأمريكية

  • 10/19/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

ربما يتذكر القراء أن أقل من شهر مضى حتى الآن منذ أن خصصت "فاينانشيال تايمز" أسبوعا لسلسلة تحت اسم "عندما ترتفع أسعار الفائدة". تحركت الأمور منذ ذلك الحين. وقرر الاحتياطي الفيدرالي عدم رفع أسعار الفائدة، كما كان متوقعا على نطاق واسع، الشهر الماضي. وبعد تصريحات من مختلف محافظي الاحتياطي الفيدرالي في الأسبوع الماضي، بدأت الأسواق تسأل أسئلة جديدة. ربما سلسلتنا التالية يجب أن تكون بعنوان: "ماذا لو لم ترتفع أسعار الفائدة أبدا؟". بالتالي إليكم محاولتي لشرح لماذا هذا هو السؤال المهم الآن، والإجابة عنه. يواجه المستثمرون هذا السؤال الجديد لأن محافظي الاحتياطي الفيدرالي أنفسهم يسألونه فيما يبدو. كانت جانيت ييلين، رئيسة الاحتياطي الفيدرالي، تقول إن رفع أسعار الفائدة لا يزال خيارا واردا في اجتماع كانون الأول (ديسمبر). لذلك القرارات المنفصلة الأسبوع الماضي من قبل اثنين من المحافظين وقولهم علنا إن لديهم تحفظات بشأن التحرك في هذا الاتجاه، والإعراب عن اعتقادهم أن من الأفضل الانتظار حتى يظهر دليل واضح على الارتفاع في معدل التضخم قبل اتخاذ القرار، كان لها تأثير كبير في معنويات السوق. بحلول منتصف الأسبوع، العقود الآجلة على أسعار الفائدة على ودائع المصارف لدى الاحتياطي الفيدرالي - التي كانت تضع الرهانات على الحركات المستقبلية في أسعار الفائدة - أشارت إلى أن هناك فرصة بنسبة تقل عن 50 في المائة لأن ترتفع أسعار الفائدة أعلى من صفر بعد الاجتماع المقرر عقده في آذار (مارس) من العام المقبل. واعتبارا من بداية هذا العام، هذا أصبح مؤكدا بنسبة 99 في المائة. الثرثرة بين المطلعين تتحول من محاولة معرفة تاريخ رفع أسعار الفائدة إلى معرفة ما هي التدابير النقدية الجديدة التي قد تكون متاحة أمام الاحتياطي الفيدرالي لتطبيق مزيد من التحفيز. هل سيكون هذا برنامجا لشراء السندات "الجولة الرابعة من برنامج التسهيل الكمي"، أم طريقة أخرى لطباعة المال؟ ما التأثير الذي ينبغي أن تحدثه أسعار الفائدة البالغة صفرا لفترة طويلة على تخصيص أصولك؟ أولا، لنلاحظ أنه إذا كانت أسعار الفائدة ستبقى منخفضة جدا، هذا يعني أن الانكماش ينتشر - وهي عملية بدأت مع تباطؤ الاقتصاد في الصين وانخفاض أسعار السلع الأساسية. في مثل هذه البيئة الانكماشية من المنطقي شراء سندات الدخل الثابت بأطول أجل ممكن، لأنها الأكثر حساسية للارتفاعات في أسعار الفائدة. سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشرة أعوام التي هي بالكاد تحقق الآن عوائد بنسبة 2 في المائة، تعتبر جذابة وسط الانكماش، وكذلك السندات الأخرى الأطول أجلا. مع بقاء أسعار الفائدة منخفضة، فإن الخوف من حدوث انهيار في سوق سندات الخزانة الأمريكية الذي يقوده انخفاض السيولة، بدأ يتبدد. الشيء نفسه ينطبق، بدرجة أقل، على سندات الشركات في الأسواق الناشئة التي انتشرت منذ الأزمة. المخاوف بشأن هذا الأمر كانت جزءا كبيرا من قرار الاحتياطي الفيدرالي عدم رفع أسعار الفائدة الشهر الماضي، التي في الواقع ستبقى تحت السيطرة بسبب استمرار انخفاض أسعار الفائدة. عملات الأسواق الناشئة انتعشت إلى حد ما في الآونة الأخيرة. لكن البيئة الانكماشية من شأنها أن تبقي الضغط الهبوطي على أسعار السلع الأساسية، وبالتالي الحفاظ على الضغط الهبوطي على كثير من الاقتصادات الناشئة. وهذا أيضا لن يكون وقتا مناسبا لإعادة الدخول في المعادن أو النفط. أما بالنسبة للأسهم، فالصورة أكثر تعقيدا. في الولايات المتحدة، أظهر مؤشر ستاندرد آند بورز 500 كثيرا من الدلائل على التحول نحو سوق هابطة خلال العام الماضي. هذا على الأقل كان جزئيا بسبب الخوف من رفع أسعار الفائدة. أسعار الفائدة المنخفضة على السندات ستستمر في جعل تقييمات الأسهم مغرية وتوفر حافزا للمستثمرين لاتخاذ مخاطر أكبر. الأمل في بقاء أسعار الفائدة منخفضة ساعد مؤشر ستاندرد آند بورز على زيادة انتعاشه بعد تصحيح آب (أغسطس). لكن الانكماش يهاجم عائدات الشركات وقوة تسعيرها. وشهدت الأيام الأولى من موسم الأرباح للربع الثالث، كثيرا من الشركات تعلن عائدات منخفضة ومخيبة للآمال. وتبقى هوامش الربح مرتفعة بفضل تخفيض التكاليف، لكن العائدات الضعيفة تعتبر بمثابة عائق للأسهم. ويستمر خطر أن يصاب المستثمرون في مرحلة ما باليأس من السياسة النقدية وقدرتها على التأثير في الأمور - وهذا سيكون أمرا سيئا بالنسبة للأسهم. لذلك بدلا من التخطيط لارتفاع عشوائي مستمر في الأسهم الأمريكية، ربما من الأفضل التركيز على تلك التي يمكن أن تظهر بعضا من قوة التسعير المستدامة، وعلى تلك التي تدفع عوائد لائقة. ماذا عن الدولار؟ كان آخذا في الضعف، وهذا أمر منطقي. الدولار القوي كان مدفوعا من التباعد المتصور بين البنوك المركزية؛ كان يبدو من المرجح أن الاحتياطي الفيدرالي سيشدد السياسة، في حين غيره من البنوك المركزية الكبيرة كانت تخفف سياستها ـ وأسعار الفائدة الأمريكية الأعلى من شأنها جذب الأموال إلى الولايات المتحدة. لكن هذا لا يمكن أن يؤخذ إلى مسافة بعيدة فوق الحد. إذا لم يرفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة، فهذا سيكون بسبب الانكماش. البنوك المركزية في الأسواق الناشئة ربما تخفيف السياسة النقدية في هذه الظروف، والبنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان، اللذان لا يريد أي منهما رؤية عملته ترتفع مقابل الدولار، قد يلجآن إلى مزيد من التحفيز قبل الاحتياطي الفيدرالي. لذلك بعد بعض الانقطاع والتوقف، من المرجح أن يواصل الدولار ارتفاعه. هذه هي الحال، على الأقل، إذا أبقى الاحتياطي الفيدرالي فعلا على أسعار الفائدة الحالية. الآن، لنشاهد البيانات، ولنستمع إلى محافظي الاحتياطي الفيدرالي، ولنشاهد ما إذا كانت المعنويات يمكن أن تتحول مرة أخرى قبل نهاية العام الحالي.

مشاركة :